المنشورات

نبل السيد

فصل منه: والسّيّد المطاع لم يسهل عليه الكظم، ولم يكن له كنف الحلم، إلّا بعد طول تجرّع للغيظ، ومقاساة للصّبر. وقد كان معنّى القلب دهره، ومكدود النّفس عمره، والحرب سجال بينه وبين الحلم، ودول بينه وبين الكظم. فلمّا انقادت له العشيرة، وسمحت له بالطّاعة، ووثق بظهور القدرة خلاف المعجزة سهل عليه الصّبر، وغمر بعلوّه دواعي الجزع، بطلت المجاذبة، وذهبت المساجلة.
والذي كان دعاه إلى تكلّف الحلم في بدء أمره وإلى احتمال المكروه في أوّل شأنه، الأمل في الرّياسة، والطّمع في السيادة، ثمّ لم يتمّ له أمره، ولم يستحكم له عقده إلّا بعد ثلاثة أشياء: الاحتمال، ثم الاعتياد، ثم ظهور طاعة الرّجال.
ولولا خوف جميع المظلومين من أن يظنّ بهم العجز، والا يوجه احتمالهم الى الذل لزاحم السادة في الحلم رجال ليسوا في أنفسهم بدونهم، ولغمرهم بعض من ليس معه من أسبابهم.
















مصادر و المراجع :

١- الرسائل الأدبية

المؤلف: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)

الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت

الطبعة: الثانية، 1423 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید