المنشورات

المقامة الحلبيّة

روى الحارثُ بنُ همّامٍ قال : نزعَ بي إلى حلَبَ . شوْقٌ غلَبَ . وطلَبٌ يا لهُ من طلَبٍ وكنتُ يومَئِذٍ خَفيفَ الحاذِ . حَثيثَ النّفاذِ . فأخذْتُ أُهبَةَ السيرِ . وخفَفْتُ نحوَها خُفوفَ الطّيرِ . ولمْ أزَلْ مُذْ حلَلْتُ رُبوعَها . وارْتبَعْتُ ربيعَها . أُفاني الأيّامَ . في ما يَشْفي الغَرامَ . ويُرْوي الأُوامَ . إلى أنْ أقْصرَ القلْبُ عنْ وَلوعِهِ . واسْتَطارَ غُرابُ البينِ بعْدَ وقوعِهِ . فأغْراني البالُ الخِلْوُ . والمرَحُ الحُلوُ . بأنْ أقصِدَ حِمْصَ . لأصْطافَ ببُقعَتِها . وأسبُرَ رَقاعَةَ أهلِ رُقعتِها . أفْرَعْتُ إليْها إسْراعَ النّجْمِ . إذا انْقَضّ للرّجْمِ . فحينَ خيّمتُ برُسومِها . ووجَدْتُ رَوْحَ نَسيمِها . لمحَ طَرْفي شيْخاً قد أقبلَ هَريرُهُ . 
وأدبَرَ غَريرُهُ . وعندَهُ عشَرَةُ صِبْيانٍ . صِنْوانٌ وغيرُ صِنْوانٍ . فطاوَعْتُ في قصْدِهِ الحِرصَ . لأخبُرَ بهِ أُدَباءَ حِمصَ . فبَشّ بي حينَ وافَيتُهُ . وحيّا بأحسَنَ ممّا حيّيتُهُ . فجلسْتُ إليْهِ لأبلوَ جنى نُطقِهِ . وأكْتَنِهَ كُنْهَ حُمقِهِ . فما لبِثَ أنْ أشارَ بعُصَيّتِهِ . إلى كُبْرِ أُصَيْبِيَتِهِ . وقال لهُ : أنشِدِ الأبياتَ العَواطِلَ . واحْذَرْ أن تُماطِلَ . فجَثا جِثوَةَ ليْثٍ . وأنشدَ منْ غيرِ ريْثٍ :
أعْدِدْ لحُسّادِكَ حدّ السّلاحْ . . . وأوْرِدْ وِرْدَ السّماحْ
وصارِمِ اللّهْوَ ووصْلَ المَها . . . وأعمِلِ الكومَ وسُمرَ الرّماحْ
واسْعَ لإدْراكِ محَلٍّ سَما . . . عِمادُهُ لا لادّراعِ المِراحْ
واللهِ ما السّؤدُدُ حسْوُ الطِّلا . . . ولا مَرادُ الحَمدِ رُودٌ رَداحْ
واهاً لحُرٍّ واسِعٍ صدرُهُ . . . وهمُّهُ ما سَرّ أهْلَ الصّلاحْ
مورِدُهُ حُلوٌ لسؤّالِهِ . . . ومالُهُ ما سألوهُ مُطاحْ
ما أسمَعَ الآمِلَ رَدّاً ولا . . . ماطَلَهُ والمطْلُ لؤمٌ صُراحْ
ولا أطاعَ اللّهْوَ لمّا دَعا . . . ولا كَسا راحاً لهُ كأسَ راحْ
سوّدَهُ إصْلاحُهُ سرَّهُ . . . ورَدْعُهُ أهْواءهُ والطِّماحْ
وحصّلَ المدْحَ لهُ علمُهُ . . . ما مُهِرَ العورُ مُهورَ الصِّحاحْ
فقال لهُ : أحسَنتَ يا بُدَيرُ . يا رأسَ الدّيرِ ثمّ قالَ لتِلوِهِ . المُشتَبِهِ بصِنْوِهِ : ادنُ يا نُوَيرَةُ . يا قمَرَ الدُوَيرَةِ فدَنا ولمْ يتَباطا . حتى حلّ منهُ مقْعَدَ المُعاطى . فقال لهُ : اجْلُ الأبْياتَ العَرائِسَ . وإنْ لمْ يكُنّ نَفائِسَ . فبَرى القلَم وقَطّ . ثمّ احْتَجَرَ اللّوْحَ وخطّ :
فتَنَتْني فجنّنَتْني تجَنّي . . . بتَجنٍّ يفْتَنّ غِبَّ تجَنّي
شغَفَتني بجَفنِ ظَبْيٍ غَضيضٍ . . . غنِجٍ يقْتَضي تغَيُّضَ جَفْني
غَشيَتْني بزِينتَينِ فشفّتْ . . . ني بزِيٍّ يشِفّ بينَ تثَنّي
فتظَنّيتُ تجْتَبيني فتجْزي . . . ني بنَفْثٍ يشْفي فخُيّبَ ظنّي
ثبّتَتْ فيّ غِشّ جيْبٍ بتَزْيي . . . نِ خَبيثٍ يبْغي تشَفّيَ ضِغْن
فنَزَتْ في تجنّي فثنَتْ . . . ني بنَشيجٍ يُشْجي بفَنٍّ ففَنّ
فلمّا نظرَ الشيخُ إلى ما حبّرَهُ . وتصفّحَ ما زبَرَهُ . قال له : بورِكَ فيكَ منْ طَلاً . كما بورِكَ في لا ولا . ثمّ هتَفَ : اقْرُبْ . يا قُطْرُبُ . فاقْتَرَبَ منهُ فتًى يحْكي نجْمَ دُجْيةٍ . أو تِمْثالَ دُميةٍ . فقال لهُ : ارْقُمِ الأبْياتَ الأخْيافَ . وتجنّبِ الخِلافَ . فأخذَ القلَمَ ورقَمَ :
إسْمَحْ فبَثُّ السّماحِ زَينٌ . . . ولا تُخِبْ آمِلاً تضَيّفْ
ولا تُجِزْ رَدَّ ذي سؤالٍ . . . فنّنَ أم في السّوالِ خفَّفْ
ولا تظُنّ الدّهورَ تُبقي . . . مالَ ضَنينٍ ولوْ تقَشّفْ
واحلُمْ فجفنُ الكرامِ يُغضي . . . وصَدرُهمْ في العَطاء نفنَفْ
ولا تخُنْ عهْدَ ذي وِدادٍ . . . ثبْتٍ ولا تبْغِ ما تزيَّفْ
فقال له : لا شَلّتْ يَداكَ . ولا كلّتْ مُداكَ . ثمّ نادى : يا عشَمْشَمُ . يا عِطْرَ منْشَمَ فلبّاهُ غُلامٌ كدُرّةِ غوّاصٍ . أو جُؤذُرِ قنّاصٍ . فقالَ لهُ : اكتُبِ الأبياتَ المَتائِيمَ . ولا تكُنْ منَ المَشائيمِ . فتناولَ القلَمَ المثقّفَ . وكتبَ ولمْ يتوقّفْ :
زُيّنتْ زينَبٌ بقَدٍّ يقُدُّ . . . وتَلاهُ ويْلاهُ نهْدٌ يهُدُّ
جُندُها جيدُها وظَرفٌ وطَرْفٌ . . . ناعِسٌ تاعِسٌ بحدٍّ يَحُدُّ
قدرُها قدْ زَها وتاهَتْ وباهَتْ . . . واعْتَدَتْ واغتَدَتْ بخَدٍّ يخُدّ
فارَقَتْني فأرّقَتْني وشطّتْ . . . وسطَتْ ثمّ نمّ وجْدٌ وجَدّ
فدَنَتْ فدّيَتْ وحنّتْ وحيّتْ . . . مُغضَباً مُغضِياً يوَدّ يُوَدّ
فطفِقَ الشيخُ يتأمّلُ ما سطَرَهُ . ويقلّبُ فيهِ نظرَهُ . فلمّا استحسَنَ خطَّهُ . واستَصَحّ ضبْطَهُ . قال لهُ : لا شَلّ عشرُكَ . ولا استُخبِثَ نشْرُكَ . ثمّ أهابَ بفتًى فتّان . يسفِرُ عنْ أزهارِ بُستانٍ . فقالَ لهُ : أنشِدِ البَيتينِ المُطرَفَينِ . المُشتَبِهَيِ الطّرفَينِ . اللذَينِ أسْكَتا كلّ نافِثٍ . وأمِنا أنْ يعَزَّزا بثالِثٍ . فقالَ له : اسمَعْ لا وُقِرَ سمْعُكَ . ولا هُزِمَ جمعُكَ . وأنشدَ منْ غيرِ تلبّثٍ . ولا تريّثٍ :
سِمْ سِمَةً تحْسُنُ آثارُها . . . واشكُرْ لمنْ أعطى ولوْ سِمسِمَهْ
والمكْرُ مهْما استطَعْتَ لا تأتِهِ . . . لتَقْتَني السّؤدَدَ والمَكرُمَهْ
فقال لهُ : أجدْتَ يا زُغْلولُ . يا أبا الغُلولِ . ثمّ نادَى : أوضِح يا ياسينُ . ما يُشكِلُ من ذَواتِ السّينِ . فنهضَ ولمْ يتأنّ . وأنشدَ بصوْتٍ أغنّ :
نِقْسُ الدّواةِ ورُسغُ الكفّ مُثبَتةٌ . . . سيناهُما إنْ هُما خُطّا وإنْ دُرِسا
وهكذا السّينُ في قسْبٍ وباسِقَةٍ . . . والسفحِ والبخس واقسِرْ واقتبس قبَسا
وفي تقسّسْتُ باللّيلِ الكلامَ وفي . . . مُسيطرٍ وشَموسٍ واتخِذْ جرَسا
وفي قَريسٍ وبرْدٍ قارِسٍ فخذِ ال . . . صّوابَ منّي وكُنْ للعِلمِ مُقتَبِسا
فقال لهُ : أحسنْتَ يا نُغَيشُ . يا صنّاجةَ الجيْشِ . ثمّ قال : ثِبْ يا عَنبَسَةُ . وبيّنِ الصّاداتِ المُلتَبِسَةَ . فوثبَ وِثبَةَ شِبلٍ مُثارٍ . ثم أنشَدَ من غيرِ عِثارٍ :
بالصّادِ يُكتَبُ قد قبَصْتُ دراهِماً . . . بأنامِلي وأصِخْ لتَستَمِعَ الخَبَرْ
وبصَقْتُ أبصُقُ والصِّماخُ وصَنجةٌ . . . والقَصُّ وهْوَ الصّدرُ واقتصّ الأثَرْ
وبخَصْتُ مُقلتَهُ وهَذي فُرصَةٌ . . . قد أُرعِدَتْ منهُ الفَريصَةُ للخَوْرِ
وقصَرْتُ هِنداً أي حبَستُ وقد دنا . . . فِصْحُ النّصارَى وهْوَ عيدٌ مُنتظَر
وقرَصْتُهُ والخمْرُ قارِصَةٌ إذا . . . حذَتِ اللّسانَ وكلّ هذا مُستَطَرْ
فقال له : رَعْياً لكَ يا بُنيّ . فلقدْ أقرَرْتَ عينيّ . ثمّ استَنْهَضَ ذا جُثّةٍ كالبَيذَقِ . ونَعشَةٍ كالسّوذَقِ . وأمرَهُ بأنْ يقِفَ بالمِرصادِ . ويسرُدَ ما يجْري على السّينِ والصّادِ . فنهضَ يسحَبُ بُردَيْهِ . ثمّ أنشَدَ مُشيراً بيدَيْهِ :
إنْ شِئْتَ بالسّينِ فاكتُبْ ما أبيّنهُ . . . وإنْ تَشأ فهْوَ بالصّاداتِ يُكتَتَبُ
مَغسٌ وفَقسٌ ومُسطارٌ ومُمّلسٌ . . . وسالغٌ وسِراطُ الحقّ والسّقَبُ
والسّامِغانِ وسقْرٌ والسَّويقُ ومِسْ . . . لاقٌ وعن كل هذا تُفصحُ الكُتُبُ فقال له : أحسَنتَ يا حبَقَةُ . يا عينَ بقّةَ . ثمّ نادى : يا دَغْفَلُ . يا أبا زَنفَلَ . فلبّاهُ فتًى أحسَنُ منْ بيضَةٍ . في روضَةٍ .
فقال له : ما عَقْدُ هِجاء الأفعالِ . التي أخِرُها حرْفُ اعتِلالٍ ؟ فقال : اسْمَعْ لا صُمّ صَداكَ . ولا سمِعَتْ عِداكَ ثمّ أنشدَ . وما استَرشَدَ :
إذا الفِعْلُ يوماً غُمّ عنْكَ هجاؤه . . . فألحِقْ بهِ تاء الخِطابِ ولا تقِفْ
فإنْ ترَ قبْلَ التّاء ياءً فكَتْبُهُ . . . بياءٍ وإلا فهْوَ يُكتَبُ بالألِفْ
ولا تحسُبِ الفِعلَ الثّلاثيّ والذي . . . تعدّاهُ والمهموزُ في ذاك يختلِفْ
فطَرِبَ الشيخُ لما أدّاهُ . ثمّ عوّذَهُ وفدّاهُ . ثمّ قال : هلمّ يا قَعْقاعُ . يا باقِعَةَ البِقاعِ . فأقْبَلَ فتًى أحسَنُ منْ نارِ القِرى . في عينِ ابنِ السُرَى . فقال له : اصدَعْ بتمْييزِ الظّاء منَ الضادِ . لتَصْدَعَ بهِ أكْبادَ الأضْدادِ . فاهتَزّ لقوْلِهِ واهتَشّ . ثمّ أنشَدَ بصوتٍ أجَشّ :
أيها السائلي عنِ الضّادِ والظّا . . . ء لكَيْلا تُضِلّهُ الألْفاظُ
إنّ حِفظَ الظّاءات يُغنيكَ فاسمع . . . ها استِماعَ امرِئٍ لهُ استيقاظُ
هيَ ظَمْياءُ والمظالِمُ والإظْ . . . لامُ والظَّلْمُ والظُّبَى واللَّحاظُ
والعَظا والظّليمُ والظبيُ والشّيْ . . . ظَمُ والظّلُّ واللّظى والشّواظُ
والتّظَنّي واللّفْظُ والنّظمُ والتق . . . ريظُ والقَيظُ والظّما واللَّماظ
ُ
والحِظا والنّظيرُ والظّئرُ والجا . . . حِظُ والنّاظِرونَ والأيْقاظُ
والتّشظّي والظِّلفُ والعظمُ والظّن . . . بوبُ والظَّهْرُ والشّظا والشِّظاظُ
والأظافيرُ والمظَفَّرُ والمحْ . . . ظورُ والحافِظونَ والإحْفاظُ
والحَظيراتُ والمَظِنّةُ والظِّنّ . . . ةُ والكاظِمونَ والمُغْتاظُ
والوَظيفاتُ والمُواظِبُ والكِظّ . . . ةُ والإنتِظارُ والإلْظاظُ
ووَظيفٌ وظالِعٌ وعظيمٌ . . . وظَهيرٌ والفَظُّ والإغْلاظُ
ونَظيفٌ والظَّرْفُ والظّلَفُ الظّا . . . هِرُ ثمّ الفَظيعُ والوُعّاظُ
وعُكاظٌ والظَّعْنُ والمَظُّ والحنْ . . . ظَلُ والقارِظانِ والأوْشاظُ
وظِرابُ الظِّرّانِ والشّظَفُ البا . . . هِظُ والجعْظَريُّ والجَوّاظُ
والظَّرابينُ والحَناظِبُ والعُنْ . . . ظُبُ ثمّ الظّيّانُ والأرْعاظُ
والشَّناظِي والدَّلْظُ والظّأبُ والظَّبْ . . . ظابُ والعُنظُوانُ والجِنْعاظُ
والشّناظيرُ والتّعاظُلُ والعِظْ . . . لِمُ والبَظْرُ بعْدُ والإنْعاظُ
هيَ هذي سِوى النّوادِرِ فاحفَظْ . . . ها لتَقْفو آثارَكَ الحُفّاظُ
واقضِ في ما صرّفتَ منها كما تق . . . ضيهِ في أصْلِهِ كقَيْظٍ وقاظو
فقال لهُ الشيخُ : أحسنْتَ لا فُضّ فوكَ . ولا بُرّ منْ يجفوكَ . فوَاللهِ إنّكَ معَ الصِّبا الغَضّ . لأحْفَظُ منَ الأرضِ . وأجمَعُ من يومِ العرْضِ . ولقدْ أورَدْتُك ورُفْقتَكَ زُلالي . وثقّفْتُكُم تثْقيفَ العَوالي . فاذْكُروني أذكُرْكُمْ واشْكُروا لي وَلا تكفُرون . قال الحارثُ بنُ همّامٍ : فعجِبْتُ لما أبْدى من بَراعَةٍ . معجونَةٍ برِقاعَةٍ . وأظهَرَ منْ حَذاقَةٍ . ممزوجَةٍ بحَماقَةٍ . ولمْ يزَلْ بصَري يُصَعِّدُ فيهِ ويصوِّبُ . وينقِّرُ عنهُ وينقِّبُ . وكنتُ كمنْ ينظُرُ في ظَلْماء . أو يَسري في بهْماء . فلما استَراثَ تنبُّهي . واسْتَبان تدلُّهي . حمْلقَ إليّ وتبسّمَ . وقال : لمْ يبقَ مَنْ يتوسّمُ . فبُهْتُ لفَحْوى كلامِهِ . ووجَدْتُهُ أبا زيدٍ عندَ ابتِسامِهِ . فأخذْتُ ألومُهُ على تديُّرِ بُقعَةِ النَّوْكى . وتخيُّرِ حِرفَةِ الحمْقَى . فكأنّ وجهَهُ أُسِفّ رَماداً . أو أُشرِبَ سَواداً . إلا أنهُ أنشدَ وما تَمادى :
تخيّرْتُ حِمْصَ وهَذي الصّناعهْ . . . لأُرزَقَ حُظوَةَ أهلِ الرَّقاعَهْ فما يَصطَفي الدّهرُ غيرَ الرّقيعِ . . . ولا يوطِنُ المالَ إلا بِقاعَهْ
ولا لأخي اللُّبّ منْ دهْرِهِ . . . سوى ما لعَيْرٍ رَبيطٍ بِقاعَهْ
ثم قال : أمَا إنّ التعليمَ أشرَفُ صِناعةٍ . وأربَحُ بِضاعةٍ . وأنجَعُ شَفاعةٍ . وأفضَلُ براعَةٍ . وربُّهُ ذو إمْرَةٍ مُطاعَةٍ . وهيبَةٍ مُشاعَةٍ . ورعيّةٍ مِطواعةٍ . يتسيْطَرُ تسيْطُرَ أميرٍ . ويرتِّبُ ترْتيبَ وزيرٍ . ويتحكّمُ تحكُّمَ قَديرٍ . ويتشبّهُ بِذي مُلْكٍ كبيرٍ . إلا أنهُ يخْرَفُ في أمَدٍ يَسيرٍ . ويتّسِمُ بحُمقٍ شَهيرٍ . ويتقلّبُ بعقْلٍ صَغيرٍ . ولا يُنَبّئكَ مثلُ خَبيرٍ . فقلتُ لهُ : تاللهِ إنّكَ لابنُ الأيّامِ . وعلَمُ الأعلامِ . والسّاحِرُ اللاعِبُ بالأفْهامِ . المُذَلَّلُ لهُ سُبُلُ الكَلامِ . ثمّ لمْ أزَلْ معتَكِفاً بنادِيهِ . ومُغتَرِفاً منْ سيْلِ وادِيهِ . إلى أن غابَتِ الأيامُ الغُرُّ . ونابَتِ الأحْداثُ الغُبْرُ . ففارقْتُهُ ولعَيْني العُبْرُ .













مصادر و المراجع :

١- مقامات الحريري

المؤلف: القاسم بن علي بن محمد بن عثمان، أبو محمد الحريري البصري (المتوفى: 516 هـ)

دار النشر: دار الكتاب اللبناني - بيروت - 1981

الطبعة: الأولى

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید