المنشورات

تعليم النحو والرياضة

فصل منه: وأمّا النّحو فلا تشغل قلبه منه إلّا بقدر ما يؤدّيه إلى السلامة من فاحش اللّحن، ومن مقدار جهل العوامّ في كتاب إن كتبه، وشعر إن أنشده، وشيء إن وصفه. وما زاد على ذلك فهو مشغلة عمّا هو أولى به، ومذهل عمّا هو أردّ عليه منه من رواية المثل والشاهد، والخبر الصادق، والتعبير البارع.
وإنّما يرغب في بلوغ غايته ومجاوزة الاقتصار فيه، من لا يحتاج الى تعرّف جسيمات الأمور، والاستنباط لغوامض التدبّر، ولمصالح العباد والبلاد، والعلم بالأركان والقطب الذي تدور عليه الرّحى؛ ومن ليس له حظّ غيره، ولا معاش سواه.
وعويص النحو لا يجري في المعاملات ولا يضطرّ إليه شيء. فمن الرأي أن يعتمد به في حساب العقد دون حساب الهند، ودون الهندسة وعويص ما يدخل في المساحة. وعليك في ذلك بما يحتاج إليه كفاة السّلطان وكتّاب الدواوين.
وأنا أقول: إن البلوغ في معرفة الحساب الذي يدور عليه العمل، والتّرقّي فيه والسبب اليه، أردّ عليه من البلوغ في صناعة المحرّرين ورؤوس الخطّاطين؛ لأنّ في أدنى طبقات الخطّ مع صحّة الهجاء بلاغا. وليس كذلك حال الحساب.








مصادر و المراجع :

١- الرسائل الأدبية

المؤلف: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)

الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت

الطبعة: الثانية، 1423 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید