المنشورات

رد هاشم على ادعاءات أمية الدهاء

قالت هاشم:
أما ما ذكرتم من الدهاء والنكر، فان ذلك من أسماء فجار العقلاء، وليس من أسماء أهل الصواب في الرأي من العقلاء والأبرار. قد بلغ أبو بكر وعمر من التدبير وصواب الرأي والخبرة بالأمور العامة، وليس من أوصافهما ولا من أسمائهما أن يقال كانا داهيين ولا كانا مكيرين؟ وما عامل معاوية وعمرو بن العاص عليا قط بمعاملة إلا وكان علي أعلم بها منهما، ولكن الرجل الذي يحارب ولا يستعمل إلا ما يحل له أقل مذاهب في وجوه الحيل والتدبير من الرجل الذي يستعمل ما يحل وما لا يحل؟ وكذلك من حدث وأخبر، ألا ترى أن الكذاب ليس لكذبه غاية ولا لما يولد ويصنع نهاية؟ والصدوق إنما يحدث عن شيء معروف ومعنى محدود؟ ويدل على ما قلنا أنكم عددتم أربعة في الدهاء ليس واحد منهم عند المسلمين في طريق المتقين. ولو كان الدهاء مرتبة والمكر منزلة لكان تقدم هؤلاء الجميع السابقين الأولين عيبا شديدا في السابقين الأولين، ولو أن إنسانا أراد أن يمدح أبا بكر وعمر وعثمان وعليا ثم قال: الدهاء أربعة وعدهم، لكان قد قال قولا مرغوبا عنه، لأن الدهاء والمكر ليس من صفات الصالحين، وإن علموا من غامض الأمور ما يجهله جميع العقلاء! ألا ترى أنه قد يحسن أن يقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم الناس، وأحلم الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس. ولا يجوز أن يقال: كان أمكر الناس وأدهى الناس؟ وإن علمنا أن علمه قد أحاط بكل مكر وخديعة، وبكل أرب ومكيدة؟؟











مصادر و المراجع :

١- الرسائل السياسية

المؤلف: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)

الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید