المنشورات

المقامة الطّيْبيّة

حكى الحارثُ بنُ همّامٍ قال : أجمَعْتُ حينَ قضَيْتُ مناسِكَ الحجّ . وأقَمْتُ وظائِفَ العجّ والثّجّ . أنْ أقصِدَ طَيْبَةَ . مع رُفقَةٍ منْ بَني شَيْبَةَ . لأزورَ قبرَ النّبيّ المُصطَفى . وأخرُجَ منْ قَبيلِ منْ حجّ وجَفا . فأُرْجِفَ بأنّ المسالِكَ شاغِرةٌ . وعرَبَ الحرَمَينِ مُتشاجِرةٌ . فحِرْتُ بين إشْفاقٍ يُشَبّطُني . وأشْواقٍ تُنشّطُني . إلى أنْ أُلْقيَ في رَوْعيَ الاستِسْلامُ . وتغلِيبُ زِيارَةِ قبرِهِ عليْهِ السّلامُ . فاعْتَمْتُ القُعْدَةَ . وأعددْتُ العُدّةَ . وسِرْتُ والرُفْقَةَ لا نلْوي على عُرْجةٍ . ولا نَني في تأويبٍ ولا دُلْجةٍ . حتى وافَيْنا بَني حرْبٍ . وقد آبوا منْ حرْبٍ . فأزْمَعْنا أن نُقَضّيَ ظِلَّ اليومِ . في حِلّةِ القومِ . وبينَما نحنُ نتخيّرُ المُناخَ . ونَرودُ الوِرْدَ النُّقاخَ . إذ رأيْناهُمْ يركُضونَ . كأنّهُمْ إلى نُصُبٍ يوفِضونَ . فرابَنا انثِيالُهمْ . وسألْنا : ما بالُهُمْ ؟ فقيلَ قد حضرَ ناديَهُمْ فقيهُ العرَبِ . فإهْراعُهُم لهذا السّببِ . فقلتُ لرُفقَتي : ألن نشْهَدُ مَجْمَعَ الحيّ . لنتبيّنَ الرُشْدَ من الغَيّ ؟ فقالوا : لقدْ أسْمَعتَ إذ دعَوْتَ . ونصَحْتَ وما ألَوْتَ . ثمّ نهضْنا نتّبِعُ الهادي . ونؤمّ النّاديَ . حتى إذا أظْلَلْنا عليْهِ . واستَشْرَفْنا الفَقيهَ المَنهودَ إلَيْهِ . ألفَيْتُهُ أبا زيدٍ ذا الشُّقَرِ والبُقَرِ . والفَواقِرِ والفِقَرِ . وقدِ اعْتَمّ القَفْداءَ . واشتمَلَ الصّمّاءَ . وقعدَ القُرْفُصاءَ . وأعْيانُ الحيِّ بهِ مُحتَفّونَ . وأخْلاطُهُمْ عليْهِ مُلتفّونَ . وهو يقول : سَلوني عنِ المُعضِلاتِ . واستَوضِحوا مني المُشكِلاتِ . فوَالذي فطَرَ السّماء . وعلّمَ آدمَ الأسْماء . إني لَفَقيهُ العرَبِ العَرْباء . وأعْلَمُ منْ تحتَ الجرْباء . فصمَدَ لهُ فتًى فَتيقُ اللّسانِ . جرِيّ الجَنانِ . وقال : إني حاضَرْتُ فُقَهاء الدّنيا . حتى انتَخَلْتُ منهُمْ مِئَةَ فُتْيا . فإنْ كنتَ ممّنْ يرغَبُ عنْ بَناتِ غيرٍ . ويرْغَبُ منا في مَيْرٍ . فاستَمِعْ وأجِبْ . لتُقابَلَ بما يجِبُ . فقال : اللهُ أكبرُ . سيَبينُ المَخْبَرُ . وينكَشِفُ المُضمَرُ . فاصْدَعْ بما تؤمَرُ . قال : ما تَقولُ في مَنْ توضّأ ثمّ لمسَ ظَهرَ نعلِهِ ؟ قال : انتَقَضَ وُضوءُهُ بفِعلِهِ . قال : فإنْ توضّأ ثمّ أتْكأهُ البَردُ ؟ قال : يُجَدّدُ الوُضوء منْ بعْدُ . قال : أيَمْسَحُ المتوَضّئ أُنثَيَيْهِ ؟ قال : قد نُدِبَ إليْهِ . ولمْ يوجَبْ علَيْهِ . قال : أيجوزُ الوُضوء ممّا يقْذِفُهُ الثّعبانُ ؟ قال : وهلْ أنْظَفُ منهُ للعُرْبانِ ؟ قال : أيُستَباحُ ماء الضّريرِ ؟ قال : نعَمْ ويُجتنَبُ ماء البَصيرِ . قال : أيَحُلّ التطوّفُ في الرّبيع ؟ قال : يُكْرَه ذاك للحدَثِ الشّنيعِ . قال : أيجِبُ الغُسْلُ على منْ أمْنى ؟ قال : لا ولوْ ثنّى . قال : فهلْ يجِبُ على الجُنُبِ غسْلُ فرْوَتِهِ ؟ قال : أجَلْ وغسْلُ إبْرَتِهِ . قال : أيجبُ عليْهِ غسْلُ صَحيفَتِهِ ؟ قال : نعَمْ كغسْلِ شفتِهِ . قال : فإنْ أخلّ بغسْلِ فأسِهِ ؟ قال : هوَ كما لوْ ألْغَى غسْلَ رأسِهِ . قال : أيجوزُ الغُسلُ في الجِرابِ ؟ قال : هوَ كالغُسلِ في الجِبابِ . قال : فما تقولُ في مَنْ تيمّمَ ثمّ رأى رَوْضاً ؟ قال : بطَلَ تيمُّمُهُ فليَتَوضّا . قال : أيجوزُ أن يسْجُدُ الرّجلُ في العَذِرَةِ ؟ قال : نعمْ ولْيُجانِبِ القَذِرَةَ . قال : فهلْ لهُ السّجودُ على الخِلافِ ؟ قال : لا ولا على أحدِ الأطْرافِ . قال : فإنْ سجَدَ على شِمالِهِ ؟ قال : لا بأسَ بفِعالِهِ . قال : فهلْ يجوزُ السّجودُ على الكُراعِ ؟ قال : نعمْ دونَ الذّراعِ . قال : أيُصلّي على رأسِ الكلْبِ ؟ قال : نعَمْ كسائِرِ الهضْبِ . قال : أيجوزُ للدّارِسِ حمْلُ المصاحِفِ ؟ قال : لا ولا حمْلُها في الملاحِفِ . قال : ما تَقولُ في مَنْ صلّى وعانَتُهُ بارِزَةٌ ؟ قال : صلاتُهُ جائِزَةٌ . قال : فإنْ صلّى وعليْهِ صومٌ ؟ قال : يُعيدُ ولوْ صلّى مائَةَ يومٍ . قال : فإنْ حمَلَ جرْواً وصلّى ؟ قال : هوَ كما لوْ حمَلَ باقِلّى . قال : أتصِحّ صَلاةُ حامِلِ القَرْوَةِ ؟ قال : لا ولوْ صلّى فوقَ المَرْوَةِ . قال : فإنْ قطَرَ على ثوْبِ المُصَلّي نجْوٌ ؟ قال : يمْضي في صَلاتِهِ ولا غَرْوَ . قال : أيَجوزُ أن يؤمّ الرّجالَ مقنّعٌ ؟ قال : نعمْ ويؤمّهُمْ مُدَرَّعٌ . قال : فإنْ أمّهُمْ مَنْ في يدِهِ وقْفٌ ؟ قال : يُعيدونَ ولوْ أنّهُمْ ألفٌ . قال : فإنْ أمّهُمْ منْ فخْذُهُ بادِيَةٌ ؟ قال : صلاتُهُ وصلاتُهُم ماضيَةٌ . قال : فإنْ أمّهُمُ الثّورُ الأجَمُّ ؟ قال : صلِّ وخَلاكَ ذمٌ . قال : أيدخُلُ القصْرُ في صَلاةِ الشاهدِ ؟ قال : لا والغائِبِ الشّاهِدِ . قال : أيَجوزُ للمَعذورِ أن يُفطِرَ في شهرِ رمَضانَ ؟ قال : ما رُخّصَ إلا للصّبْيانِ . قال : فهلْ للمُعَرِّسِ أن يأكُلَ فيه ؟ قال : نعمْ بمِلئ فيهِ . قال : فإنْ أفطَرَ فيهِ العُراةُ ؟ قال : لا تُنكِرُ عليْهِمِ الوُلاةُ . قال : فإنْ أكلَ الصّائِمُ بعدَما أصبَحَ ؟ قال : هوَ أحوَطُ لهُ وأصلَحُ . قال : فإنْ عمَدَ لأنْ أكلَ ليْلاً ؟ قال : ليُشمّرْ للقَضاء ذَيْلاً . قال : فإنْ أكلَ قبْلَ أن تتَوارَى البَيْضاءُ ؟ قال : يلزَمُهُ واللهِ القَضاءُ . قال : فإنِ استَثارَ الصّائِمُ الكَيْدَ ؟ قال : أفْطَرَ ومنْ أحَلّ الصّيدَ . قال : ألَهُ أن يُفْطِرَ بإلحاحِ الطّابِخِ ؟ قال : نعَمْ لا بِطاهي المَطابِخِ . قال : فإنْ ضحِكَتِ المرأةُ في صومِها ؟ قال : بطَلَ صومُ يومِها . قال : فإنْ ظهرَ الجُدَرِيُّ على ضَرّتِها ؟ قال : تُفطِرُ إن آذَنَ بمضَرّتِها . الضرة أصل الابهام وأصل الثدي أيضا قال : ما يجِبُ في مِئَةِ مِصباحٍ ؟ قال : حِقّتانِ يا صاحِ . قال : فإنْ ملَكَ عشْرَ خَناجِرَ ؟ قال : يُخرِجُ شاتَينِ ولا يُشاجِرُ . قال : فإنْ سمَحَ للسّاعي بحَميمَتِهِ ؟ قال : يا بُشْرى لهُ يومَ قِيامتِهِ قال : أيستَحِقّ حمَلَةُ الأوْزارِ منَ الزّكاةِ جُزّاً ؟ قال : نعَمْ إذا كانوا غُزًى . قال : أيَجوزُ للحاجّ أن يعتَمِرَ ؟ قال : لا ولا أنْ يختَمِرَ . قال : فهلْ لهُ أنْ يقتُلَ الشُجاعَ ؟ قال : نعمْ كما يَقتُلُ السّباع . قال : فإنْ قتَلَ زَمّارَةً في الحرَمِ ؟ قال : عليْهِ بدَنَةٌ منَ النّعَمِ . قال : فإنْ رمى ساقَ حُرٍّ فجَدّلَهُ ؟ قال : يُخرِجُ شاةً بدَلَهُ . قال : فإنْ قتَلَ أمّ عوْفٍ بعْدَ الإحْرامِ ؟ قال : يتصدّقُ بقَبضَةٍ منْ طَعامٍ . قال : أيجِبُ على الحاجّ استِصْحابُ القارِبِ ؟ قال : نعمْ ليَسوقَهُمْ إلى المَشارِبِ . قال : ما تَقولُ في الحَرامِ بعْدَ السّبتِ ؟ قال : قدْ حلّ في ذلِكَ الوقتِ . قال : ما تَقولُ في بيْعِ الكُمَيتِ ؟ قال : حَرامٌ كبَيعِ الميْت الكميت الخمرِ . قال : 
أيَجوزُ بيعُ الخلّ بلَحْمِ الجمَلِ ؟ قال : ولا بلَحْمِ الحمَلِ . قال : أيَحِلّ بيْعُ الهديّةِ ؟ قال : لا ولا بيعُ السّبيّةِ . قال : ما تَقولُ في بيْعِ العَقيقَةِ ؟ قال : محْظورٌ على الحقيقَةِ . قال : أيَجوزُ بيْعُ الدّاعي . على الرّاعي ؟ قال : لا ولا على السّاعي . قال : أيُباعُ الصّقْرُ بالتّمرِ ؟ قال : لا ومالِكِ الخَلْقِ والأمرِ . قال : أيَشتَري المُسلِمُ سلَبَ المُسلِماتِ ؟ قال : نعَمْ ويورَثُ عنهُ إذا ماتَ . قال : فهلْ يجوزُ أن يُبْتاعَ الشافِعُ . قال : ما لِجوازِهِ منْ دافِعٍ . قال : أيُباعُ الإبريقُ على بَني الأصْفَرِ ؟ قال : يُكرَهُ كبَيْعِ المِغْفَرِ . قال : أيَجوزُ أن يَبيعَ الرّجُلُ صَيْفِيّهُ ؟ قال : لا ولكِنْ ليَبِعْ صَفيّهُ . قال : فإنِ اشتَرى عبْداً فبانَ بأمِّهِ جِراحٌ ؟ قال : ما في ردّهِ منْ جُناحٍ . قال : أتَثْبُتُ الشُفْعَةُ للشّريكِ في الصّحْراء ؟ قال : لا ولا للشّريكِ في الصّفْراء . قال : أيَحِلّ أنْ يُحْمَى ماء البِئْرِ والخَلا ؟ قال : إنْ كانَ في الفَلا فَلا . قال : ما تَقولُ في مَيتَةِ الكافِرِ ؟ قال : حِلٌّ للمُقيمِ والمُسافِرِ . قال : أيجوزُ أن يُضَحّى بالحُولِ ؟ قال : هوَ أجدَرُ بالقَبولِ . قال : فهلْ يُضحّى بالطّالِقِ ؟ قال : نعمْ ويُقْرَى منْها الطّارِقُ . قال : فإنْ ضحّى قبْلَ ظُهورِ الغَزالَةِ ؟ قال : شاةُ لحْمٍ بِلا مَحالَةٍ . قال : أيحِلّ التكَسّبُ بالطَّرْقِ ؟ قال : هوَ كالقِمارِ بِلا فرْقٍ . قال : أيُسَلّمُ القائِمُ على القاعِدِ ؟ قال : محْظورٌ فيما بينَ الأباعِدِ . قال : أيَنامُ العاقِلُ تحتَ الرّقيعِ ؟ قال : أحْبِبْ بهِ في البَقيعِ . قال : أيُمنَعُ الذّمّيّ منْ قتْلِ العَجوزِ ؟ قال : مُعارضَتُهُ في العَجوزِ لا تَجوزُ . قال : أيجوزُ أن ينتَقِلَ الرّجُلُ عنْ عِمارَةِ أبيهِ ؟ قال : ما جُوّزَ لخامِلٍ ولا نَبيهٍ . قال : ما تَقولُ في التهَوّدِ ؟ قال : هوَ مِفْتاحُ التّزهُّد . قال : ما تَقولُ في صبْرِ البَليّةِ ؟ قال : أعظِمْ بهِ منع خَطيّةٍ . قال : أيَحِلّ ضرْبُ السّفيرِ ؟ قال : نعمْ والحمْلُ على المُستَشيرِ . قال : أيُعزِّزُ الرّجُلُ أباهُ ؟ قال : يفعَلُهُ البَرُّ ولا يأباهُ . قال : ما تَقولُ في مَنْ أفقَر أخاهُ ؟ قال : حبّذا ما توَخّاهُ قال : فإنْ أعْرى ولدَهُ ؟ قال : يا حُسْنَ ما اعتَمَدَهُ قال : فإنْ أصْلى ممْلوكَهُ النّارَ ؟ قال : لا إثْمَ عليْهِ ولا عارٌ . قال : أيَجوزُ للمرأةِ أنْ تصرِمَ بعْلَها ؟ قال : ما حظَرَ أحدٌ فِعْلَها . البعل النخل الذي يشرب بعروقه من الأرض قال : فهلْ تؤدَّبُ المرأةُ على الخجَلِ ؟ قال : أجلْ . قال : ما تَقولُ في مَنْ نحَتَ أثلَةَ أخيهِ ؟ قال : أثِمَ ولوْ أذِنَ لهُ فيهِ . قال : أيَحْجُرُ الحاكِمُ على صاحبِ الثّوْرِ ؟ قال : نعمْ ليأمَنَ غائِلَةَ الجوْرِ . قال : فهلْ لهُ أن يضْرِبَ على يدِ اليَتيمِ ؟ قال : نعمْ إلى أن يَستَقيمَ . قال : فهلْ يجوزُ أن يتّخِذَ لهُ ربَضاً ؟ قال : لا ولوْ كان لهُ رِضًى . قال : فمتى يبِيعُ بدَنَ السّفيهِ ؟ قال : حينَ يرى لهُ الحظَّ فيهِ . قال : فهلْ يجوزُ أن يبْتاعَ لهُ حَشّاً ؟ قال : نعمْ إذا لمْ يكُنْ مُغَشًّى . قال : أيجوزُ أن يكونَ الحاكِمُ ظالِماً ؟ قال : نعمْ إذا كان عالِماً . قال : أيُستَقْضى منْ ليستْ لهُ بَصيرةٌ ؟ قال : نعمْ إذا حسُنَتْ منهُ السّيرَةُ . قال : فإنْ تعرّى منَ العَقْلِ ؟ قال : ذاكَ عُنوانُ الفضْلِ . قال : فإنْ كانَ لهُ زهْوُ جبّارٍ ؟ قال : لا إنْكارَ عليهِ ولا إكْبار . قال : أيجوزُ أن يكونَ الشاهِدُ مُريباً ؟ قال : نعمْ إذا كان أريباً . قال : فإنْ بانَ أنّهُ لاطَ ؟ قال : هوَ كما لوْ خاطَ . قال : فإنْ عُثِرَ على أنّهُ غربَلَ ؟ قال : تُرَدّ شهادَتُهُ ولا تُقبَلُ . قال : فإنْ وضَحَ أنهُ مائِنٌ ؟ قال : هوَ لهُ وصْفٌ زائِنٌ . قال : ما يجِبُ على عابِدِ الحَقّ ؟ قال : يُحلَّفُ بإلَهِ الخلْقِ . قال : ما تَقولُ في منْ فقَأ عينَ بُلبُلٍ عامِداً ؟ قال : تُفقَأُ عينُه قوْلاً واحِداً . قال : فإنْ جرَحَ قَطاةَ امرأةٍ فماتَتْ ؟ قال : النّفْسُ بالنّفْسِ إذا فاتَتْ . قال : فإنْ ألقَتِ الحامِلُ حَشيشاً منْ ضرْبِهِ ؟ قال : ليُكفِّرْ بالإعْتاقِ عنْ ذنْبِهِ . قال : ما يجِبُ على المُختَفي في الشّرْعِ ؟ قال : القطْعُ لإقامَةِ الرّدْعِ . قال : فما يُصنَعُ بمَنْ سرَقَ أساوِدَ الدّارِ ؟ قال : يُقطَعُ إنْ ساوَينَ رُبعَ دينارٍ . قال : فإنْ سرَقَ ثَميناً من ذهَبٍ ؟ قال : للا قَطْعَ كما لو غصَبَ . قال : فإنْ بانَ على المرأةِ السّرَقُ ؟ قال : لا حرَجَ عليْها ولا فرَقَ . قال : أينعَقِدُ نِكاحٌ لمْ يشهَدْهُ القَواري ؟ قال : لا والخالِقِ الباري . قال : ما تَقولُ في عَروسٍ باتَتْ بلَيلَةٍ حُرّةٍ . ثمّ رُدّتْ في حافِرَتِها بسُحْرَةٍ ؟ قال : يجبُ لها نصفُ الصّداقِ . ولا تلْزَمُها عِدّةُ الطّلاقِ . فقال لهُ السّائِلُ . للهِ دَرُّكَ من بحْرٍ لا يُغَضْغِضُهُ الماتِحُ . وحِبْرٍ لا يبلُغُ مدْحَهُ المادِحُ ثمّ أطرَقَ إطْراقَ الحَييّ . وأرَمّ إرْمامَ العَييّ . فقال لهُ أبو زيدٍ : إيهٍ يا فَتى فإلى متى وإلى متى ؟ فقالَ لهُ : لمْ يبْقَ في كِنانَتي مِرْماةٌ . ولا بعْدَ إشْراقِ صُبحِكَ مُماراةٌ . فبِاللهِ أيُّ ابنِ أرْضٍ أنتَ . فما أحسنَ ما أبَنْتَ . فأنشَدَ بلِسانٍ ذلِقٍ . وصوتٍ صهْصَلِقٍ : مَنْ أفقَر أخاهُ ؟ قال : حبّذا ما توَخّاهُ قال : فإنْ أعْرى ولدَهُ ؟ قال : يا حُسْنَ ما اعتَمَدَهُ قال : فإنْ أصْلى ممْلوكَهُ النّارَ ؟ قال : لا إثْمَ عليْهِ ولا عارٌ . قال : أيَجوزُ للمرأةِ أنْ تصرِمَ بعْلَها ؟ قال : ما حظَرَ أحدٌ فِعْلَها . قال : فهلْ تؤدَّبُ المرأةُ على الخجَلِ ؟ قال : أجلْ . قال : ما تَقولُ في مَنْ نحَتَ أثلَةَ أخيهِ ؟ قال : أثِمَ ولوْ أذِنَ لهُ فيهِ . قال : أيَحْجُرُ الحاكِمُ على صاحبِ الثّوْرِ ؟ قال : نعمْ ليأمَنَ غائِلَةَ الجوْرِ . قال : فهلْ لهُ أن يضْرِبَ على يدِ اليَتيمِ ؟ قال : نعمْ إلى أن يَستَقيمَ . قال : فهلْ يجوزُ أن يتّخِذَ لهُ ربَضاً ؟ قال : لا ولوْ كان لهُ رِضًى . قال : فمتى يبِيعُ بدَنَ السّفيهِ ؟ قال : حينَ يرى لهُ الحظَّ فيهِ . قال : فهلْ يجوزُ أن يبْتاعَ لهُ حَشّاً ؟ قال : نعمْ إذا لمْ يكُنْ مُغَشًّى . قال : أيجوزُ أن يكونَ الحاكِمُ ظالِماً ؟ قال : نعمْ إذا كان عالِماً . قال : أيُستَقْضى منْ ليستْ لهُ بَصيرةٌ ؟ قال : نعمْ إذا حسُنَتْ منهُ السّيرَةُ . قال : فإنْ تعرّى منَ العَقْلِ ؟ قال : ذاكَ عُنوانُ الفضْلِ . قال : فإنْ كانَ لهُ زهْوُ جبّارٍ ؟ قال : لا إنْكارَ عليهِ ولا إكْبار . قال : أيجوزُ أن يكونَ الشاهِدُ مُريباً ؟ قال : نعمْ إذا كان أريباً . قال : فإنْ بانَ أنّهُ لاطَ ؟ قال : هوَ كما لوْ خاطَ . قال : فإنْ عُثِرَ على أنّهُ غربَلَ ؟ قال : تُرَدّ شهادَتُهُ ولا تُقبَلُ . قال : فإنْ وضَحَ أنهُ مائِنٌ ؟ قال : هوَ لهُ وصْفٌ زائِنٌ . قال : ما يجِبُ على عابِدِ الحَقّ ؟ قال : يُحلَّفُ بإلَهِ الخلْقِ . قال : ما تَقولُ في منْ فقَأ عينَ بُلبُلٍ عامِداً ؟ قال : تُفقَأُ عينُه قوْلاً واحِداً . قال : فإنْ جرَحَ قَطاةَ امرأةٍ فماتَتْ ؟ قال : النّفْسُ بالنّفْسِ إذا فاتَتْ . قال : فإنْ ألقَتِ الحامِلُ حَشيشاً منْ ضرْبِهِ ؟ قال : ليُكفِّرْ بالإعْتاقِ عنْ ذنْبِهِ . قال : ما يجِبُ على المُختَفي في الشّرْعِ ؟ قال : القطْعُ لإقامَةِ الرّدْعِ . قال : فما يُصنَعُ بمَنْ سرَقَ أساوِدَ الدّارِ ؟ قال : يُقطَعُ إنْ ساوَينَ رُبعَ دينارٍ . قال : فإنْ سرَقَ ثَميناً من ذهَبٍ ؟ قال : للا قَطْعَ كما لو غصَبَ . قال : فإنْ بانَ على المرأةِ السّرَقُ ؟ قال : لا حرَجَ عليْها ولا فرَقَ . قال : أينعَقِدُ نِكاحٌ لمْ يشهَدْهُ القَواري ؟ قال : لا والخالِقِ الباري . قال : ما تَقولُ في عَروسٍ باتَتْ بلَيلَةٍ حُرّةٍ . ثمّ رُدّتْ في حافِرَتِها بسُحْرَةٍ ؟ قال : يجبُ لها نصفُ الصّداقِ . ولا تلْزَمُها عِدّةُ الطّلاقِ . فقال لهُ السّائِلُ . للهِ دَرُّكَ من بحْرٍ لا يُغَضْغِضُهُ الماتِحُ . وحِبْرٍ لا يبلُغُ مدْحَهُ المادِحُ ثمّ أطرَقَ إطْراقَ الحَييّ . وأرَمّ إرْمامَ العَييّ . فقال لهُ أبو زيدٍ : إيهٍ يا فَتى فإلى متى وإلى متى ؟ فقالَ لهُ : لمْ يبْقَ في كِنانَتي مِرْماةٌ . ولا بعْدَ إشْراقِ صُبحِكَ مُماراةٌ . فبِاللهِ أيُّ ابنِ أرْضٍ أنتَ . فما أحسنَ ما أبَنْتَ . فأنشَدَ بلِسانٍ ذلِقٍ . وصوتٍ صهْصَلِقٍ : أنا في العالَمِ مُثْلَهْ . . . ولأهْلِ العِلمِ قِبلَهْ
غيرَ أنّي كُلَّ يومٍ . . . بينَ تعْريسٍ ورِحلَهْ
والغَريبُ الدّارِ لوْ ح . . . لّ بطوبى لمْ تطِبْ لَهْ
ثمّ قال : اللهُمّ كما جعلْتَنا ممّنْ هُدِيَ ويهْدي . فاجعَلهُمْ ممّنْ يهْتَدي ويُهْدي . فساقَ إليْهِ القومُ ذَوْداً معَ قَيْنَةٍ .
وسألوهُ أن يَزورَهُمُ الفَينَةَ بعدَ الفَينةِ . فنهضَ يُمَنّيهِمِ العَوْدَ . ويُزَجّي الأمَةَ والذّوْدَ . قال الحارثُ بنُ همّامٍ : فاعْتَرَضْتُهُ وقلتُ لهُ عهْدي بكَ سَفيهاً . فمتى صِرْتَ فَقيهاً ؟ فظلّ هُنيهَةً يَجولُ . ثم أنشدَ يقولُ :
لبِستُ لكُلّ زمانٍ لَبوسا . . . ولابَستُ صَرْفَيهِ نُعمى وبوسَى
وعاشرْتُ كلَّ جَليسٍ بما . . . يُلائِمُهُ لأروقَ الجَليسا
فعندَ الرُّواةِ أُديرُ الكلامَ . . . وبينَ السُقاةِ أديرُ الكؤوسا
وطوْراً بوعْظي أسيلُ الدّموعَ . . . وطوْراً بلَهْوي أسُرّ النّفوسا
وأقْري المَسامِعَ إمّا نطَقْتُ . . . بَياناً يقودُ الحَرونَ الشَّموسا
وإنْ شِئتُ أرعَفَ كفّي اليَراعَ . . . فساقَطَ دُرّاً يُحَلّي الطُّروسا
وكم مُشكِلاتٍ حَكينَ السُهى . . . خَفاءً فصِرنَ بكَشفي شُموسا
وكمْ مُلَحٍ لي خلَبْنَ العُقولَ . . . وأسْأرْنَ في كُلّ قلْبٍ رَسيسا
وعذْراءَ فُهْتُ بها فانْثَنى . . . عليها الثّناءُ طَليقاً حَبيسا
على أنّني منْ زَمانٍ خُصِصْتُ . . . بكيْدٍ ولا كيدَ فِرعَوْنَ موسى
يسَعِّرُ لي كلَّ يومٍ وغًى . . . أطامِنْ لَظاها وَطيساً وَطيسا
ويَطْرُقُني بالخُطوبِ التي . . . يُذِبنَ القُوَى ويُشِبنَ الرّؤوسا
ويُدْني إليّ البَعيدَ البَغيضَ . . . ويُبعِدُ عني القَريبَ الأنيسا
ولوْلا خَساسَةُ أخْلاقِهِ . . . لَما كانَ حظّيَ منهُ خَسيسا
فقُلتُ له : خفّضِ الأحْزانَ . ولا تلُمِ الزّمانَ . واشْكرْ لمَنْ نقلَكَ عنْ مذْهَبِ إبْليسَ . إلى مذْهَبِ ابنِ إدْريسَ . فقال : دعِ الهِتارَ . ولا تهْتُكِ الأسْتارَ وانهَضْ بنا لنَضْرِبَ . إلى مسْجِدِ يثْرِبَ . فعسَى أنْ نرْحَضَ بالمَزارِ . درَنَ الأوْزارِ . فقلْتُ : هيْهاتَ أن أسيرَ . أو أفْقَهَ التّفْسيرَ فقال : تاللهِ لقدْ أوْجَبْتَ ذِمماً . وطلَبْتَ إذْ طلَبْتَ أمَماً . فهَاكَ ما يَشْفي النّفسَ . وينْفي اللَّبْسَ . قال : فلمّا أوضحَ لي المُعَمّى . وكشفَ عنّي الغُمّى . شدَدْنا الأكوارَ . وسِرْتُ وسارَ . ولمْ أزَلْ منْ مُسامرَتِهِ . مُدةَ مُسايرَتِهِ . في ما أنْساني طعْمَ المَشقّةِ . وودِدْتُ معهُ بُعْدَ الشُقّةِ . حتى إذا دخَلْنا مدينَةَ الرّسولِ . وفُزْنا منَ الزّيارةِ بالسُّولِ . أشْأمَ وأعْرَقْتُ . وغرّبَ وشرّقْتُ .












مصادر و المراجع :

١- مقامات الحريري

المؤلف: القاسم بن علي بن محمد بن عثمان، أبو محمد الحريري البصري (المتوفى: 516 هـ)

دار النشر: دار الكتاب اللبناني - بيروت - 1981

الطبعة: الأولى

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید