المنشورات

نبذ من أقوال الحكماء

قال أبو العباس: وكان عبد الله بن يزيد أبو خالد من عقلاء الرجال، قال له عبد الملك يوماً: ما مالك? فقال: شيئان لا عيلة علي معهما، الرضا من الله، والغنى عن الناس. فلما نهض من بين يديه قيل له: هلا خبرته بمقدار مالك? فقال: لم يعد أن يكون قليلاً فيحرقني، أو كثيراً فيحسدني وقال رسول الله صلى الله عليه سلم: "من سره أن يكون أعز الناس فليتق الله، ومن سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده، ومن سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله".
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "من سره الغنى بلا مال، والعز بلا سلطان، والكثرة بلا عشيرة، فليخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعته، فإنه واجد ذلك كله".
وخطب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم فحمد الله بما هو أهله ثم أقبل على الناس، فقال: "أيها الناس إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، فإن العبد بين مخافتين: أجلٌ قد مضى لا يدري ما الله فاعل فيه، وأجلٌ باق لا يدري ما الله قاض فيه، فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الكبر، ومن الحياة إلى الممات، فو الذي نفس محمد بيده، ما بعد الموت من مستعتب، ولا بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار".
وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أمرني ربي بتسع، الإخلاص في السر والعلانية، والعدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وأن أعفو عمن ظلمني، وأصل من قطعني، وأعطي من حرمني، وأن يكون نطقي ذكراً، وصمتي فكراً، ونظري عبرة".
حدثت أنه التقى حكيمان، فقال أحدهما للآخر: إني لأحبك في الله، فقال له الآخر: لو علمت مني ماأعلمه من نفسي لأبغضتني في الله. فقال له صاحبه: لو علمت من ما تعلمه من نفسك لكان لي فيما أعلمه من نفسي شغل. وكان مالك بن دينار يقول: جاهدوا أهوءاكم كما تجاهدون أعداءكم.وكان يقول: ما أشد فطام الكبير.
وقيل لعمر بن عبد العزيز: أي الجهاد أفضل فقال: جهادك هواك.
وكان الحسن يقول: حادثوا هذه القلوب، فإنها سريعة الدثور. واقدعوا هذه الأنفس فإنها طلعة، وإنكم إلا تقدعوها تنزع بكم إلى شر غاية.
قوله: "حادثوا" مثل، ومعناه: اجلوا واشحذوا، تقول العرب: حادث فلان سيفه إذا جلاه وشحذه، وقال زيد الخيل:
وقد علمت سلامة أن سيفي ... كريه كلما دعيت نزال
أحادثه بصقل كل يوم ... وأعجمه بهامات الرجال
قوله: "أعجمه بهامات الرجال": أي أعضه، يقال عجمه إذا عضه والدثور الدروس يقال: دثر الربع إذا مح1 ومعناه: تعهدوها بالفكر والذكر. وقوله: "فإنها طلعة"، يقول: كثيرة التشوف والتنزي إلى ما ليس لها. وأنشد الأصمعي:
زلا تمليت2 من مال ولا عمر ... إلا بما سر3 نفس الحاسد الطلعه
قال: ويقال للجارية إذا كانت تبرز وجهها لتري حسنها ثم تخفيه لتوهم الحياء: خبأة طلعة.
وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول: أيها الناس إنما خلقتم للأبد: ولكنكم تنقلون من دار إلى دار. ويروي عن المسيح صلوات الله عليه وسلامه أنه كان يقول: إن احتجتم إلى الناس فكلوا قصداً وامشوا جانباً.
ولما احتضر قيس بن عاصم قال لبنيه: يا بني، احفظوا عني ثلاثاً، فلا أحد أنصح لكم مني: إذا أنا مت فسودوا كباركم، ولا تسودوا صغاركم، فيحقر الناس كباركم، وتهنوا عليهم. وعليكم بحفظ المال فإنه منبهة للكريم، ويستغنى به عن اللئيم، وإياكم والمسألة فإنها أخر1 كسب الرجل.









مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید