المنشورات

قول ابن ميادة لرياح بن عثمان المري

ومما يستحسن إنشاده من الشعر لصحة معناه، وجزالة لفظه، وكثرة تردد ضربه من المعاني بين الناس، قول ابن ميادة لرياح بن عثمان بن حيان المري1، من مرة غطفان، يقوله في فتنة2 محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن، وكان أشار عليه بأن يعتزل القوم فلم يفعل فقتل، فقال ابن ميادة:
أمرتك يا رياح بأمر حزمٍ ... فقلت: هشيمةٌ من أهل نجد
نهيتك عن رجال من قريش ... على محبوكة الأصلاب جرد
ووجداً ما وجدت على رياحٍ ... وما أغنيت شيئا غير وجدي
وقوله3:
"فقلت هشيمة من أهل نجد4"
تأويله ضعفة، وأصل الهشيم النبت إذا ولى وجف وتكسر، فذرته الرياح يميناً وشمالاً قال الله عز وجل: {فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} 5 والنجد: أعالي الأرض.
وقوله:
"على محبوكة الأصلاب جرد"
فالمحبوك الذي فيه طرائق، واحدها حباكٌ، والجماعة حبك، وكذلك الطرائق التي عاى جناح الطائر؛ من ذلك قول الله عز وجل1: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} 2.
قال أبو الحسن: ابن ميادة اسمه الرماح، وأمه ميادة، وأبوه أبرد، وكان عاقاً بأمه، ولها يقول:
اعرنزمي مياد للقوافي3
وأصل الاعرنزام التجمع والتقبض، يقول: استعدي لها وتهيئي.
وأنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد له:
ونواعم قد قلنا يوم ترحلي ... قول المجد وهن كالمزاح
ياليتنا من غير أمر فادح ... طلعت علينا العيس بالرماح
في أبيات له، يعني نفسه.
قال أبو الحسن: وتمام الأبيات:
بينا كذاك رأيتني متعصباً ... بالخز فوق جلالة سرداح4
فيهن صفراء المعاصم طفلة ... بيضاء مثل غريضة التفاح5
ريشن حين أردن أن يرمينني ... نبلاً بلا ريشٍ ولا بقداح
ونظرن من خلل الستور بأعين ... مرضى مخالطها السقم صحاح












مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید