المنشورات

اسئلة على القيافة والظلام

وخبرني كيف صارت القيافة في النسبة وفي الماء والجو والتربة، وليست القيافة تكلفا وصنعة، ولا عرفت بالاستنباط والفكرة، فتكون لمن تعلم دون من يتعلم، نجدها في بني مدلج، ثم في خاص من خثعم، وكذلك خزاعة، وهي في قريش أقل. وهي في بني أسد أقل، وليس هؤلاء لأب ولا يجمعهم بلد، وليس فيما بين البلدين قافة وهي فيهم على هذه الصفة. وكيف لم يختلفوا في لغتهم فينطق بعضهم بالزنجية وبعضهم بالنبطية وبعضهم بالفارسية. فان قلت فارقهم المعجم والشاعر والبكي والغرير، فان الشاعر وإن كان القريض عليه اسهل وهو على القوافي أقدر فإنه يتروى الشعر ويصنعه ويتفرد له ويفكر فيه، وكيف صار الانسان يعيش حيث تعيش النار ويموت حيث تموت النار، يصاب علم ذلك في الحباب وفي الغيران، ولم صار يبصر النجوم من قعر البئر العميقة ولا يبصرها أبدا إلا وهو خالص الظلمة. وخبرني عن الظلام أجسم موجود عند زوال الضوء، أم تأويل قولنا ظلام إنما نريد به دفع الضوء! فإن كان الظلام معنى أفتراه انقمع في الأرض وكمن عند انبساط الضوء وردع الشعاع، أم الأرض قرص للضلام كما أن عين الشمس قرص للضياء، وإن كان قائما فكيف لم يتنافيا. وإن كانا قد تداخلا فكيف لم نجدهما على منظر الأعين، ولو كان الأمر كذلك فنحن إذا لم نر ضياء قط ولا ظلاما.












مصادر و المراجع :

١- الرسائل الأدبية

المؤلف: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)

الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت

الطبعة: الثانية، 1423 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید