المنشورات

أعرابي في حلقة يونس

قال: وحدثني أبو عثمان المازني قال: حدثني أبو زيد قال: وقف علينا أعرابي في حلقة يونس النحوي فقال: الحمد لله كما هو أهله، وأعوذ بالله أن أذكر به وأنساه، خرجنا من المدينة، مدينة رسول الله صلى الله عليه سلم، ثلاثين رجلاً ممن أخرجته الحاجة، وحمل على المكروه، لا يمرضون مريضهم، ولا يدفنون ميتهم، ولا ينتقلون من منزلٍ إلى منزل وإن كرهوه. والله يا قوم لقد جعت حتى أكلت النوى المحرق، ولقد مشيت حتى انتعلت، وحتى خرج من قدمي بخص ولحم كثير. أفلا رجل يرحم ابن سبيل، وفل طريق، ونضو سفر فإنه لا قليل من الأجر، ولا غنى عن ثواب الله عز وجل، ولا عمل بعد الموت، وهو الذي يقول جل ثناؤه: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} 2 ملي وفي ماجد واجد جوادٌ، لا يستقرض من عوزٍ، ولكنه يبلو الأخيار. قال: فبلغني أنه لم يبرح حتى أخذ ستين ديناراً.
قوله: "بخص"، يريد اللحم الذي يركب القدم، هذا قول الأصمعي، وقال غيره: هو لحم يخلطه بياض من فساد يحل فيه، ويقال: بخصت عينه، بالصاد، ولا يجوز إلا ذلك، ويقال. بخسته حقه، بالسين: إذا ظلمته ونقصته، كما قال الله عز وجل: {وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} 3، وفي المثل: "تحسبها حمقاء وهي باخسٌ" ويدل على أنه اللحم الذي قد خالطه الفساد قول الراجز:
[قال أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش: الراجز هو أبو شراعة]
يا قدمي لا أرى لي مخلصاً ... مما أراه أو تعودا بخصا1
وقوله "فل" فالفل في أكثر كلامهم: المنهزم الذاهب.
وفي خبر كعب بن معدان الأشعري2"إنا آثرنا الحد على الفل". يعني مجاهدتهم عبد ربه الصغير، لأنه كان مقبلاً على حربهم وتركهم قطرياً لأنه كان منهزماً.













مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید