المنشورات

رسالة مناقب الترك وعامة جند الخلافة

(1) يجب اقتران القول بالفعل، او المعرفة بالعمل. وقد كثر العارفون وقل العاملون بين الناس. وقد سبق ابن المقفع في كليلة ودمنة الى التأكيد على هذه الفكرة.
(2) المتأول: الذي يفسر الأمور كما يحلو له. قارن معنى التأويل عند الجاحظ ومعناه الذي انتهى اليه ابن رشد الذي يقول ان التأويل هو ارجاع اللفظ من المعنى الحقيقي الى المعنى المجازي.
- المحكوم عليه: الذي صدر حكم إدانة بحقه.
- معدول عن الحكم: الذي نحي عن الحكم.
- المتعطل والمتصفح: الذي لا يعمل شيئا ويكتفي بالمراقبة.
- المعجب برأيه: الذي يحب الاعتراض والنقد، ويعتبر نفسه قائدا للناس ووكيلا عنهم يدافع عن حقوقهم. يشك في كل شيء، ولا يصدق احدا.
- المحروم: الذي لم ينل حقوقه.
- اللئيم الذي يفسده الاحسان، يشبه قول الامام علي بن ابي طالب: اتق شر من احسنت اليه.
- المستبطىء والمستزيد: يعني الناس الذين يغلب عليهم الطمع فلا يرضون بما ينالون من السلطان مهما عظم شأنه.
- صاحبه الفتنة: الانسان الذي ينزع الى اثارة الفتن. ويكون هذا رئيس فرقة سياسية او كلامية ابعده السلطان فاغتاظ وعمد الى التشنيع على السلطان واثارة الريب والاكاذيب والظنون به.
وتضم لائحة اعداء السلطان تسعة اصناف اجاد الجاحظ حصرهم.
(3) جند الخلافة العباسية مكون من خمسة أقسام: خراساني وتركي ومولى وعربي وبنوي. ولم يلحظ الجاحظ نسبة الاقسام الى بعضها البعض، وغلبة العنصر التركي عليها في عهد المعتصم والبنوي من كان ابوه فارسيا وامه عربية فهو مولد. والمولى هو الاعجمي الأصل الذي وقع في الاسر او السبي واصبح عبدا للعربي. وقد اشار الجاحظ الى اللحمة الجامعة التي نادى بها العباسيون لتكون رابطة توحدهم وهي الطاعة والمحبة الدينية. ولهذا يعترض على هذا التصيف الذي زعمه بعضهم- ولم يسم اسمه- واتهمه بالاستبداد بالرأي والتفرد به وبالتعسف في المعاني. وقال الجاحظ إنهم متفقون.
(4) لاحظ كيف يوفق بين الخراساني والتركي. إنهم اخوان لأن بلادهم متقاربة، ولأن الاعراق في البدء كانت متشابهة (5) العرب امة واحدة رغم اختلاف اللغة بين عدنان وقحطان وتميم وقيس وهوازن.
ويعني هنا باختلاف اللغة اختلاف اللهجات. وهذا ما يفسر قوله في الفقرة التالية: ان العرب لما كانت واحدة إستووا في التربة وفي اللغة. وهذا يعني ان اللغة العربية واحدة ولكنها ذات لهجات مختلفة.
ويشير الجاحظ الى مقومات وحدة العرب القومية وهي التربية واللغة والاخلاق والنسب. وبهذه المقومات «سبكوا سبكا واحدا، وافرغوا افراغا واحدا، وكان القالب واحدا» .. وبهذا يكون الجاحظ أقدم مفكر تكلم على وحدة العرب القومية.
- وقد ميز بين العربي الخالص والمعلهج الهجين ذي الام غير العربية، والمذرع ذي الام العربية والأب الاعجمي، والمزلج اي الدعي.
(6) البنوي خراساني الاصل لأن نسب الابناء نسب آبائهم. بهذا يحدد الجاحظ معنى الابناء. فالابناء هم ابناء الفرس الذين جاؤوا مقاتلين الى اليمن لنصرة ابن ذي يزن ضد الاحباش قبل الفتح الاسلامي. وقد اقام هؤلاء المقاتلون هناك وتزوجوا من نساء عربيات فسمي اولادهم ابناء. ويمكن أن نعمم هذا الحكم على جميع الاولاد الذين ولدوا من آباء فرس وامهات عربيات في العصر الاسلامي والاموي والعباسي.
وعلى هذا الاساس يصبح الابناء والخراسانيين عرقا واحدا لأن نسب الابناء نسب آبائهم.
- المولى عربي: والسبب في ذلك هو ان «لحمة الولاء كلحمة النسب» . تخريجا لقول النبي «مولى القوم منهم» .
- «حليف القوم منهم» قول نسب للنبي وهو سبب آخر في النسب كسبب الولاء وهذا الحكم ينطبق على الاتراك. فهؤلاء صاروا من العرب بسبب الحلف.
(7) الخراسانيون يؤكدون على فضلهم على العباسيين لانهم نصروهم ضد الامويين عند ما ثاروا بقيادة ابي مسلم الخراساني وزحفوا نحو الشام لا سقاط الدولة الاموية.
ويذكرون الرتب العسكرية التي تدل على تنظيمهم من نقباء ونجباء وخندقية وكفية والرغندية والازاذمردية.
- الشيعة هنا لا تعني الفرقة الاسلامية التي تتبع علي بن ابي طالب. وانما تعني الانصار أو المؤيدين بشكل مطلق.
- لاحظ توزع الاحزاب والفرق في البلاد الاسلامية في مطلع الدولة العباسية او نهاية الدولة الأموية: العثمانية في البصرة، والمروانية في الشام، والخوارج في الجزيرة العربية. اما بلاد فارس فلم تنتشر فيها الفرق ولم يغلب عليهم أحد.
- الصحصحية والدالقية والذكوانية والراشدية، فرق كلامية أو حزبية ظهرت في العصر الأموي.
- لاحظ النزعة الشعوبية: تفضيل الخراسانيين على جند الشام العرب.
- لاحظ انواع الاسلحة التي كان يستعملها الفرس: الحطبول، والبنود، والاجراس، والبازيكند (كساء يوضع على الكتف) ، واللبود، والسيوف المعقوفة، والقلانس، والخيول الشهرية (البراذين) ، والكافر كوبات (المقارع) ، والطبرزينات (الفؤوس) ، والخناجر، والدرع، والركاب. عداتك التي تستعمل في التمارين العسكرية مثل الدبوق (لعبة للصبيان) ، والنزو على الخيل، والطبطاب (مضرب الكرة) والصولجان، والمحتمة (ما نصب من الحيوان للرمي والقتل) والبرجاس (غرض في الهواء على رأس رمح) والطائر الخطاف.
(8) مفاخر العرب تقتصر على الشعر الموزون، وقرابة النبي والسبق الى الدين الاسلامي وحمل لوائه، والانساب النقية، والخطابة. ورد دعوى الخراسانيين بانهم اصحاب الدعوة العباسية. ان قواد تلك الدعوة من العرب وقد سمى أهمهم امثال قحطبة إبن شبيب الطائي، وسليمان بن كثير الخزاعي الخ..
(9) مفاخر الموالي تجمع النسب الذي يعتز به العرب لانهم عرب بالولاء، والاصل الذي يفتخر به العجمي اي الفارسي.
ويفخرون بحب النبي اياهم، فقد عقد لاسامة بن زيد وهو مولى على عظماء المهاجرين والانصار وقال عنه انه «الحب ابن الحب» .
(10) مفاخر الابناء تنحصر في الشجاعة والاقدام في الحروب والفتك وقمع الثورات واعمال الشغب. ويبدو ان الخليدية والكتفية والبلالية والخريبية حركات تمرد قمعها الابناء.
(11) يؤكد الجاحظ من جديد اتفاق الاعراق والاجناس التي تتشكل منها الدولة العباسية. فليس الاختلاف في الاسم دليلا على الاختلاف في الحقيقة. والروابط التي توحدهم هي الولاء والحلف والاصل الواحد لجميع البشر من آدم وحواء.
- ان الناس جميعا عبيد الله يقلبهم كيف يشاء ويخلقهم، كيف يشاء. وله ان يجعل من شاء عربيا ومن شاء عجميا، من شاء ذكرا ومن شاء انثى؛ وهو الذي خلق آدم من غير أب وام وخلق حواء من ضلعه، وخلق عيسى من غير ذكر، وخلق الجان من النار وخلق السماء من دخان والارض من ماء، وعلم سليمان منطق الطير.
والجاحظ يذكر مشيئة الله في خلقه ليبين انه لا فضل لمخلوق على آخر. وقد ميز بين الاعراق والاجناس كما ميز بين اصناف المعادن ولنلاحظ قوله مثل طاليس ان الماء أصل العالم.
(12) «هذا كتاب كنت قد كتبته ايام المعتصم رضي الله عنه فلم يصل اليه» . هذه العبارة تدل على تاريخ تأليف الكتاب او قسم منه في عهد الخليفة المعتصم.
والقسم الاول الذي ينتهي هنا قد وضع ايام المتوكل. واذا كان القسم الذي وضع في عهد المعتصم يتناول مفاخر الاتراك (لأن الاتراك غلبوا على السلطة ايام المعتصم وكثر عدوهم في الجيش) فان القسم الاول الذي وضع ايام المتوكل يتناول مفاخر الخراسانيين والعرب والموالي والابناء (لأن المتوكل حاول ايجاد التوازن في الجيش بين مختلف الاجناس) .
وعلى هذا الاساس ينبغي اعادة ترتيب مادة الكتاب. بحيث يوضع القسم الثاني.
الذي يبدأ بعبارة: «هذا كتاب كنت كتبته ايام المعتصم» في أول الكتاب.
(13) يذكر الجاحظ مناسبة تأليف الكتاب وهي السؤال الذي طرحه الخليفة المأمون على قواده والمقربين اليه امثال محمد بن حميد الطوسي والأخشيد وابي شجاع ويحيى بن معاذ: ايهما اشجع التركي او الخارجي.
(14) خصال الخوارج: صدق الاقدام، والصبر، والنصر، وقلة الامتعة.
الحزون جمع حزن هو المرتفع.
بنات شحاج: البغال.
بنات صهال: الخيول.
(15) للتركي اربعة عيون: عينان في وجهه وعينان في قفاه، وللخارجي عين- ولا عيب- في مستدير الحرب وللخراساني عين في مستقبل الحرب. وبذا يصح المعنى. والعين هنا استعملت بمعنى البصر في الأمر والعلم به. فالتركي يتحسن الحرب في جميع الجهات والخارجي يحسن الكر الى الامام والخراساني الكر الى الامام.
الوهق: الحبل. الانتساف: الاقتلاع.
المهلب بن ابي صفرة، الخريش بن هلال وعباد بن الحصين التميميان، من الفرسان المشهورين. وكان المهلب واليا على خراسان ابان الدولة الاموية.
- الخوارج جمعوا في صفوفهم اجناسا مختلفة من اصقاع متباينة وانقسموا الى فرق عدة. فكان منهم اعداد من سجستان وخراسان والجزيرة واليمامة والمغرب وعمان، وانضوى تحت لوائهم العربي والموالى والعجمي والاعرابي والعبد والمرأة والحائك والفلاح.
وقد انقسموا الى فرق ذكر منها الجاحظ هنا الازارقة والنجدات والاباضية والصفرية.
الازارقة نسبة الى رئيسهم نافع بن الازرق الحنفي، قالوا بتكفير علي بن ابي طالب وكل مرتكب كبيرة، وكل قاعد عن الجهاد.
وفرقة النجدات او النجدية نسبة الى رئيسهم نجدة بن عامر الحنفي. قالوا يجب على المسلمين معرفة الله ورسله وتحريم دماء المسلمين واموالهم. وما سوى ذلك فالناس معذورون فيه بجهلهم.
وفرقة الصفرية نسبة الى عبد الله بن الأصفر قالوا ان جميع مخالفيهم كفار يحل قتلهم.
- حمزة بن ادرك الخارجي: صاحب احدى فرق العجاردة من الخوارج، خرج في خراسان ايام الرشيد وبقي يقاتل حتى ايام المأمون.
- الوليد بن طريف أحد رؤساء الخوارج قتله يزيد بن مزيد القائد العباسي.
- ثمامة بن اشرس احد شيوخ المعتزلة ومعاصر الجاحظ، هو كما يقول الجاحظ عربي بيد انه معجب الاتراك. وقد وقع في اسرهم مرة فاكرموه، وشهد بعض وقائعهم- الجاحظ يذكر انه رافق المأمون في بعض غزواته. ويبرر اصطناع المعتصم للأتراك عند ما تولى الخلافة لشدة بطشهم وصبرهم على القتال. ويذكر ايضا ما شاهده من انفلات فرس من الجنود الخراسانيين وغيرهم وعجزهم عن اخذها حتى جاء تركي فقبض عليها وسلمهم اياها.
- لاحظ كيف يفسر الجاحظ ظاهرة تعلق الاتراك بوطنهم وحنينهم اليه اكثر من العرب وسائر الأمم. لأن تركيبتهم وطبيعتهم من تركيب بلادهم. وقد اورد بعض هذه الافكار في كتاب الاوطان والبلدان.
(16) قارن الجاحظ بين مختلف الأمم من عرب ويونانيين وأتراك وفرس وصينيين وخلص الى القول ان الاتراك تفوقوا في الحرب تفوق اليونانيين بالحكمة واهل الصين في الصناعة، والعرب بالأدب، وآل ساسان في الرياسة. وقد مهد السبيل في هذه المقارنة الى ابن صاعد الاندلسي صاحب كتاب طبقات الامم.
- لاحظ انساب العرب والاتراك واليهود. كلهم ينتهون الى جد مشترك هو ابراهيم ويتحدرون من ثلاث امهات تزوجهن ابراهيم: هاجر القبطية، وسارة السريانية، وقطورا بنت مفطون العربية.
- اسم الاتراك جاء من الترك تبعا للحديث المأثور: تاركوا الترك ما تاركوكم.
وبقوله «اتركوهم سموا الترك» .
- الجاحظ يترجم لابراهيم بن السندي مولى امير المؤمنين المعتصم. وقد حدثه عن خاقان ملك الترك الذي حارب الجنيد بن عبد الرحمن المري امير خراسان من قبل هشام بن عبد الملك الخليفة الاموي. ويروي ما دار بينهما من حديث حول احكام الدين الاسلامي في الزنا والسرقة والسلب والقتل الخ ...
- الفرق بين العقل والنقل: اصحاب العقل يردون احكامهم الى جواز العقول وما يحسن في الرأي. واصحاب النقل يتبعون ما ورد في كتب الانبياء لعلمهم أن الله ادرى بصالح الخلق.
- جهم بن صفوان (128 هـ) مؤسس فرقة الجهمية. قال بالجبرية والاضطرار وانكر حرية الانسان او قدرته على فعل اعماله. وقال ان الايمان هو المعرفة بالله والكفر هو الجهل به، وقتل في اواخر الدولة الاموية. 









مصادر و المراجع :

١- الرسائل السياسية

المؤلف: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)

الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید