المنشورات

جرير يرثي ابنه سوادة

وقال جرير:
قالوا نصيبك من أجرٍ فقلت لهم ... كيف العزاء وقد فارقت أشبالي1
هذا سوادة يجلو مقلتي لحمٍ ... بازٍ يصرصر فوق المرقب العالي
فارقته حين غض الدهر من بصري ... وحين صرت كعظم الرمة البالي
قوله: "يجلو مقلتي لحم"، شبه مقلتيه بمقلتي البازي، ويقال: "طائر لحم" من هذا. وقوله: "يصرصر" يعني يصوت، يقال: صرصر البازي والصقر، وما كان من سباع الطير، ويقال: صرصر العصفور: وأحسبه مستعاراً. لأن الأصل فيه أن يستعمل في الجوارح من الطير، قال جرير:
بازٍ يصرصر بالسهبى قطاً جونا 1
وقال آخر:
كما صرصر العصفور في الرطب الثعد2
وأنشدني عمارة: "باز يصعصع" وهو أصح قال أبو الحسن: "يصعصع" وهو الصواب، ولكن هكذا وقع في كتابه. ويصرصر لايتعدى.
قال أبو العباس: وقوله: "كعظم الرمة "فهي البالية الذاهبة، والرميم: مشتق من الرمة، وإنما هو فعيلٌ وفعلةٌ، وليس بجمع له واحد.
ومما كفرت به الفقهاء الحجاج بن يوسف قوله: والناس يطوفون بقبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنبره وإن شئت قلت: "يطيفون"، قال أبو زيد: تقول العرب: طفت وأطفت به، ودرت وأدرت به، ويقال: حدق وأحدق: قال الأخطل:
المنعمون بنو حربٍ وقد حدقت ... بي المنية واستبطأت أنصاري
إنما يطوفون بأعوادٍ ورمةٍ.
ومن أمثال العرب: "لولا أن تضيع الفتيان الذمة، لخبرتها بما تجد الإبل في الرمة".، يقول: لولا أن تدع الأحداث التمسك بالوفاء، والرعاية للحرمة لأعلمتها أن الإبل تتناول العظم البالي، وهو أقل الأشياء فتجد له لذة.
ومثل بيت جرير الأخير قول أبي الشغب يرثي ابنه شغباً:
قد كان شغبٌ لو ان الله عمره ... عزاً تزداد به في عزها مضر
ليت الجبال تداعت قبل مصرعه ... دكاً فلم يبق من أحجارها حجر
فارقت شغباً وقد قوست من كبرٍ ... بئس الحليفان: طول الحزن والكبر
قوله: "قوست "يقول: انحنيت كالقوس، قال امرؤ القيس:
أراهن لايحببن من قل ماله ... ولا من رأيت الشيب فيه، وقوسا













مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید