المنشورات

عزة وكثير

أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد قال: حدثنا محمد بن العباس بن حيويه قال: حدثنا أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان قال: حدثني يزيد بن محمد قال: أخبرني محمد بن سلام الجمحي قال: أرادت عزة أن يعرف ما لها عند كثير فتنكرت له، وقامت به متعرضة، فقام فاتبعها، فكلمها، فقالت له: فأين حبك عزة؟ فقال: أنا الفداء لك، لو أن عزة أمة لي لوهبتها لك. قالت: ويحك! لا تفعل، فقد بلغني أنها لك في صدق المودة، ومحض المحبة والهوى على حسب الذي كنت تبدي لها من ذلك وأكثر، وبعد، فاين قولك:
إذا وَصَلَتنا خِلّةٌ كي نُزيلَها ... أبَينا، وقلنا: الحاجِبِيّةُ أوّلُ.
فقال كثير: بأبي أنت وأمي! أقصري عن ذكرها، واسمعي ما أقول، ثم قال:
ما وَصْلُ عَزّةَ إلاّ وَصْلُ غانيَةٍ ... في وَصْلِ غانيَةٍ من وصلها خَلَفُ.
ثم قال: هل لك في المخالة؟ فقالت له: كيف بما قلت في عزة وسيرته لها؟ فقال: أقبله فيتحول إليك، ويصير لك. قال: فسفرت عن وجهها، عند ذلك، وقالت: أغدراً وانتكاثاً يا فاسق؟ وإنك لها هنا، يا عدو الله! فبهت وأبلس ولم ينطق، وتحير وخجل، ثم إنها عرفته أمرها ونكثه وغدره بها، وأعلمته سوء فعاله، وقلة حفاظه، ونقضه للعهد والميثاق، ثم قالت: قاتل الله جميلاً حيث يقول:
لحَى اللهُ مَن لا يَنفَعُ الوِدُّ عِندَهُ، ... ومَن حَبلُهُ إنْ مُدّ غيرُ متينِ.
وَمَن هوَ ذو وَجهَينِ ليسَ بدائِمٍ ... على العَهدِ حلاّفٌ بِكلّ يمِينِ.
قال: فأنشأ كثير يقول بانخزالٍ وحصر وانكسار، يعتذر إليها، ويتنصل مما كان منه، ويحتال في دفع زلته، متمثلاً بقول جميل، ويقال: بل سرقه من جميل وانتحله لنفسه فقال:
ألا لَيتني قبلَ الذي قلتُ شِيبَ لي ... من المُذعِفِ القاضي سِمامُ الذَّرَارِحِ.
فَمُتّ ولمْ تَعلَمْ عليّ خِيَانَةً، ... ألا رُبّ باغي الرِّبْحِ ليْسَ برَابِحِ.
فَلا تحمِليهَا واجْعلِيها خِيَانَةً، ... تَروّحتُ منها في مياحةِ مائِحِ.
أبوءُ بذَنبي أنّني قَدْ ظَلَمْتُها، ... وإني بِباقي سِرِّهَا غيرُ بائِحِ.










مصادر و المراجع :

١- مصارع العشاق

المؤلف: جعفر بن أحمد بن الحسين السراج القاري البغدادي، أبو محمد (المتوفى: 500هـ)

الناشر: دار صادر، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید