المنشورات

مقامة الطاعة

يا أبا القاسم تبتلْ إلى اللهِ وخَلِّ ذكرَ الخصرِ المَبتلْ ورتّل القرآنَ وعَدِّ عنْ صفةِ الثغرِ المرَتل. أدِرْ عينيكَ في وجوهِ الصَّلاحِ لتعلقَ أصلحَها. لا في وجوهِ الملاحِ لتعشقَ أصبحها. وابكِ على ما مضى في غيرِ طاعةِ اللهِ من شبابكَ. ودَعِ البكاءَ على الظاعنينَ منْ أحبابِك. وعليكَ بآثارِ منَ قبلكَ ممّن تعزَّزَ بالبُروجِ المشيدَة واعتصمَ بالصُّروحِ الممرَّدة. وتجبرَ في القصورِ المنجدَة. ثمَّ خرجَ من الدُّنيا راغِماً لم يُنجه منَ الإذعان لمذلّة الخروج. تّعززهُ بالبروج. ولمْ ينقذه من قابض الروح. اعتصامه بالصروح ولم يخلِّصْهُ من الاستكانة في القبور. تجبرُهُ في القصور. قف على أطلالها بالتّأوه والاستعبارْ ولا يكونَنَّ تأوٌّهُك واستعبارُكَ إلاَّ للتذكر والاعتبار. ولا تستوقف الركبَ في أوطان سلمَى ومنازل سُعدىَ مُقترِحاً عليهم أن يُساعدوكَ بالقلوبِ والعُيون. ويساعفوك ببذلِ ذخائرِ الشؤون. متردِّداً في العِراصِ والملاعبْ. متلدِّداً في مساحبِ أذيالِ الكواعبْ. تقولُ أينَ أيامُنا بحزُوى ومَن لنا بليالي العقيقِ واللِّوى. حسبُكَ ما أوضعتَ من مطايا الجهلِ في سبُلِ الهوى. وما سيرَتْ من ركابِ الضَّلالِ في ثنيّاتِ الصبا. مالكَ لا تحُلُّ عنها أحمالَك. ولا تحُطُّ عنْ ظُهورِها أثقالَك. ألقِ حِبالها على غَواربها. واضرِبْ في وُجوهِهِا تطرْ إلى مساربها. 
وأدإبْ نفسَكَ في سُبُلِ اللهِ فطالما أرحتَها على مضاجعِ الشيطان. وأحمضِها فقد حانَ لها أن تْسأمَ من خُلةِ العِصيان.











مصادر و المراجع :

١- مقامات الزمخشري

المؤلف: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538هـ)

الناشر: المطبعة العباسية، شارع كلوت بك - مصر

الطبعة: الأولى، 1312 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید