المنشورات

طيخم بن أبي الطمخاء الأسدي يمدح قوماً من أهل الحيرة

قال أبو العباس: ومن سهل الشعر وحسنه قول طخيم بن أبي الطخماء الأسدي يمدح قوماً من أهل الحيرة من بني امرىء القيس بن زيد مناة بن تميم، ثم من رهط عدي بن زيد العبادي، قال:
كأن لم يكن يومٌ بزورة صالحٌ ... وبالقصر ظل دائمٌ وصديق1
ولم أراد البطحاء يمزج ماءها ... شراب من البروقتين عتيق2
معي كل فضفاض القميص كأنه ... إذا ما سرت فيه المدام فنيق
بنو السمط والحداء، كل سميدع ... له في العروق الصالحات عروق
وإني وإن كانوا نصارى أحبهم ... ويرتاح قلبي نحوهم ويتوق
قال أبو العباس: أنشدني هذا الشعر أبو محلم، ثم أنشدنيه رجل نصراني يكنى أبا يحيى، شاعر من هؤلاء القوم الذين مدحوا به، وذكر أنه يذكر طخيماً، وهو يتردد إليهم ويظل عندهم. فال هذا النصراني وهو رجل من بني الحداء قال: أذكره وأنا صغير جداً، والسلطان يطلبه لقوله:
له في العروق الصالحات عروق
يقول: أتقول هذا لقومٍ من النصارى وكان هذا النصراني قد قارب مائة سنة فيما ذكر.
وقوله: "معي كل فضفاض القميص" يريد أن قميصه ذو فضولٍ، وإنما يقصد إلى ما فيه من الخيلاء، كما قال زهير:
يجرون الذيول وقد تمشت ... حمياً الكأس فيهم والغناء
ويقال: إن تأويل قول رسول الله حلى الله عليه وسلم: "فضل الإزار في النار" إنما أراد معنى الخيلاء، وقال الشاعر:
ولا ينسيني الحدثان عرضي ... ولا أرخي من المرح الإزارا
وقد روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه قال لأبي تميمة الهجيمي: "إياك والمخيلة" فقال: يا رسول الله، نحن قومً عربٌ، فما المخيلة, فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "سبل الإزار" والحديث يعرض لما يجري في الحديث قبله، وإن لم يكن من بابه، ولكن يذكر به.
قال أبو العباس: روى لنا أن رجلاً من الصالحين كان عند إبراهيم1 بن هشام، فأنشد إبراهيم قول الشاعر:
إذ أنت فينا لمن ينهاك عاصية ... وإذا أجر إليكم سادراً رسني
فقام ذلك الرجل فرمى بشق ردائه، وأقبل يسحبه حتى خرج من المجلس، ثم رجع على تلك الحال فجلس، فقال له إبراهيم بن هشام: ما بك فقال: إني كنت سمعت هذا الشعر فاستحسنته، فآليت ألا أسمعه إلا جررت ردائي كما ترى، كما سحب هذا الرجل رسنه.
وأما الفنيق فإنه الفحل من الإبل2، وإنما أراد خطراته بذنبه من الخيلاء، فشبه الرجل من هؤلاء إذا انتشى بالفحل، وهو إذا خطر ضرب بذنبه يمنة وشأمة، قال ذو الرمة:
وقربن بالزرق الجمائل بعدما ... تقوب عن غربان أوراكها الخطر 3












مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید