المنشورات

نضلة السلمي في يوم غول

وقال نضلة السلمي1 في يوم غولٍ وكان حقيراًدميماً، وكان ذا نجدةٍ وبأسٍ:
ألم تسل الفوارس يوم غولٍ2 ... بنضلة، وهو موتور مشيح
رأوه فازدروه وهو حر1 ... وينفع أهله الرجل القبيح
فشد عليهم بالسيف صلتاً ... كما عض الشبا الفرس الجموح
فأطلق غل صاحبه وأردى ... قتيلاً منهم ونجا جريح
ولم يخشوا مصالته عليهم ... وتحت الرغوة اللبن الصريح
قوله: "وهو موتور مشيح" فالمشيح الحامل الجاد، يقال: أشاح يشيح إذا حمل، وأنشدني التوزي قال: أنشدني أبو زيد وهو لأبي العيال الهذلي:
مشيح فوق شيحان ... يشد كأنه كلب
قال: وشيحان اسم فرسه.
قال أبو الحسن ويروى: "شيحان" [بفتح الشين] 2، وحقه3 على رواية أبي زيد ألا ينصرف لأنه فعلان، فالألف والنون زائدتان، وهو معرفة، فضارع عطشان وما جرى مجراه، وإنما اضطر فصرفه. وعن4 أبي زيد أيضاً يرويه:" شيحان"، وهو الجاد، وهو صفة شائعة، وليس كالأول فالأول معرفة مشتق عن النعت4.
وقال ابن الإطنابة، واسمه عمرو:
وإجشامي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح
ويقال في هذا المعنى: رجل شيح، كما يقال: ناقة نقض، إذا كانت هزيلاً، قال أبو ذؤيب5:
وشايحت قبل اليوم إنك شيح وقوله: "بالسيف صلتاً" يقول: منتضى، ورجل صلت الجبين إذا كان نقيه.
وقوله: "كما عض الشبا" يريد حد اللجام، وشبا كل شيء حده.
وقوله: "وأردى" أي أهلك، يقال: ردي يردى إذا هلك، والردى: الهلاك، قال الله عز وجل: {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} 1، قيل فيه قولان: أحدهما إذا تردى في النار، والآخرإذا مات، وهو" تفعل" من الردى.
وقوله:
ولم يخشوا مصالته عليهم
فهي" مفعلة" من صال يصول، ويقال: صال البعير إذا عض.
وقيل للمغيرة بن شعبة: إن بوابك يإذن لأصحابه قبل أصحابك، فقال: إن المعرفة لتنفع عند الكلب العقور، والجمال الصؤول، فكيف بالرجل الكريم!
وقوله:
وتحت الرغوة اللبن الصريح
يقول: إذا رأيت الرغوة وهو ما يرغو كالجلد في أعلى اللبن لم تدر ما تحتها، فربما صادفت اللبن الصريح إذا كشفتها. أي أنهم رأوني فازدروني لدمامتي، فلما كشفوا عني وجدوا غير ما رأوا. والصريح: المحض الخالص، من ذلك قولهم: عربي صريح أي خالص، ومولى صريح.
ومن أمثال العرب: "إنه ليسر حسوا في ارتغاء" ومعنى ذلك أنه يوهمك أنه يأخذ بفيه تلك الجلدة عن اللبن ليصلحه لك، يحسو من تحتها، يضرب هذا المثل لمن يريك أنه يعينك، وإنما يجتر النفع إلى نفسه.













مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید