المنشورات

قول الفرزدق حينما تعلق بأستار الكعبة

والفرزدق يقول في آخر عمره حين تعلق بأستار الكعبة، وعاهد الله ألا يكذب، ولا يشتم مسلماً:
ألم ترني عاهدت ربي وإنني ... لبين رتاجٍ قائماً ومقام
على حلفة لا أشتم الدهر مسلماً ... ولا خارجاً من في زور كلام
وفي هذا الشعر:
أطعتك يا إبليس تسعين حجةٌ ... فلما انقضى عمري وتم تمامي
رجعت إلى ربي وأيقنت أنني ... ملاقٍ لأيام المنون حمامي
قوله: "لبين رتاج"، فالرتاج غلق الباب، ويقال: باب مرتج، أي مغلقٌ، ويقال: أرتج على فلان، أي أغلق عليه الكلام، وقول العامة: "أرتج عليه"، ليس بشيء، إلا أن التوزي حدثني عن أبي عبيدة. قال يقال: أرتج عليه، ومعناه وقع في رجةٍ، أي في اختلاط، وهذا معنى بعيد جداً.
وقوله: "ولا خارجاً" إنما وضع اسم الفاعل في موضع المصدر، أراد: لا أشتم الدهر مسلماً، ولا يخرج خروجاً من في زور كلام، لأنه على ذا أقسم، والمصدر يقع في موضع اسم الفاعل، يقال: ماءٌ غور، أي غائر، كما قال الله عز وجل: {إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً} 1، ويقال: رجل عدلٌ، أي عادل، ويوم غم، أي غام، وهذا كثير جداً، فعلى هذا جاء المصدرعلى فاعل، كما جاء اسم الفاعل على المصدر، يقال: قم قائماً، فيوضع في موضع قولك: قم قياماً، وجاء من المصدر على لفظ "فاعل" حروفٌ، منها: فلج فالجا، وعوفي عافية، وأحرف سوى ذلك يسيرة. وجاءعلى "مفعول"، نحو رجل ليس له معقول، وخذ ميسوره، ودع معسوره، لدخول لمفعول على المصدر، يقال رجل رضاً، أي مرضي، وهذا درهم ضرب الأمير، أي مضروب، وهذه دراهم وزن سبعةٍ، أي موزونة، وكان عيسى بن عمر يقول: إنما قوله: "لا أشتم" حال، فأراد: عاهدت ربي في هذه الحال وأنا غير شاتمٍ ولا خارجٍ من في زوركلام، ولم يذكر الذي عاهد عليه.













مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید