المنشورات
أبو العتاهية يعاتب عتبةَ
أخبرنا القاضي الشريف أبو الحسين بن المهتدي، رحمه الله تعالى، إجازة، حدثنا الشريف أبو الفضل بن المأمون، حدثنا أبو بكر بن الانباري، أنشدنا محمد بن المرزبان: أنشدني الحسن بن صالح الأسدي لأبي العتاهية:
سُبحَانَ جَبّارِ السّمَاءِ ... إنّ المُحِبّ لَفي عَنَاءِ
مَن لمْ يَذُقْ حُرَقَ الهَوَى، ... لم يَدْرِ مَا جُهدُ البَلاءِ
لَوْ كُنتُ أحسَبُ عَبرَتي ... لَوَجَدْتُهَا أنْهَارَ مَاءِ
كَمْ مِنْ صَدِيقٍ لي أُسا ... رِقُهُ البُكَاءَ مِنَ الحَيَاءِ
فإذَا تَفَطّنَ لامَني، ... فأقُولُ: مَا بي مِنْ بُكاءِ
لَكِنْ ذَهّبْتُ لأرْتَدِي، ... فَأصَبْتُ عَيْنيَ بالرّدَاءِ
حَتى أُشَكّكَهُ، فَيَس ... كُتَ عَنْ مَلامي وَالمِرَاءِ
يا عُتبَ! مَنْ لمْ يَبكِ لي ... مِمّا لَقيتُ مِنَ الشّقَاءِ
بَكَتِ الوُحُوشُ لرَحْمَتي، ... وَالطّيرُ في جوّ السّمَاءِ
وَالجِنُّ عُمّارُ البُيُو ... تِ، بَكَوْا، وَسكّانُ الهَوَاءِ
وَالنّاسُ، فَضْلاً عَنْهُمُ، ... لَمْ تَبكِ إلاّ بالدّمَاءِ
يا عَتبَ! إنّكِ لَوْ شَهِدْ ... تِ عليّ وَلْوَلَةَ النّسَاءِ
وَمُوَجَّهاً مُسْتَرْسلاً ... بَينَ الأحِبّةِ للقَضاءِ
لَجَزَيتنِي غَيرَ الّذِي ... قَد كانَ منكِ من الجَزَاءِ
أفَمَا شَبِعتِ، وَلا رَوِي ... تِ منَ القَطيعَةِ وَالجَفَاءِ
لِمْ تَبخَلِينَ عَلى فَتىً ... مَحضِ المَوَدّةِ وَالصّفَاءِ؟
وفيها أبيات اختصرتها.
وَما أرِقتُ بحَمدِ اللهِ مِنْ وَصَبٍ ... وَمَا شَكَوْتُ وَرَبي مُنعِمٌ أبَدا
طافَتْ طَوَائِفُ من ذِكرَاكِ عَاتِيَةٌ، ... مُخَالِطٌ حُبُّهَا الأحشَاءَ وَالكَبِدَا
ما تأمُرِين بكَهلٍ قَد عَرضْتِ لَهُ، ... واللهِ مَا وَجَدَ النَّهدِيُّ مَا وَجَدَا
أمّا الفُؤادُ فأمسَى مُقصَداً كَمِداً، ... مِنْ أجلِ مَنْ لا تُداني دارَهُ أبَدَا
مِنْ أجلِ جَارِيَةٍ إني أُكَاتِمُهَا ... حَتى أمُوتَ، وَلَمْ أُخبِرْ بها أحَدَا
مَنْ يَمُوتُ وَلَمْ يُخبرْ بقَاتِلِهِ ... فَلا إخَالُ لَهُ عَقلاً، وَلا قَوَدا
وَهاجَني صُرَدٌ في فَرْعِ غَرْقَدَةٍ؛ ... إناّ إلى رَبّنَا، مَا أشأمَ الصُّرَدا
مَا زَالَ يَنْتِفُ رِيشاً مِنْ قَوَادِمِهِ، ... ويَرْجُفُ الرّيشُ حتى قلتُ قد سجدَا
تَحَقّقَ البَينُ مِنْ لُبنى وَجَارَتِها، ... يا بَرْحَ عَيْنيَ إنْ كانَ الفِرَاقُ غدَا
تَمشي الهُوَينَا إلى الأترَابِ إن فَعَلتْ ... عومَ الغَدِيرِ زَهَتهُ الرّيحُ فَاطّرَدَا
تَجلُو بأخضَرَ مِنْ نَعمَانَ يَصْحَبُه ... قَبلَ الشّرَابِ بكَفّ رَخصَةٍ بَردَا
يُضَمَّنُ المِسكُ وَالكَافُورُ ذا غُدُرٍ ... مِثلِ الأسَاوِدِ لا سَبطاً وَلا قِدَدَا
حَلّتْ بأطيبَ نجدٍ نَهرَهُ، عَلِمَتْ، ... يَا حَبّذا بَلَداً حَلّتْ بِهِ بَلَدَا
قتيلهن شهيد
ووجدت على ظهر جزء بن شاهين هذين البيتين:
يَقولُونَ جاهد يا جَميلُ بغَزْوَةٍ، ... وَأيّ جِهَادٍ غَيركُنّ أُرِيدُ
لكلّ حَديثٍ عِنْدَكُنّ بَشاشَةٌ، ... وكُلُّ قَتيلٍ بَينَكُنّ شَهيدُ
مصادر و المراجع :
١- مصارع العشاق
المؤلف: جعفر بن
أحمد بن الحسين السراج القاري البغدادي، أبو محمد (المتوفى: 500هـ)
الناشر: دار
صادر، بيروت
27 مايو 2024
تعليقات (0)