المنشورات

أعرابي يرد على مغنية عابته بالقصر

وحدثني العباس بن الفرج الرياشي قال: حدثني أبو عثمان المازني قال: كان أعرابيٌ يختلف إلى مغنية لآل سليمان، فأشرفت إليه5 ذات مرة فأومأت إليه إيماء عائب له بالقصر، فأنشأ يقول:
ياجعفرٌ يا جعفرٌ يا جعفر ... إن أك ربعةً فأنت أقصر
أو أك ذا شيب فأنت أكبر ... غرك سربال عليك أحمر
ومقنع من الحرير أصفر1 ... وتحت ذاك سوأةٌ لو تذكر
قال أبو الحسن: أنشدني أبو العباس محمد بن الحسن الوراق الشعر الذي فيه قوله:
ولما التقى الصفان واختلف القنا
بتمامه، وهو شعر مختار لرجل من طيىء، ويدل على ذلك ماتسمعه في الشعر، وهو قوله:
جمعنا لهم من حيٌ غوثٍ ومالكٍ ... كتائب يردي المقرفين نكالها
لهم عجز بالحزن فالرمل فاللوى ... وقد جاوزت حيي جديس رعالها
وتحت نحور الخيل حرشف رجلة ... تتاح لحبات القلوب نبالها
أبى لهم أن يعرفوا الضيم أنهم ... بنو ناتق كانت كثيراً عيالها
فلما أتينا السفح من بطن حائل ... بحيث تناصى طلحها وسيالها
دعوا لنزاروانتمينا لطيىء ... كأسد الشرى إقدامها ونزالها
فلما التقينا بين السيف فيهم ... لسائلةٍ عنا حفيٌ سؤالها
ولما عصينا بالرماح تضلعت ... صدور القنا منهم وعلت نهالها
ولما تدانوا بالسيوف تقطعت ... وسائل كانت قبل سلماً حبالها
فولوا وأطراف الرماح عليهم ... قوادم مربوعاتها وطوالها
الكتائب: جمع كتيبة، سميت كتيبة لاجتماعها وانضمام بعضها إلى بعض، يقال: تكتب القوم إذا تضاموا، ومنه أخذ الكتاب لانضمام حروفه، ولذلك قالوا:
بعلة مكتوبة إذا شد حياؤها وضم. ويردي: يهلك، يقال: ردي الرجل إذا هلك، والردى: الهلاك، والإرداء: الإهلاك. والمقرفون: الذين دخلوا في الفساد والعيث، وهو في الأصل الهجنة يقال: فرس مقرفٌ إذا كان هجيناً، ثم يشيع في الفساد.
والعجز؛ مؤخر العسكر ههنا، وهو مستعار. والحزن: ما خشن من الأرض وغلظ. واللوى: مستدق الرملة حيث ينقطع، يقال ألويتم فانزلوا: أي صرتم إلى آخر الرملة، وهواللوى. وجديس: قبيلة معروفة، فلذلك لم يصرفها. والرعال الجماعات المتفرقة، واحدها رعلةٌ.
والحرشف: نبت يكثر في البادية، وإنما شبه النبل به في الكثرة، والرجلة: الرجالة. وتتاح: تقدر، يقال أتاح الله له كذا وكذا، أي قدر له، والنبال جمع نبلٍ.
والناتق: الولود، فإذا أسرفت في ذلك وكثر ولدها جداً قيل منتاقٌ.
والسفح: أصل الجبل من الوادي. وحائل: موضع. وتناصى: تقابل وتقرب حتى يعلق هذا بهذا، وهذا بهذا عند هبوب الريح، يقال: تناصى الرجلان نصاء وتناصياً إذا اقتتلا فأخذ كل واحدٍ منهما بناصية صاحبه، والطلح والسيال: ضربان من الشجر معروفان.
وانتمى ونمى: انتسب. والشرى: موضع كثير السباع، وإنما يريد: كإقدام أسد الشرى وإقدامها، ثم حذف لعلم السامع.
وعصينا: جعلنا الرماح كالعصي. والعلل: الشرب الثاني، والنهل: الأول يريد أنا أعدناها إلى الطعن مرة بعد أخرى.
وقوادم: ذات إقدام، فجاء به على الأصل، كما قال:
يخرجن من أجواز ليلٍ غاض1
أي مغضٍ، فجاء به على الأصل، وهو كثير.
والمربوعات: المعتدلة التي لم تبلغ أن تكون رمحاً، وهو رفعٌ، كأنه قيل له: ما هي? فقال: هي مربوعاتها وطوالها، ولو خفض وجعله بدل البعض من الكل لكان حسناً، وكان يكون مقوى، ولكن هكذا أنشدناه مرفوعاً على التقدير الذي ذكرناه.













مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید