المنشورات

مقامة التماسك

يا أبا القاسم إنَّ رِدَاءَ الوَقارِ وَالحِلْمْ. أزْيَنُ ما تَعَطّفَ بهِ ذُو العِلْمْ فَتَحَلّمْ وتَوَقّرْ وإنْ لَمْ يُكُونا مِنْ جدائلكْ وتَعَلّمْهُما إنْ عُدمِا في شَمائِلِكْ. أوَّلُ ما يُسْتَدَلُ بهِ على عَقْلِ الرَّجُلِ أنْ تَتَنَاسَبَ حَرَكاتُهُ وَسَكنَاتُهْ. وَأنْ تُحْمَد في مَوَاطِنِ الطيّشِ وَالنّزَقِ طُمَأْنينَتُهُ وَأناتُهْ. فبَاشِرْ أكْثَرَ الأمُورِ بِالتأَنّي والأوْنْ وإذا مَشَيْتَ على الأرْضِ فامْشِ باِلْهَوْنْ ولا تَكُنْ مُطَارَ القَلْبِ وَإنْ لُقِيْتَ بِمُبْهِجْ وَلا مَحْلُولَ الحبُوَةِ وإنْ رُمِيتَ بُمزْعِجْ، وكُنْ رَبِيطَ الجاشِ دُونَ الطّوَارِقِ وَلا تُهَلْ. وَتَلقّهَا بَيِّنَ التّماسُكِ وَلا تنهَلْ. رَزيناً لا تَحْمِلُكَ خِيْفَةٌ على خِفّهْ. شَبِيه جَبَلٍ لا تَهُزُّ منَاكبَهُ رَجْفَهْ. الأرَيبُ لا يَحْمِلُ على رَقَبِتهِ رَأسَ نَزِقٍ طَيّاشْ. وَلا بَينَ جَنَبيهِ صَدْرَ حَنِقٍ كَمِرْجَلٍ جَيّاشْ. عَلَيْكَ بِالْكَظمْ وإنْ شُجِيْتَ بِالْعَظمْ إنْ هَفَا أخُوكَ فَعَاتِبْهُ بالإغْضاءْ. وإنْ أسْخَطَكَ فَعَاقِبْهُ بالإرضَاءْ وإنِ اسْتُطيرَ صاحُبكَ وثارَ ثائِرُهْ فَوَلِّهِ مِنْكَ ساكِناً طائِرُهْ إنَّ ضِرَامَ الغَضَبْ أشَد مِنْ ضِرَامِ اللهَبْ فَخَفْ على نفسِكَ ثَقُوبَ شهابِهْ. واتّقِ السّاطعَ مِنَ اتِقادِهِ والتْهابِهْ. وَلا تَزَلْ بشُواظِهِ حَتّى يَنْطفِي. وَبِضِرَامِهِ إلى أن يَنْتفِي. ولَنْ يُطْفَأ بمِثْلِ حِلْمٍ يُرَاقُ على جَوَانِبِهْ. وَعَفْوٍ تُفْرَغُ سِجالهُ على ذَوائِبِهْ.









مصادر و المراجع :

١- مقامات الزمخشري

المؤلف: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538هـ)

الناشر: المطبعة العباسية، شارع كلوت بك - مصر

الطبعة: الأولى، 1312 هـ


تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید