المنشورات

مقامة المنذر

يا أبا القاسم فيئتُك إلى اللهِ من صُنعه وفضلهِ الغامر. فهنيئاً مريئاً غيرَ داءٍ مخامر. لقد رآكَ عن سواءِ المنهج زائغاً وعنْ مَنْ يحوشُك على الحقِ الأبلجِ رائغاً هائماً على وجهِكَ راكباً رأسكْ راكضاً في تيهِ الغَيّ رواحلِكَ وأفراسَك. بطّالاً مُبطلاً قد أصرَرْتَ إصراراً. وإن أعلنَ لك النّاصحُ أو أسرُّ إسراراً. تنقضي عنكَ شهورُ سنتكِ. وأنتَ غارِزٌ رأسكَ في سِنتكْ. لا تشعرُ بإنصافٍ لهنَّ ولا سرار، ولا تحس أتحتَ أهِلّةٍ أنتَ أمْ أقمار. تستن في الباطلِ استنان المُهرِ الأرِن ما كل رائضٍ لشماسِكَ بمقرِنْ. فرماكَ عرَنُ قدرتهِ بسهمٍ منْ سهامهِ ليقفَك وعضَّكَ بمغمزٍ من بلائهِ ليثقّفك ومسّكَ بضُرٍ أن عَرَّى عظامكَ وأنحفَك. فأيَّ دثارٍ من صحةِ اليقينِ ألحفَك. كذلك الدَّواءُ الإلهي النافع. والشفاءُ السماوي النّاجع. فيما وسع كل شيءٍ من رحمتهِ.
ولا يُعدُّ ولا يحصى من نعمتهِ. لئنْ ظللتَ أيامَ الغابرِ من عمركَ صائماً. وبتَّ لياليهُ قائماً لتشكرَ ما أطلقَ لكَ من هذهِ اليدِ البيضاءُ. وخوَّلكَ منْ هذهِ النعمةِ الخضراءِ لبقيتَ تحتَ قطرةٍ من بحرِها غريقاً في التيّار وتحتَ حصاةٍ من طَودِها مرضوضَ الفقار.
أصحّكَ بالعلُّةِ المُضنيةِ ... قضاءٌ تُرَدُّ له الأقضية.
فسُبحانَ مَنْ جعلَ الدَّاءَ في ... تماديهِ أشفى مِنَ الأدويةْ.
ألا إنها نعمةٌ لو جرَتْ ... لسَالتْ بأيسرِها أودية.










مصادر و المراجع :

١- مقامات الزمخشري

المؤلف: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538هـ)

الناشر: المطبعة العباسية، شارع كلوت بك - مصر

الطبعة: الأولى، 1312 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید