المنشورات

مي الغادرة

أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بم محمد الجوهري في ما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا عمر بن حيويه محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن خلف قال: أخبرني أحمد بن شداد قال: حدثنا عبد الله بن أبي كريم قال: أخبرنا ميسرة بن عبد الله بن الحارث قال: أخبرني أبي قال: كان رجل من بني سليم يقال له عمرو بن مسلم، وكانت له امراة يقال لها مي، وكانت تبغضه، ولم يكن يعلم ذلكن وكان من أشد الناس حباً لها، فدخل عليها ذات يوم، وهي تقرأ في المصحف. فقال: يا مي أسالك بما أنزل الله تعالى في هذا المصحف أتحبينني أو تبغضينني؟ فقال: لا والله لا أخبرتك إلا أن تعطيني سؤلةً أسألكها. فقال: وأي شيءٍ سؤلتك؟ قالت: تجعل أمري في يدي. قال: نعم، وظن أنها مازحة، قالت: فلا والله وما أنزل فيه ما أحببتك ساعةً قط. فلما جعل أمرها بيدها اختارت نفسها، فكاد يموت أسفاً عليها، وانشأ يقول:
هَيا ربِّ أدعُوكَ العَشِيّةَ مُخْلِصاً، ... دُعاءَ امرِئٍ عمّتْ بلابلُه الصّدرا.
فإنّكَ إن تجمَعْ بِمَيٍّ لُبَانَتي ... معَ الناسِ قبل الموت أُحدِثْ لكَ الشُّكْرَا.
فتَجمعْ بها شملَ امرئٍ لم تَدَعْ له ... فؤاداً، ولم يُرزَقْ على نأيِها صَبرا.
إلى اللهِ أشكو أنّ مَيّاً تَحَكّمَتْ ... بعَقلِيَ مَظلُوماً وَوَلّيتُهَا الأمْرَا.
خطاءٌ مِنَ الرّأيِ الضَعيفِ، ولم يخفْ ... لمَيّةَ غدراً، واسْتَخارَتْ بيَ الغَدرا.
وبَاتَتْ تَجُذّ الحَبْلَ بَيَني وَبَيْنَهَا، ... هَنيئاً لها إذ حَمّلَتْ نَفسَها الإصرَا.
وَخَانَتْ خَلِيلاً لم يَخُنهَا ولمْ يُرِدْ ... بهَا بَدَلاً في الناسِ شَفعاً ولا وِترَا.
عَشِيّةَ ألوي بالرِّداءِ على الحَشَا ... كَأنّ قَمِيصي مُشعِلٌ تحتَه جَمْرَا.
عَشِيّةَ أبْكي، والبكى هَوْنُ ما أرَى، ... وداعي الفتى عَمراً، وهَيهاتَ لا عَمرا.
فَرِحتُ بِها لَوْلا كِتابٌ وَمُدّةٌ ... مؤجَّلَةٌ ما عْشَتُ خَمساً ولا عَشرَا.
تحَسّنَتِ الدنْيَا بِمَيٍّ لَيالِياً ... قَلائِلَ ثمّ استبدلَتْ جُرَعاً كُدرَا.
مَرَارَاتُ صابٍ حينَ وَلّتْ وَعَلقَمٌ، ... تحَسّيتُ من غُصّاتِها جُرَعاً وحُمْرَا.









مصادر و المراجع :

١- مصارع العشاق

المؤلف: جعفر بن أحمد بن الحسين السراج القاري البغدادي، أبو محمد (المتوفى: 500هـ)

الناشر: دار صادر، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید