المنشورات

عمارة بن عقيل يحض بني كعب وبني كلاب على بني نمير

قال أبو الحسن: أنشدني عمارة بن عقيل لنفسه يحض بني كعب وبني كلاب، ابني ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن على بني نمير بن عامر بن صعصعة، وبينهم مطالبات وترات1. وكانت بنو نمير أعداء عمارة. فكان يحض عليهم السلطان، ويغري بهم إخوتهم، ويحاربهم في عشيرته، فقال:
رأينا كما يا ابني ربيعة خرتما ... لعض الحروب. والعديد كثير
وصدقتما قول الفرزدق فيكما ... وكذبتما ما كان قال جرير
أصابت نمير منكم فوق قدرها ... فكل نميري بذاك أمير
فإن تفخروا بما مضى من قديمكم ... فقد هدمت مدائن وقصور
رمتها مجانيق العدو فقوضت ... مدائن منها كالجبال وسور
وشيدها الأملاك: كسرى وهرمز ... وآل هرقل حقبة، ونضير
فإن تعمروا المجد القديم فلم يزل ... لكم في مضرات الحروب ضرير
خبطتم ليوث الشأم حتى تناذرت ... حماكم وحتى لا يهر عقور
فكيف بأكناف الشريف تصيبكم ... ثعالب يبحثن الحصى وأبور
قال أبو العباس: قوله:
فقد هدمت مدائن وقصور
مثل، يريد ان مجدكم الذي بناه آباؤكم متى لم تعمروه بأفعالكم خرب وذهب. وهذا كما قال عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:
لسنا وإن كرمت أوائلنا ... يوماً على الأحساب نتكل
نبني كما كانت أوائلنا ... تبني ن ونفعل مثل ما فعلوا
وكما قال الآخر:
ألهى بني جشم عن كل مكرمة ... قصيدة قالها عمرو بن كلثوم
يفاخرون بها مذ كان أولهم ... يا للرجال لفخر غير مسئوم
إن القديم إذا ما ضاع آخره ... كساعد فله الأيام محطوم
وكما قال عامر بن الطفيل:
إني وإن كنت ابن فارس عامر ... وفي السر منها والصريح المهذب
فما سودتني عامر عن وراثة ... إبى الله أن أسمو بأم ولا أب
ولكنني أحمي حماها، وأتقي ... أذاها وأرمي من رماها بمقنب
قال أبو الحسن: أنشدني هذه الأبيات محمد بن الحسن المعروف بابن الحرون ويكنى أبا عبد الله لعامر بن الطفيل العامري. قال أبو الحسن: قال الأصمعي: وكان عامر بن الطفيل يلقب محبراً لحسن شعره، وأولها:
تقول ابنة العمري ما لك بعدما ... أراك صحيحاً كالسليم المعذب
فقلت لها: همي الذي تعلمينه ... من الثأر في حيي زبيد وأرحب
إن اغز زبيداً أغز قوماً أعزة ... مركبهم في الحي خير مركب
وإن أغز حيي خثعم فدماؤهم ... شفاء، وخير الثأر للمتأوب
فما أدراك الأوتار مثل محقق ... بأجرد طاو كالعسيب المشذب
وأسمر خطي وأبيض باتر ... وزغف دلاص كالغدير المثوب
سلاح امرىء قد يعلم الناس أنه ... طلوب لثارات الجال مطلب
ثم أتى بإنشاد أبي العباس على وجهه، إلا أنه روى: "من رماها بمنكب" السليم: الملدوغ، وقيل له: "سليم" تفاؤلاً له بالسلامة، وزبيد وأرحب: حيان من اليمن. والثأر: ما يكون لك عند من أصاب حميمك، من الترة، ومن قال "ثار" فقد أخطأ.
والمتأوب: الذي يأتيك لطلب ثأره عندك، يقال: آب يؤوب إذا رجع. والتأويب في غير هذا: السير في النهار بلا توقف.
والأوتار والأحقاد واحدهما وتر وحقد. والأجرد: الفرس المتحسر الشعر، والأجرد الضامر أيضاً. والعسيب: السعفة. والمشذب. الطويل الذي أخذ ما عليه من العقد والسلاء1 والخوص، ومنه قيل للطويل المعرق: مشذب.
وخطي: رمح منسوب إلى الخط، وهي جزيرة بالبحرين، يقال إنها تنبت عصا الرماح وقال الأصمعي: ليست بها رماح، ولكن سفينة كانت وقعت إليها، فيها رماح، وأرفئت بها في بعض السنين المتقدمة، فقيل لتلك الرماح: الخطية: ثم عم كل رمح هذا النسب إلى اليوم. والزغف: الدرع الرقيقة النسج، والمثوب: الذي تصفقه الرياح فيذهب ويجيء، وهو من ثاب يثوب إذا رجع. وإنما سمي الغدير غديراً لأن السيل غادره، أي تركه.
قال أبو العباس: وقوله:
لكم في مضرات الحروب ضرير
يقال: رجل ضرير إذا كان ذا مشقة على العدو، وقال مهلهل بن ربيعة التغلبي:
قتيلٌ ما قتيل المرء عمرو ... وهمام بن مرة ذو ضرير2
وقوله: "خبطتم ليوث الشام "يريد ما كان من نصر بن شبث العقيلي، وهو عقيل بن كعب بن ربيعة.
وقوله: "أبور" جمع وبر3، وإذا إنضمت الواو من غير علة فهمزها جائز، وقد ذكرنا ذلك قبل.















مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید