المنشورات

نصيب وزينب

أخبرنا أبو طاهر أحمد بن علي السواق، حدثنا محمد بن أحمد بن فارس، حدثنا عبد الله بن إبراهيم، حدثنا محمد بن خلف المحولي، حدثنا عبد الله بن عمرو وأحمد بن حرب، حدثنا بنان هو ابن أبي بكر، حدثني محمد بن المؤمل بن طالوت الوادي، حدثني أبي عن الضحاك بن عثمان الحزامي قال: خرجت في آخر الحج، فنزلت بخيمة بالأبواء على امرأة، فأعجبني ما رأيت من حسنها، فتمثلت بقول نصيب:
بزَينبَ ألمِمْ قبلَ أن يَرْحلَ الرَّكْبُ ... وَقُلْ إنْ تَمَلّينَا فَمَا مَلّكِ القَلبُ
وَقُلْ في تَجَنّيها لكَ الذّنبَ: إنّمَا ... عِتَابُكَ مَن عَاتَبتَ فيما لهُ عَتْبُ
خَلِيليّ مِن كَعبٍ ألِمّا، هُدِيتُمَا، ... بزينَبَ، لا يَفقدكُما أبداً كَعبُ
وَقُولا لها: ما في البُعادِ لِذي الهَوَى ... بُعادٌ، ومَا فيه لصَدعِ النّوَى شَعْبُ
فَمَن شَاءَ رَامَ الوَصْلَ، أوْ قالَ ظالماً ... لِصَاحِبِهِ ذَنْبُ، وَلَيسَ لهُ ذنبُ
قال: فلما سمعني أتمثل بالأبيات قالت: يا فتى! أتعرف قائل هذا الشعر؟ قلت: نعم! ذاك نصيب. قالت: نعم، هو ذاك، أفتعرف زينب؟ قلت: لا! قالت: أنا والله زينب. قلت: فحياك الله. قالت: أما إن اليوم موعده من عند أمير المؤمنين. خرج إليه عام أول، وعدني هذا اليوم. ولعلك لا تبرح حتى تراه.
قال: فما برحت من مجلسي، وإذا أنا براكب يزول مع السراب. فقالت: ترى خبب ذاك الراكب؟ إني أحسبه إياه.
ثم أقبل الراكب حتى أناخ قريباً من الخيمة، فإذا هو نصيب، ثم ثنى رجله عن راحلته، فنزل ثم أقبل، فسلم علي، وجلس ناحيةً، وسلم عليها، وساءلها وساءلته فأحفيا، ثم ساءلته أن ينشدها ما أحدث من الشعر بعدها، فجعل ينشدها، فقلت في نفسي: عاشقان أطالا التنائي، فلا بد أن يكون لأحدهما إلى صاحبه حاجة.
فقمت إلى راحلتي أشد عليها، فقال لي: على رسلك! أنا معك. فجلست حتى نهض، ونهضت معه، فتسايرنا ساعة، ثم التفت إلي فقال: قلت في نفسك محبان التقيا بعد طول تناء، فلا بد أن يكون لأحدهما إلى صاحبه حاجة. قلت: نعم! قد كان ذاك. قال: فلا ورب هذه البنية التي إليها نعمد ما جلست منها مجلساً قط أقرب من مجلسي الذي رأيت، ولا كان بيننا مكروه قط.















مصادر و المراجع :

١- مصارع العشاق

المؤلف: جعفر بن أحمد بن الحسين السراج القاري البغدادي، أبو محمد (المتوفى: 500هـ)

الناشر: دار صادر، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید