المنشورات

حديث أبي وجزة وأبي زيد الأسلمي

وكان من حديث ذلك أن أبا وجزة السلمي، المعروف بالسعدي لنززله فيهم، ومحالفته إياهم، كان شخص إلى المدينه يريد آل الزبير، وشخص أبو زيد الأسلمي يريد إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وهو والي المدينة فاصطحبا، فقال أبو وجزة: هلم فلنشترك فيما نصيبه، فقال أبو زيد الأسلمي: كلا، أمدح الملوك، وأنت تمدح السوق1 فلما دخلا المدينة صار أبو زيد إلى إبراهيم بن هشام فأنشده:
ياابن هشام يا أخا الكرام
فقال إبراهيم: وإنما أنا أخوهم، وكأني لست منهم ثم أمر به فضرب بالسياط وامتدح أبو وجزة آل الزبير، فكتبوا إليه بستين وسقاٌ من تمر، وقالوا: هي لك عندنا في كل سنةٍ، فانصرفا، فقال أبو زيد:
مدحت عروقاٌ للندى مصب الثرى ... حديثاٌ فلم تهمم بأن تتزعزها
نقائذ بؤس ذاقت الفقر والغنى ... وحلبت الأيام والدهر أضرعا
سقاها ذوو الأرحام سجلاًعلى الظما ... وقد كربت أعناقها أن تقطعا
بفضل سجال لو سقوا من مشى بها ... على الأرض أرواهم جميعاٌ وأشبعا
فضمت بأيديها على فضل مائها ... من الري لما أوشكت أن تضلعا
وزهدها أن تفعل الخير في الغنى ... مقاساتها من قبله الفقر جوعا
وقال أبو وجزة:
راحت رواحاٌ قلوصي وهي حامدة ... آل الزبير ولم تعدل بهم أحدا
راحت بستين وسقاٌ في حقيبتها ... ما حملت حملها الأدنى ولا السددا
ما إن رأريت قلوصاٌ قبلها حملت ... ستين وسقاٌ ولا جابت به بلدا
ذاك القرى، لاقرى قوم رأيتهم ... يقرون ضيفهم الملوية الجددا
أما قول أبي زيد لإبراهيم:
"مدحت عروقاٌ للندى مصت الثرى....حديثاٌ.. "
فإنما عنى أن إبراهيم وأخاه محمداً إنما تطمعا بالعيش، ودخلا في النعمة، وخرجا من حد السوق إلى حد الملوك حديثاً، وذلك بهشام بن عبد الملك لأنهما كانا خاليه، وإنما ولاهما عن خمول.
وقوله: "فلم تهمهم بأن تتزعزعا"، فإنما هذا مثل: يقال: فلان يهتزللندى، ويرتاح لفعل الخير كما قال متمم بن نويرة:
تراه كنصل السيف يهتز للندى ... إذا لم تجد عند امرىء السوء مطمعا
وتأويل ذلك أنه يتحرك سرور لفعل الخير.












مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید