المنشورات

زليخا ويوسف

أخبرنا القاضي أبو علي زيد بن أبي حيويه قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن عمر بن علي الحلباني.
قال: حدثنا محمد بن سعيد قال: حدثنا ابن عليل المطيري قال: حدثنا ابن الدروقي قال: حدثنا سلمة بن شبيب قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم عن عبد الصمد بن معقل عن وهب قال:
لما خلت زليخا بيوسف، عليه السلام، ارتعد يوسف. فقالت زليخا: من أي شيء ترعد، إنما جئت بك لتأكل وتشرب وتشتم رائحتي، وأشتم رائحتك. قال: يا أمة الله، لست لي بحرمة. قالت: فمن أي شيء تفزع؟ قال: من سيدي. قالت: الساعة، إذا نزل من الركوب، واخذت بيدي الكأس المذهب والإبريق المفضض، سقيته شربةً من السم، وألقيت لحمه عن عظمه. قال لها: لا تفعلي، فلست ممن يقتل الملوك، وإنما أخاف من إله السماء. قالت له: فعندي من الذهب والفضة والجواهر والعقيق ما أفديك منه. قال: هو لا يقبل الرشا. قالت: دع عنك هذا! قم اسق أرضي. قال: لا ازرع أرض غيري. قالت: فارفع رأسك انظر إلي! قال: أخاف العمى في آخر عمري. قالت: فمازحني ترجع إلي نفسي. قال: يا أمة الله! لست لي بحرمة فأمازحك. قالت: فلا صبر لي عن هذه الذؤابة التي بلغت إلى قدميك، ليتني وسمتها مرةً واحدةً. قال: أخشى أن تحشى من قطران جهنم، يا هذه، هوذا الشيطان يعينك على فتنتي، لا تشوهي بخلقي ذا الحسن الجميل، فادعى في الخلق زايناً، وفي الوحوش خائناً، وفي السماء عبداً كفوراً.
قال وهب: ولان من يوسف، عليه السلام، مقدار جناح بعوضة، فارتفعت الشهوة إلى وجهه، وفاستنارت، وكان سرواله معقوداً تسع عشرة عقدةً، فحل أول عقدة، وإذا قائل يقول من زاوية البيت: إن الله كان عليكم رقيباً! ثم حل العقدة الثانية، فإذا قائل يقول: ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن. فأوحى الله، عز وجل، إلى جبريل: الحقه، فغنه المعصوم في ديوان الأنبياء! فانفرج السقف في أقل من اللمح فنزل جبريل، عليه السلام، فضرب صدره ضربةً، فخرجت شهوته من أطراف أنامله فنقص منه ولد، فولد لكل رجل من أولاد يعقوب، عليه السلام، اثنا عشر ولداً، ما خلا يوسف، عليه السلام، فإنه ولد له أحد عشر. فقال: يا رب ماذا خبري؟ لم ألحق بأخوتي في الويد، فأوحى الله، عز وجل، إليه: إن الشهوة التي خرجت من أناملك حاسبناك بها.
وبإسناده قال وهب: لما أراد الله بيوسف الخير قامت زليخا إلى طاق لها، فارخت عليه ستراً، وكان لها في الطاق صنم من خشبٍ تعبده، فقال لها يوسف، عليه السلام: ماذا صنعت؟ قالت: استحييت من إلهي أن يراني أصنع الفاحشة. قال: فأنت تستحيين من إله من خشب لا يضر ولا ينفع ولا يخلق ولا يسمع ولا يبصر، فأنا أستحيي ممن أكرم مثواي، واحسن مأواي، واستبقا الباب. قالت زليخا: يا يوسف، بليت منك بخصلتين: ما رأيت بشراً أحسن منك، والثانية زوجي عنين. فلما تزوجها يوسف، عليه السلام، فأبصر بعينيها حولاً قال: يا زليخا! أو حولاء؟ قالت له: ما علمت؟ قال: لا والله! قالت: ما استحللت أن أملأ عيني منك.
قال وهب بن منبه: وكانت زليخا ممنوعة من الشقاء، وكانت أجمل من بطشابع صاحبة داود، عليه السلام.











مصادر و المراجع :

١- مصارع العشاق

المؤلف: جعفر بن أحمد بن الحسين السراج القاري البغدادي، أبو محمد (المتوفى: 500هـ)

الناشر: دار صادر، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید