المنشورات

غريقا الهوى

أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري بقراءتي عليه سنة إحدى وأربعين وأربعمائة قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه قال: حدثنا محمد بن أحمد الكاتب قال: حدثنا ميمون بن هارون الكاتب قال: حدثني عبد الرحمن بن إسحاق القاضي قال: انحدرت من سر من رأى مع محمد بن إبراهيم أخي إسحاق، ودجلة تزخر من كثرة مائها. فلما أن سرنا ساعة قال: ارفق بنا، ثم دعا بطعامه، فأكلنا، ثم قال: ما ترى في النبيذ؟ قلت له: أعزك الله أيها الأمر، هذه دجلة قد جاءت بمد عظيم يرعب مثله، وبينك وبين منزلك مبيت ليلةٍ، فول شئت أخرته. قال: لابد لي من الشرب فضربت ستارة، واندفعت مغنية تغني، واندفعت أخرى فغنت:
يَا رَحْمَتَا للعَاشِقِينَا ... ما إن أرى لهمُ مُعِينَا.
كَمْ يُشتَمونَ ويُضرَبُو ... نَ ويُهجَرُونَ فَيَصْبرُونا.
فقالت لها المغنية الأولى: فيصنعون ماذا؟ قالت: يصنعون هكذا، فرفعت الستارة، وقذفت بنفسها في دجلة، وكان بين يدي محمد غلام ذكر أنه شراه بألف دينار، وبيده مذبة، لم أر أحسن منه، فوضع المذبة، وقذف بنفسه في دجلة، وهو يقول:
أنْتَ التي غَرّقْتِني ... بَعْدَ القَضَا لَوْ تَعلمِينَا.
فأراد الملاحون أن يطرحوا أنفسهم خلفهما، فصاح بهم محمد: دعوهما يغرقا إلى لعنة الله! قال: فرأيتهما، وقد خرجا من الماء متعانقين ثم غرقا.










مصادر و المراجع :

١- مصارع العشاق

المؤلف: جعفر بن أحمد بن الحسين السراج القاري البغدادي، أبو محمد (المتوفى: 500هـ)

الناشر: دار صادر، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید