المنشورات

راح القطين [البسيط]

وقال لبيد أيضاً يتغنّى بمناظر الحياة الصحراوية ويفتخر بمآثره، ويبدو أن القصيدة من نتاج عهد الكهولة، وهب لاحقة بقصائده (الجاهليات):
راحَ القَطينُ بهَجْرٍ بَعدَما ابتَكَرُوا ... فَما تُواصِلُهُ سَلْمَى ومَا تَذرُ (1)
مَنْأى الفَرُورِ فَما يأتي المُريدَ ومَا ... يَسْلُو الصُّدودَ إذا ما كانَ يَقتَدِرُ (2)
كأنَّ أظْعانَهُمْ في الصُّبْحِ غادِيَة ً ... طَلحُ السَّلائلِ وَسطَ الرَّوْضِ أوْ عُشَرُ (3)
أوْ بارِدُ الصَّيفِ مَسجورٌ، مَزَارِعُهُ ... سُودُ الذَّوائِبِ ممّا مَتّعَتْ هَجَرُ (4)
جَعْلٌ قِصَارٌ وعَيْدانٌ يَنُوءُ بِهِ ... منَ الكوافِرِ مَكْمُومٌ ومُهْتَصِرُ (5)
يَشربَنَ رفْهاً عِراكاً غيرَ صادِرَة ٍ ... فكُلُّها كارِعٌ في الماء مُغْتَمِرُ (1)
بينَ الصَّفا وخَليجِ العَينِ ساكِنَة ٌ ... غُلْبٌ سواجدُ لم يدخُلْ بها [الحَصَرُ] (2)
وَفي الحُدوجِ عَرُوبٌ غَيرُ فاحِشَة ٍ ... رَيّا الرَّوادِفِ يَعشَى دُونَها البَصَرُ (3)
كأنَّ فاها إذا ما اللّيلُ ألْبَسهَا ... سَيَابَةٌ ما بِها عَيْبٌ ولا أثَرُ (4)
قالتْ غداة َ انتَجَيْنا عندَ جارَتها: ... أنتَ الذي كنتَ، لوْلا الشّيبُ وَالكِبرُ
فقلتُ: ليسَ بَياضُ الرَّأسِ من كِبرٍ ... لوْ تَعَلمَينَ، وَعندَ العالِمِ الخَبرُ
لوْ كانَ غيري، سليمى، اليوْمَ غَيَّرَهُ ... وَقعُ الحوادِثِ، إلَّا الصَّارِمُ الذَّكرُ (5)
ما يَمنعُ اللّيْلُ مِنّي ما هَمَمْتُ بِهِ ... وَلا أحارُ إذا ما اعتادَني السَّفَرُ (6)
إنَي أُقاسي خُطوباً ما يَقُومُ لَهَا ... إلاَّ الكِرامُ على أمْثالِها الصُّبُرُ
مِن فَقدِ مولىً تَصُورُ الحيَّ جَفنَتُهُ ... أوْ رُزْء مالٍ، ورُزْءُ المالِ يُجْتَبَرُ (7)
والنِّيبُ، إنْ تَعْرُ مِنّي رمَّة ً خَلَقاً ... بَعْدَ المَمَاتِ، فإنّي كنت أثَّئِرُ (8)
وَلا أضِنُّ [بمَعروفِ] السَّنَامِ إذا ... كانَ القُتارُ كَما يُسْتَرْوَحُ القُطُرُ (1)
ولا أقولُ إذا ما أزْمَة ٌ أزَمَتْ ... يا وَيْحَ نَفْسيَ مِمّا أحدَثَ القدَرُ
وَلا أضِلُّ بأصْحابٍ هَدَيْتُهُمُ ... إذا المُعَبَّدُ في الظّلْماء يَنتَشِرُ (2)
وأُرْبِحُ التَّجْرَ إن عَزَّتْ فِضالُهُمُ ... حتى يَعُودَ، سُليمَى، حوْلَهُ نفَرُ (3)
غَرْبُ [المَصَبَّةِ] مَحْمُودٌ مَصَارِعُهُ ... لاهي النّهارِ لسَيرِ اللّيلِ مُحتَقِرُ (4)
يُرْوي قَوَامِحَ قَبْلَ اللّيْلِ [صادِقَة ً] ... أشبَاهَ جِنٍّ عَلَيها الرَّيْطُ والأُزُرُ (5)
إنْ يُتْلِفوا يُخلِفوا في كلِّ مَنْقَصًة ٍ ... ما أتلَفوا، لابتغاء الحَمدِ، أوْ عَقَرُوا (6)
نُعطي حُقوقاً على الأحسابِ ضامِنة ً ... حَتّى يُنَوِّرَ في قُرْيانِهِ الزَّهَرُ (7)
وأقطَعُ الخَرْقَ قد بادَتْ مَعَالِمُهُ ... فمَا يُحَسُّ بهِ عَينٌ ولا أثَرُ (8)
بِجَسْرَة ٍ تَنْجُلُ الظُّرَّانَ ناجِيَةَ ... إذا توقَّدَ في الدَّيمُومَةِ الظُّرَرُ (9)
كأنّهَا بَعْدَما أفْنَيْتُ جُبْلتها ... خَنْساءُ مَسْبُوعَة ٌ قَد فاتَها بَقَرُ (1)
تَنْجُو نَجَاءَ ظَلِيمِ الجَوِّ أفْزَعَهُ ... ريحُ الشَّمَالِ وشَفّانٌ لها دِرَرُ (2)
باتَت إلى دَفِّ أرْطاةٍ تحفِّرهُ ... في نَفْسِها مِنْ حَبيبٍ فاقِدٍ ذِكَرُ (3)
إذا اطمَأنَّتْ قَليلاً بَعدَما حَفَرَتْ ... لا تَطْمَئِنُّ إلى أرطاتِها الحُفَرُ
تَبْني بُيُوتاً على قَفْرٍ يُهَدِّمُها ... جَعْدُ الثّرَى [مُصْعَبٌ] في دَفّه زَوَرُ (4)
لَيْلَتَها كُلَّها حتى إذا حَسَرَتْ ... عَنها النّجومُ، وكادَ الصُّبحُ يَنسَفِرُ
غَدَتْ على عَجَلٍ، والنّفسُ خائفَة ٌ ... وآيَة ٌ مِنْ غُدُوٍّ الخائِفِ البُكَرُ
لاقَتْ أخَا [قَنَصٍ] يَسْعَى بأكْلُبِهِ ... شَئْنَ البَنانِ لدَيْهِ أكلُبٌ جُسُرُ (5)
وَلَّتْ فَأدْرَكَها أُولَى سَوَابِقِها ... فأقْبَلَتْ ما بِها رَوْعٌ وَلا بَهَرُ (6)
فقاتَلَتْ في ظِلالِ الرَّوْعِ واعتكَرَتْ ... إنَّ المُحاميَ بَعدَ الرَّوْعِ يَعْتَكِرُ











مصادر و المراجع :

١- ديوان لبيد بن ربيعة العامري

المؤلف: لَبِيد بن ربيعة بن مالك، أبو عقيل العامري الشاعر معدود من الصحابة (المتوفى: 41هـ)

اعتنى به: حمدو طمّاس

الناشر: دار المعرفة

الطبعة: الأولى، 1425 هـ - 2004 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید