المنشورات

فخر هاشم بالبسالة

قال: وإن كان الفخر في البسالة والنجدة وقتل الأقران وجزر الفرسان، فمن كحمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب؟ وكان الأحنف إذا ذكر حمزة قال: أليس. وكان لا يرضى أن يقول شجاع، لأن العرب كانت تجعل ذلك أربع طبقات فتقول: شجاع. فإذا كان فوق ذلك قالت: بطل. فإذا كان فوق ذلك قال: بهمة. فإذا كان فوق ذلك قالت: أليس. وقال العجاج: «أليس عن حوبائه سخى» . وهل أكثر ما يعد الناس من جرحاهما وصرعاهما إلا ساداتكم وأعلامكم؟ قتل حمزة وعلي عتبة والوليد، وقتلا شيبة أيضا شركا عبيدة بن الحارث فيه، وقتل علي حنظلة بن أبي سفيان. فأما آباء ملوككم من بني مروان فانهم كما قال عبد الله بن الزبير لما أتاه خبر المصعب: إنا والله ما نموت إلا قتلا، قعصا بالرماح وموتا تحت ظلال السيوف. قال أبو عثمان: كأنه لم يعد قتل معاوية بن المغيرة بن أبي العاص قتلا، إذ كان إنما قتل في غير معركة، وكذلك قتل عثمان بن عفان إذا كان إنما قتل محاصرا، ولا قتل مروان بن الحكم لأنه قتل خنقا، خنقته النساء؟ قال: وإنما فخر عبد الله بن الزبير بما في بني أسد بن عبد العزى من القتلى، لأن من شأن العرب أن تفخر بذلك كيف كانوا قاتلين أو مقتولين. ألا ترى أنك لا تصيب كثرة القتلى إلا في القوم المعروفين باليأس والنجدة وبكثرة اللقاء والمحاربة؟ كآل أبي طالب، وآل الزبير، وآل المهلب؟ قال: وفي آل الزبير خاصة سبعة مقتولون في نسق، ولم يوجد ذلك في غيرهم: قتل عمارة وحمزة ابنا عبد الله بن الزبير يوم قديد في المعركة، قتلهما الأباضية، وقتل عبد الله بن الزبير في محاربة الحجاج، وقتل مصعب بن الزبير بدير الجاثليق في المعركة أكرم قتل، وبازائه عبد الملك بن مروان، وقتل الزبير بوادي السباع منصرفه من وقعة الجمل، وقتل العوام بن خويلد في حرب الفجار، وقتل خويلد بن أسد بن عبد العزى في حرب خزاعة. فهؤلاء سبعة في نسق. قال: وفي بني أسد بن عبد العزى قتلى كثيرون غير هؤلاء: قتل المنذر بن الزبير بمكة، قتله أهل الشام في حرب الحجاج وهو على بغل ورد كان نفر به فأصعد به في الجبل. وإياه يعني يزيد بن مفرغ الحميري وهو يهجو صاحبكم عبيد الله بن زياد ويعيره بقراره يوم البصرة:
لابن الزّبير غداة تدمر منذرا ... أولى بكل حفيظة وزماع
وقتل عمرو بن الزبير قتله أخوه عبد الله بن الزبير وكان في جوار أخيه عبيدة بن الزبير فلم يغن عنه، فقال الشاعر يحرض عبيدة على قتل أخيه عبد الله بن الزبير ويعيره باخفاره جوار عمرو أخيهما:
أعبيد لو كان المجير لولولت ... بعد الهدوء برنّة أسماء
أعبيد إنّك قد أجرت وجاركم ... تحت الصفيح تنوبه الأصداء
إضرب بسيفك ضربة مذكورة ... فيها أداء أمانة ووفاء
وقتل بجير بن العوام أخو الزبير بن العوام، قتله سعد بن صفح الدوسي جد أبي هريرة من قبل أمه بناحية اليمامة، وقتل معه أصرم وبعكك ابني العوام إبن خويلد. وقد قتل منهم في محاربة النبي صلى الله عليه وسلم قوم متهورون منهم: زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، وكان شريفا، قتل يوم بدر. وأبوه الأسود كان المثل يضرب بعزته بمكة، وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يذكر عاقر الناقة: كان عزيزا منيعا كأبي زمعة ويكنى زمعة إبن الأسود أبا حكيمة. وقتل الحرث بن الأسود بن المطلب يوم بدر أيضا، وقتل عبد الله بن زمعة بن الأسود، ضرب عنقه مسرف بن عقبة صبرا، قال له:
بايع لأمير المؤمنين يزيد بن معاوية على أنك عبد قن له؟ قال: بل أبايعه على أني أخوه وابن عمه. فضرب عنقه. وقتل اسماعيل بن هبار بن الأسود ليلا وكان دعا حيلة فخرج مصرخا لمن استصرخه فقتل فاتهم به مصعب بن عبد الله بن عبد الرحمن فأحلفه معاوية خمسين يمينا وخلى سبيله. فقال الشاعر:
ولا أجيب بليل داعيا أبدا ... أخشى الغرور كما غرّ ابن هبّار
باتوا يجرّونه في الخبث منعفرا ... بئس الهديّة لابن العمّ والجار
وقتل عبد الرحمن بن العوام بن خويلد في خلافة عمر بن الخطاب في بعض المغازي. وقتل ابنه عبد الله يوم الدار مع عثمان. فعبد الله بن عبد الرحمن بن العوام بن خويلد، قتيل ابن قتيل ابن قتيل ابن قتيل، أربعة في نسق.
ومن قتلاهم: عيسى بن مصعب بن الزبير، قتل بين يدي أبيه بمسكن في حرب عبد الملك، وكان مصعب يكنى أبا عيسى، وعيسى كلاهما: موالي قريش كهلها وصميمها. ومنهم مصعب بن عكاشة بن مصعب بن الزيبير، قتل يوم قديد في حرب الخوارج وقد ذكره الشاعر:
قمن فاندبن رجالا قتلوا ... بقديد ولنقصان العدد
ثم لا تعدلن فيها مصعبا ... حين يبكى من قتيل بأحد
انّه قد كان فيها باسلا ... صارما يقدم إقدام الأسد
ومنهم خالد بن عثمان بن خالد بن الزبير، خرج مع محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن فقتله أبو جعفر وصلبه. ومنهم عتيق بن عامر بن عبد الله بن الزبير، قتل بقديد أيضا، وسمى عتيقا باسم جده أبى بكر الصديق.












مصادر و المراجع :

١- الرسائل السياسية

المؤلف: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)

الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید