المنشورات

طريد العشق

حدث أبو عمر بن حيويه، ونقلته من خطه، حدثنا محمد بن خلف، حدثنا أبو بكر العامري قال: قال علي بن صالح عن ابن دأب قال: كان من حديث جاركرز الربابي، والرباب بنو عبد مناة، أن أباه كان رجلاً من طابخة، يقال له حباب، وكان شجاعاً فاتكاً، وأنه قتل رجلاً من بني حباب بن هبل بن كلب بن وبرة، فرهنهم بالدية امرأته وابنه حية، وهو صغير، وخرج حباب في جمع الدية، فهلك، وبقيت امرأته وابنة في يدي كلب، وشب ابنه حية، فشب أحسن فتىً في العرب وأوضأهم، فعلق جاريةً من جواري الحي، وعلقته، وفسدت به فساداً شديداً، حتى جلس نسوة من كلب، ذات ليلة، يلعبن، ويتذاكران الشراب، ففطن به، وسمعت بذلك كلب، وكان قد علق فتاةً منهم، فطلبته كلب، فخرج هارباً، فأدركه أخوها، فرماه حية، فقتله، وانطلق، فلحق بقوم من بلقين، فاستجار بهم، فأجاروه، فعاث في نسائهم، وعلقته امرأة منهم، فطلبته بلقين، فأعجزهم، وهرب حتى أتى أمه ليلاً، فقالت: ويلك! إن القوم قاتلوك. فقال: والله ما أجد مذهباً.
قال: وأخفته وذكرت ذلك لظئر لها، هو أخو ابن لها أرضعته، فقالت: أرسليه، فأرسلته إليها، فأخذته فخيطت عليه عباءة، فجعلته كهيئة الكرز، ثم طرحته بفناء بيتها، حتى مر بها عدي بن أوس الكلبي، فقالت: يا عدي! إني قد أردت أن أظعن، وإني أريد أن تجير لي كرزي هذا، وما فيه، قال: قد أجرته، وأمر به، فحمل إلى بيته، فلما نظر إلى الكرز أنكره، ففتشه، فإذا فيه حية، فقال: لا أنعم الله بك عيناً، ولكن أجاره وبرز، فقالت له أمه: ويلك مهلاً عن نساء الحي! فلم يلتفت إليها، ورأته ابنة عدي، فعلقته، وعلقها، فمكثت بذلك مدة، وعدي لا يعلم، فقال:
ما زِلتُ أطوِي الحَيَّ أسمَعُ حِسَّهُم، ... حتى وَقَعتُ على رَبيبَةِ هَوْدَجِ
فَوَضَعتُ كفّي عِندَ مَقطعِ خصرِها، ... فَتَنَفّسَتْ بُهْراً، وَلمّا تَنْهَجِ
وَتَنَاوَلَتْ رَأسِي لِتَعرِفَ مَسّهُ، ... بمُخَضَّبِ الأطرَافِ غَيرِ مُشَنَّجِ
قالَت: وَعَيشِ أبي وَنَعمةِ وَالدي، ... فَعلِمتُ أنّ يَمينَها لَمْ تُحرَجِ
قال: فلما بلغ عدي بن أوس الخبر، وأنشد الشعر، أمر به فربط، ثم أخرج إلى خارج البيوت فقتل.













مصادر و المراجع :

١- مصارع العشاق

المؤلف: جعفر بن أحمد بن الحسين السراج القاري البغدادي، أبو محمد (المتوفى: 500هـ)

الناشر: دار صادر، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید