المنشورات

مقامة الولاية

يا أبا القاسم تأمّلْ بيتَ النّاظمِ:
تودُّ عَدُوِّي ثمَّ تزْعَمُ أنّني ... صديقكَ ليس النوكُ عنك بعازِبِ.
وتبصرْ كيف حَدَّ لك المصافاةَ بحدِّها. ودلّكَ عل هزلِ المودِّة وجدِّها وفهمَك أنَّ صفيِكَ من كانَ لكَ على ما ترضى وتسخَطُ وفقاً وفي جميعِ ما تهوى وتمقُتُ لِفقا. فيصفو لمَنْ يُعاضِدُكَ ويُصافيك ويكدرُ على كلِّ من يعاديكَ ويُنافيك وأنَّ مُوادَّ مُتضادِّكَ. مُحادُّك وليس بموادِّكَ وعلمكَ أنَّ منِ ادَّعى مِقةَ أخيهِ وهوَ يركنُ إلى ماقتهْ. فقد سجّلَ بسفَههِ وحماقته حيثُ صرَّحَ بأنَّ النّوكَ عنهُ ليسَ بعازِبْ ونصَّ له أنّهُ ضربةُ لازِبْ ثمَّ انظرْ في أيِّ منزلةٍ منَ اللهَ يراك. وبأيِّ صفةٍ يصفُكَ مِنْ ذَراك إن واليتَ مَن ليسَ لربِّك لِوليّ أو صافيتَ من ليسَ للأولياءِ بصفي. إن صحَّ أنّكَ عبدٌ محبٌ لربّهِ فلا تُشعِرْ قلبكَ إلا محبّةً محبّه. مَن لم يُوالي اللهَ ومواليهِ فلا تَطُرْ حَراه ولا تُنِخْ راحلتِكَ في ذَراه. وإيّاكَ أن تتناظَر داراكُما أوْ تتراءى ناركُما واستحي منَ اللهِ وقلبُكَ قلبُه وكُلكَ فهوَ فاطرُه وربه أن تشغَلَ بمقةِ مَن شَغَلَ بمقتهِ قلبَهُ قلبَك وأنْ تعكُفَ على مُوادَّةِ من عكفَ على محادَّته لُبهُ لُبك وإن كانَ الصِّنوَ الشقيق والعمَّ الشقيق والأبَ البار والأخَ السّار وإنِ استطعتَ أن لا تُظلِكُما سماءٌ فاحرِص. وأن لا تقلِكُما أرضٌ فافترِص وليكُن منكَ على بالٍ ما نَقَمَ اللهُ من حاطِب وما كادَ يقعُ بهِ منَ المعاطِب.












مصادر و المراجع :

١- مقامات الزمخشري

المؤلف: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538هـ)

الناشر: المطبعة العباسية، شارع كلوت بك - مصر

الطبعة: الأولى، 1312 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید