المنشورات

أبي المخش في ولده

وقال أبو المخش: كانت لي إبنة تجلس معي على المائدة، فتبرز كفاً كأنها طلعة1، في ذراعٍ كأنها جمارة2، فلا تقع عينها على أكلة نفيسة إلا خصتني بها، فزوجتها، وصار يجلس معي على المائدة ابنٌ لي فيبرز كفاً كأنها كرنافة، في ذراعٍ كأنها كربة، فوالله إن تسبق عيني إلى لقمة طيبة إلاسبقت يده إليها.
وقال الأصمعي: قيل لأبي المخش: أما كان لك ابنٌ? فقال: المخش، وما كان المخش? كان والله أشدق خرطمانياً إذا تكلم سال لعابه، كأنما ينظر من قلتين3، وكأن ترقوته بوان أو خالفة، وكأن مشاش منكبيه كركرة جمل، فقأ الله عيني هاتين إن كنت رأيت بهما أحسن منه قبله ولا بعده.
قوله: "بوان أو خالفة" فهما عمودان من عمد البيت، البوان في مقدمه والخالفة في مؤخره. والكرنافة: طرف الكربة العريض الذي يتصل بالنخلة كأنه كتف.
حدثني بهذا الحديث العباس بن الفرج الرياشي عن الأصمعي، وحدثني عمن حدثه قال: مر بنا أعرابي ينشد إبناً له، فقلنا: صفه، فقال: دنينير، قلنا لم نره، فلم نلبث أن جاء بجعل على عنقه، فقلنا: لو سألت عن هذا لأرشدناك، ما زال منذ اليوم بين أيدينا.
وأنشد منشد، وأنشدني الرياشي أحد البيتين:
نعم ضجيع الفتى إذا برد الليـ ... ـل سحيراً وقرقف الصرد1
زينها الله في الفؤاد كما ... زين في عين والدٍ ولد













مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید