المنشورات

مقامة أيام العرب

يا أبا القاسم استَنْكِفْ أنْ تشترِيَ المتَاعَ القَليلَ الفْانِيَ بالمُلكِ الكَبيرِ والنعيمِ الخالِدْ، فَقد استنكفَ أنْ يدفعَ ابنَهُ عُتبةَ بحُصَيْنِ بنُ ضِرَارٍ شُتَيْرُ بنُ خَالدْ، وقَدْ عُرِضَتْ عليهِ ثلاثٌ وقيلَ لَهُ اخْتَرْ، فلمْ يرضَ إلا أن يُعطيَ أعوَرْ بأعوَرْ، وَلا تَجْعلِ الدُّنْيَا لكَ مُونِسَهْ، فإنها لا أمَّ لكَ مُومِسَهْ، تجُرُّ على طالبهَا من جهدِ البَلاءْ، ما جَرَّتْهُ أسْماءُ على رَاكب الشّيْمَاءْ، وعلى هَاشمٍ وَدُرَيْدِ ابْنَيْ حَرْمَلَةْ. مِنْ وَقْعَ السِّنَانِ وَنفُوُذِ المِعْبَلَهْ، إنَّ لَكَ أجَلاً مَكتوباً لن تعدُوَهْ. وَأمَداً مَضروباً لَنْ تَخْطُوَهُ، وَلا يدفعُ عَنْكَ عَمْروٌ وَلا زَيْدْ، وَلا يُجْدِي عَلَيْكَ مَكْرٌ وَلا كَيْدٌ، وهلْ أغْنى يومَ البَطْنِ عنْ عِلْبَاءَ الجُشَميّ، مَضْغُ إبْهَامِ ابْنِ خَارِجَةَ الجَرْمّي، بلْ أصَابَهُ ما أصابَ دُفَافَةَ بْنِِ هوذةَ بنِ شِماسْ. مِنْ عَضْبٍ أصابَ فَفَلقَ سَوَاءَ الرَّاسْ، وَرُبما اقتْحَم اَلرَّجٌلُ الغِمَارْ، وَرَكِبَ الأخطارْ ثُمَّ نَجاَ مَنهَا بمُهجَةٍ سَليمَة، ْ كأنّما مَرَّ ذاَكَ برَأسِ ظبيٍ بالصّريمَهْ. ولعلّهْ بضلَغكَ ما أصابَ دَرُيداً يَوْمَ اللوَّى. وكيفَ رَشَقَهُ الموتُ منْ كَثَبٍ ثُمَّ أشوَى ومَا اقدَمَ عليهش مِنْ شَدِّها وَتَشنِيجِها، وَكَشفِ مَيتَةِ الزَّهدَمَينِ ذَاكَ وتَفريِجِها، وَمَا نَفّسَ عَنهُ بَعدَ احتقَانِ الدَّمْ، مِنْ طَعنَةٍ أهْوَى بها كَرْدَمْ، وَإيّاكَ وَالإباءَ إذا نُصحتْ، وَالشِمَاسَ إذَا استُصْلِحتْ فلوْ أطَاعَ ذُو الأسْمَاءِ الثلاثَةِ وَالكُنَى الثلاثِ صِنْوَهْ لما تنازَعتْ ضِبَاعُ بني غَطَفَانَ شِلَوَهْ، وَلَوْ أطَاعَ بِشْرُ بْنُ عَمْروٍ بْنِ مَرْثَدٍ ذَا الكَفْ الأشَلْ، لَمَا حَلّ بهِ وبعَلقَمَة وَحَسّانَ وشُرحبِيل ما حَلْ، احتَطْ في أمُورِكَ فلوِ احتَاطَ حِمرانُ بنُ ثَعلَبَةَ لَمْ يَنطَلقْ مَع أسيريهِ اللَّدَانْ وبشرُ بْنُ حَجْوانَ لَمْ يَلْقَ ما لَقِيَ بِقُصْوانْ، حينَ أقْبَلَ على عَضِّ الإبْهامْ، ولَم يُغْنِ عنْهُ يا لعجْلٍ ويا لهَمّامْ. إيّاكَ والغَدْرة فإنّها شَنيِعةُ الكُنْيَةِ والاسْمْ، قَبيحةُ الأثَرِ والرسمْ، ولا تنسَ ما فعل بأحدِ الصَّمَتيْنِ مالِكْ، وما دفعتْهُ إليْهِ منْ رُكُوبِ المهالِكْ، حين مَنَّ عليهِ الجَعْدْ، ثُمَّ غدر بهِ مالِكٌ منْ بعْدْ. لا جَرم أنَّ أبَا مَرْحبْ لمْ يُحَيِّهِ بِأهْلاً ولا مَرْحَبْ، بَلْ حَيّاهُ بأبَيض ذيِ شُطَبْ، أوْردهُ حِيَاض هُلْكٍ وعَطَبْ. كُنْ فيِ حمَايَةِ حَقيقةِ دِينكْ، والذَّبِّ عنها بسيفِك ويَمينِكْ. أحْمَى مِنْ ربِيعَة بْنِ مُكَدَّمٍ أخي بَنيِ فِراسْ، ذاك اللّيْثُ الهَزَّامُ الغَرَّاسْ، حَمَى الظعَائِن وهُو طَعينُ اليُمْنَى فيِ مَأبِضهْ، مَشْغُولُ الكَفِّ عَنِ السّيْفِ ومقْبِضِهْ، حَماهَا وطَعْنَتُهُ رشّاشَهْ، وبعد أنْ لمْ تَبْق لَهُ حُشَاشَهْ، إلى أن بَلَغَتِ المَأمَن ونجَتْ، ولَمْ تَنَلْ منها بَنوُ سُلَيْمٍ ما رجَتْ، أغِثْ مَنِ استَغَاث بِك وإنْ كَان أعدى عِداكْ، وأذْرَعهُمْ سَعْياً في رَدَاكْ، وأبْغِضْ ما فَعَلَهُ فَتَيَا هُذَيْلٍ بعَمْرو بْنِ عاصَيهْ، وَلَوْ شاءَ لمَنّأ عليْه وَجَزَّا الناصيّةْ، لكِنّهُمَا لَمْ يَفْعَلا رَغْبَةً بأنْفُسِهِمَا عَنْ بُعْدِ الهِمَمْ، وَمُعَاصَاةً لأوَامِرِ العَطْفِ والكَرَمْ، بَلْ حَرَماهُ ما يُفْئأُ بِهِ اللهَاثْ. وَقَدِ استْغَاثَ بِسَقيْهِ فأبَيَا أنْ يُغَاثْ، فَتَعَاوَرَاهُ بِأسيَافِهمِا وَهُوَ يَلهثُ حَرَّهْ، وما كان ذلكَ منهُمَا بفعْلِ ابْنَيْ حُرَّهْ، اتّقِ مُضَارَّة عَشيرَتِكْ، وَمُمَاظّةَ جيرَتِكْ وَسِرْ فيِهمْ بأحسَنِ سيرتَكْ، فَلَوْلا أنَّ بَني تَميمٍ كانُوا أعقَّ مِنْ ضبّهْ لِعُمُومتِهِمْ بنيِ ضبّهْ، لمَا لحِقَتْ الربَّابُ ببَني أسَدٍ يَوْم هُمْ حُلَفَاءُ لبني ذُبيَانْ، ولمَا استَعووْا حَلِيفَيهِمْ طَيّئاً وغَطَفَانْ، ولَمْ يَجْرِ على تَميمٍ وعامِرٍ ما جرى عليهِمْ من الإسَارِ والنِّفَارْ، في يَوْمَيِ النِّسَارِ والجِفَارْ. ولمَا قُتل الهَصَّانُ طليقُ ابنِ أزْنَمْ، ولمَا أعْتِب غِضابُ تميمٍ بِالصَّيْلَمْ، تَحَفّظْ منْ نِطاحِ جاركَ
وَهِرَاشِهْ وَاحْفَظهُ أنْ يَغَارَ منكَ على فِرَاشِهْ، فَوَ اللهِ ما ذَهَبَ بدَمِ شاسِ ابْنِ زُهَيْرٍ أدراجَ الرياحْ. ولا وضَعَ في مُسْتَدَقِّ صُلْبِهِ بينَ فقَارَيْهِ سَهْمَ رِياحْ، إلا ما اجْتَرَأ عَلَيْه مِنَ الُغُدُوِّ بفَناءِ بيْتِهِ مُتبرِّدَاً. وانْتِصَابُهُ فيهِ كالثّورِ الأبْيضِ مُتجرّشداً وكانَ ذلكَ بمرْأى من امرأتِهِ وَمَلْمَحْ وَمَطْلعٍ من ظَعينتِهِ ومطمحْ أُبْسُطْ منْ زَائرِكَ وَأكْرِمْهْ. وإنْ اسْتَوْهَبَكَ فَلا تَحْرِمْهْ فَإنَّ المُسْتَهينَ بزَائِرِهِ منَ اللؤْمِ ألأمْ وَلَهْ السّهْمُ الأخْيَبُ والبارِحُ الأشْأَمُ. وانْظُرْ ما ألصَقَ بعَجوزِ بَني هَوَازِنَ مِن الهَوَانْ، زُهَيْرُ بْنُ جُذَيْمَةَ بْنُ رَوَاحَةَ صَاحِبَ الأرَيَانْ حينَ جاءَتْهُ بعُكَاظَ تَحْمِلُ السّمْنَ في نحيْهَا. وَهِيَ تهْدِجُ في مَشْيِهَا، فَشَكَتْ إليْهِ مَا أجْحَفَ بها مِنَ المَحْلْ وَمَا جَلَفَتْ مِنْ قَوْمِها كَحْلْ، فَدَعّهَا بِقَوْسِهِ فَألْقَاهَا مُسْتَلْقيَةً على حَلاوَةِ قَفَاها. فَبَدا مِنْهَا الشّوَارْ، وَتَعَلّقَ بهِ الشّنارْ، فانْبَعَثَتْ أحقَادُ بَني هَوَازِنَ منْ مكامِنهَا. وحدثَتْ أنْفُسُها بِالّعَنَقِ منْ ضَغاَئِنِها وآلى خَالدُ بْنُ جَعْفرَ لمَا سَمعَ بذلكَ فَرَاعهُ، ليَجْعَلنَّ وَرَاءَ عُنُقِهِ ذِرِاعَهْ، ثُمَّ بَرَّتْ فيهِ ألِيّتُهْ، وَحَلّتْ بالمُجَدَّعِ بَليّتُهْ. وَقد انَخَلعَتْ رِجْلُ قعْسائِه ولم يُغْنِ عنهُ تَوْطِيسُ حَارِثِهِ وَوَرَقائِهْ. لا تَبْغِ على أحَدٍ فَالباغِي وخَيمُ المَرْتَعْ. ذَميمُ المَصْرَعْ. قاعِدٌ بمْرصَادِ المعاقِبْ. منتظرٌ لسُوءِ العَواقِبْ. وفي قِصَّةِ الحارِثِ بْنِ ظَالِمْ. زَجْرَةٌ لكُلِّ باغٍ ظَالمْ. حينَ بغَى على خالدِ بنِ جعفرْ، في جوارِ الأسْوَد بْنِ المُنْذِرْ، أتى قُبّتَهُ بالليلْ، والليلُ أخْفَى للوَيْلْ، فَهَتَكَ شَرَجَها، ثُمَّ وَلجَهَا، فَعَلاهُ وَهُوَ رَاقِدٌ بِذِي حَيّاتِهْ حَتّى فَجَعَهُ بحيَاتِهْ. وَبَغَى على الأسْوَدِ في ابنِهِ شُرَحِبيلْ بالمكْرِ الذي أصْبَحَ منهُ بسبِيلْ. وكانَ في حَجْرِ سِنَانٍ وَعِنْدَهُ أخْتُهُ سَلْمَى. وَسِنَانٌ أبوُ هَرِمٍ صاحبُ ابن أبي سُلْمَى ثُمَّ ما زالَ ينتقلُ فيِ الأحْياءْ. وَتُطاوِحُهُ أقْطَارُ الغَبْرَاءْ. خِيفَةً منْ نَهْسِ الأسْوَدْ وَهي كنَايَةٌ عَنْ قَتْلِ الأسوَدْ إلى أن طرَحَ نفسَهُ إلى جوَارِ النُعْمَانْ، بَعْضِ مُلُوكِ بني غَسّانْ. فرماهُ أيضاً بالبَغْيِ والعِنَادْ، ونَحرَ ذَاتَ المُدْيَةِ وَالصرَّةِ والرّفَادْ، وَوَثبَ على طَالِبةِ الشّحْمِ فأضَافَهَا إلى طِلبْتَهْ، وعلى الخمسِ العَارِفِ بِدِخْلَتِهْ، فَمَلّكَ الغَسّانُّي مالكَ بْنَ الخِمْسِ خِطَامَهْ، وَوَضَعَ في يَدِهِ زِمَامَهْ، حتى اسْتسقى بدمهِ شَرَّ الدَّماءْ. وَهَانَ عليْهِ قَولهُ يا ابْنَ شَرِّ الاظماءْ. إيّاكَ وَالمُلاحّاتِ فَإنّها تُوغرُ صُدُورَ الإخْوانْ. وَتُنْبِتُ أصُولَ الأضْغانْ. وتَوقدُ نيرَانَ الفتنةِ والشّرْ، وَتوبِسُ الأرْحَامَ المبْلُولَةَ بالبِّرْ. وَهَي أمٌ منْ أمهاتِ الآثامِ نَثُورٌ غَيْرُ نَزُورْ وَلادَةُ بَنَاتٍ كُلُهُنَّ نَثُورْ، فعليكَ أن تُمْحِضَ منْها التوبَة. وتذكُرَ ما جَرَى بَيَن ثَوْرٍ وتَوْبَهْ حينَ اسْتَعَرَ بَيْنَهُمَا اللحاءُ وَجرَّدَ العَوْفُّي للخَفَاجيِّ العَصَا على اللَّحاءْ. فثارَ عليهِ بفظاظِتهِ وعُنفهِ، وجَرَحَهُ تحتَ البيضةِ بُجرْزِهِ على انفهِ واسْتَجَرَّ بذلكَ على حَلَمَةِ ثَديهِ تحتَ مرْفَعِ تُرْسهْ رشْقَةً خَفَاجِيّةً أتتْ على نَفسهِ، ثمّ ركبَ السّليلُ سَليلُ بنُ أبي سَمْعانْ، الفَتى السّيافْ الطّعّانْ، وهوَ يمسحُ بحوافرِ خَيْلِهِ نَجْداً بعدَ غَوْرْ. طَلاباً لثأرِ أبيهِ ثَوْرْ، حَتى أصابَ ببيتِ هندٍ منْ كبدِ المضْجَعْ. ما أصابَ ابْنُ الحميرِ منْ سوءِ المَصْرَعْ لا تملكْ لأخيكَ نَصراً عندَ الاستنصارْ. 
ولا تَدَّخِرْ عَنْهُ إظْهاراً يومَ الاستظهارْ. واصْنَعْ ما صنعَ يَوم القِرْنْ رئيسُ فَزَارَةَ عُيَيْنَة بنُ حِصْنْ. حينَ أتاهُ ذُو الجَوْشَنِ كَليلَ الظفْرِ وَالنابْ. قَدْ خَذَلَتْهُ قَوْمهُ بَنوُ الضِّبَابْ، يستنجِدُهُ في دَرْكِ الثّارْ. من إحْدَى
الرَّضَفَاتِ الفُجّارْ، فَرَكبَ لهُمْ مع أحْلاسِ الخَيْلْ. حَتّى أخذَ منهُمْ ثارَ الصُّمَيْلْ. وَصَقعَهُمْ صَقْعَةً لا يَنُؤُنَ بَعْدَهَا بجناحٍ وافرْ، ولا ينشَبونَ بأنيابٍ وَلا أظافرْ. وَرَدَّاه بينَ ذلكَ بأبهَى منَ الوَشيِ الأتْحَمِي، ما صَنَعَ بأنَسِ بْنِ مُدْرِكَةَ الخَثْعَمي، عليكَ باليَقَظَةِ والحَذَرْ فلا خَيرَ في ذي الغفلاتِ والغَرَرْ، فَلَوْ أنَّ شَعْلاً كانَ يقظانَ مُشْتَعِلَ الضميرْ. حَذِراً من نفثاتِ المقاديرْ، وَغَرَزَ رأسَهُ في سَنَتِهِ وَغَطِيطِهِ.
ولمْ يَحُسَّ بوَتْرِ النفاثيِّ وخطيطهِ ولمْ يركبْ رِجْلَيْ عَدَّاءٍ مُشْمَعِلْ. مُضْطلع بالأعْبَاءِ مستقِلْ، لَصَليَ بِنارِ بنيِ نُفاثَهْ، مُستغيثاً بحيثُ لا إغاثَةْ، كما استغاثَ سيَّدُ الصَّعاليكِ عَامرُ بْنُ الأخْنَسْ. فَوَجَدَ كُلَّ مَنْ سَمِعَ صُرَاخَهُ كالأخْرَسْ، على أنَّ القدَرَ يُعْمي البَصَرَ والبَصِيرَةْ، وتُظْلِمُ معهُ الآراءُ المُستنيرةْ، وَإلاَّ فَلِمَ انْتَظَمَ السهْمُ قَلْبَ تَأبَطَ شَرَّاً، وكان الذي رماهُ غُلاَماً غرّاً، وكانَ ثابِتٌ أخوُ نَبي فَهْمْ، مَوصُوفاً بثَبَاتِ القَدَمِ وَثَقَابَةِ الفَهْمْ، لاتَتّبعِ الهَوَى فكُلُّ مَنِ اتّبَعَ الهَوى هَوَى، في هُوَّةِ البَوَارِ وَالتّوَى، ألَم تَرَ أنَّ الشّيْبَانيَّ فارِسَ الشّهْبَاء سَمَّ الْفُرسانَ غَدَاةَ اللِّقَاء، ومَا لقيَ منهُ الشدَائِدِ وَالكَرب. صاحِبُ الصَّمْصَامَةِ عَمْرُو بْنُ مَعْدي كَرْبْ، وَقَدْ كادَ يُوجِرُهُ لهَذْمَ السِّنَانْ، حينَ وَكّدَ أغْلَظَ الأيْمانْ، كيفَ عثَرَ بهِ الهوى عَثْرَةً لمْ يسْمَع لَعَا منْ بعدِها، وكأنَّ بَني شَيْبَانَ لم يَغْنَ بَيْنَ أظْهُرِها ابْنُ سَعْدِها، حينَ اسْتَصْحَبَ عَمْراً إلى قُبّةٍ فيها الرَّشَأُ الأحْوَرْ. بَلِ المَوْتُ الأحمر. فلقيَ منَ الشيْخِ نفحَةً نثَرَتْ أمْعاهْ، وإن فَلَقَ هُوَ منْ رَأسِهِ سِوَاهْ، والحَمْدُ للهِ على نَوَالهْ، والصلاةُ والسلامُ على نبِيِهْ مُحَمَدٍ وَصَحْبِهِ وَآلِهِ. ِ الفُجّارْ، فَرَكبَ لهُمْ مع أحْلاسِ الخَيْلْ. حَتّى أخذَ منهُمْ ثارَ الصُّمَيْلْ. وَصَقعَهُمْ صَقْعَةً لا يَنُؤُنَ بَعْدَهَا بجناحٍ وافرْ، ولا ينشَبونَ بأنيابٍ وَلا أظافرْ. وَرَدَّاه بينَ ذلكَ بأبهَى منَ الوَشيِ الأتْحَمِي، ما صَنَعَ بأنَسِ بْنِ مُدْرِكَةَ الخَثْعَمي، عليكَ باليَقَظَةِ والحَذَرْ فلا خَيرَ في ذي الغفلاتِ والغَرَرْ، فَلَوْ أنَّ شَعْلاً كانَ يقظانَ مُشْتَعِلَ الضميرْ. حَذِراً من نفثاتِ المقاديرْ، وَغَرَزَ رأسَهُ في سَنَتِهِ وَغَطِيطِهِ. ولمْ يَحُسَّ بوَتْرِ النفاثيِّ وخطيطهِ ولمْ يركبْ رِجْلَيْ عَدَّاءٍ مُشْمَعِلْ. مُضْطلع بالأعْبَاءِ مستقِلْ، لَصَليَ بِنارِ بنيِ نُفاثَهْ، مُستغيثاً بحيثُ لا إغاثَةْ، كما استغاثَ سيَّدُ الصَّعاليكِ عَامرُ بْنُ الأخْنَسْ. فَوَجَدَ كُلَّ مَنْ سَمِعَ صُرَاخَهُ كالأخْرَسْ، على أنَّ القدَرَ يُعْمي البَصَرَ والبَصِيرَةْ، وتُظْلِمُ معهُ الآراءُ المُستنيرةْ، وَإلاَّ فَلِمَ انْتَظَمَ السهْمُ قَلْبَ تَأبَطَ شَرَّاً، وكان الذي رماهُ غُلاَماً غرّاً، وكانَ ثابِتٌ أخوُ نَبي فَهْمْ، مَوصُوفاً بثَبَاتِ القَدَمِ وَثَقَابَةِ الفَهْمْ، لاتَتّبعِ الهَوَى فكُلُّ مَنِ اتّبَعَ الهَوى هَوَى، في هُوَّةِ البَوَارِ وَالتّوَى، ألَم تَرَ أنَّ الشّيْبَانيَّ فارِسَ الشّهْبَاء سَمَّ الْفُرسانَ غَدَاةَ اللِّقَاء، ومَا لقيَ منهُ الشدَائِدِ وَالكَرب. صاحِبُ الصَّمْصَامَةِ عَمْرُو بْنُ مَعْدي كَرْبْ، وَقَدْ كادَ يُوجِرُهُ لهَذْمَ السِّنَانْ، حينَ وَكّدَ أغْلَظَ الأيْمانْ، كيفَ عثَرَ بهِ الهوى عَثْرَةً لمْ يسْمَع لَعَا منْ بعدِها، وكأنَّ بَني شَيْبَانَ لم يَغْنَ بَيْنَ أظْهُرِها ابْنُ سَعْدِها، حينَ اسْتَصْحَبَ عَمْراً إلى قُبّةٍ فيها الرَّشَأُ الأحْوَرْ. بَلِ المَوْتُ الأحمر. 












مصادر و المراجع :

١- مقامات الزمخشري

المؤلف: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538هـ)

الناشر: المطبعة العباسية، شارع كلوت بك - مصر

الطبعة: الأولى، 1312 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید