المنشورات

ما أنشد أبو محلم السعدي

قال أبو العباس: انشدني السعدي أبو محلمٍ:
إنا سألنا قومنا فخيارهم ... من كان أفضلهم أبوه الأول
أعطى الذي أعطى أبوه قبله ... وتبخلت أبناء من يتبخل
وأنشدني أيضاً:
لطلحة بن حبيب حين تسأله ... أندى وأكرم من فند بن هطال
وبيت طلحة في عز ومكرمةٍ ... وبيت فندٍ إلى ربقٍ وأحمال1
ألا فتى من بني ذبيان يحملني2 ... وليس يحملني إلا ابن حمال
فقلت طلحة أولى من عمدت له ... وجئت أمشي إليه مشي مختال
مستيقناً أن حبلي سوف يعلقه ... في رأس ذيالةٍ أو رأس ذيال
قوله:" إلى ربق وأحمال"، إنما أراد جمع حملٍ على القياس، كما تقول في جميع باب فعل: جملٌ وأجمالٌ، وصنمٌ وأصنامٌ.
وقوله:
ألا فتى من بني ذبيان يحملني
يعني ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر، وأنشد بعضهم:
وليس حاملني إلا ابن حمال
وهذا لايجوز في الكلام، لأنه إذا نون الاسم لم يتصل به المضمر، لأن المضمر لا يقوم بنفسه، فإنما يقع معاقباً للتنوين، تقول: هذا ضارب زيداً غداً، وهذا ضاربك غداً، ولا يقع التنوين ههنا، لأنه لو وقع لا نفصل المضمر، وعلى هذا قول الله تعالى: {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} 3. وقد روى سيبويه يتين محمولين على الضرورة، وكلاهما مصنوع، وليس أحد من النحويين المفتشين يجيز مثل هذا في الضرورة، لما ذكرت من انفصال الكناية، والبيتان اللذان رواهما سيبويه:
هم القائلون الخير والأمرونه ... إذا مال خشوا يوماً من الأمر معظما
وأنشد:
ولم يرتفق والناس محتضرونه ... جميعاً وأيدي المعتفين رواهقه1
وإنما جاز أن تبين الحركة إذا وقفت في نون الاثنين والجميع لأنه لا يلتبس بالمضمر، تقول: هما رجلانه، وهم ضاربوه، إذا وقفت، لأنه لا يلتبس بالمضمر إذ كان لا يقع هذا الموقع، ولا يجوز، تقول ضربته، وأنت تريد ضربت، والهاء لبيان الحركة، لأن المفعول يقع في هذا الموضع، فيكون لبساً، فأما قولهم: ارمه واغزه فتلحق الهاء لبيان الحركة، فإنما جاز ذلك لما حذفت من أصل الفعل، ولا يكون في غير المحذوف.
وقوله: "في رأس ذيالة"، يعني فرساً أنثى أو حصاناً، والذيال: الطويل الذنب، وإنما يحمد منه طول شعر الذنب، وقصر العسيب2، واما الطويل العسيب فمذموم، ويقال ذلك للثور ايضاً أعني ذيالاً، قال امرؤ القيس:
فجال الصوار واتقين بفرهب ... طويل القرا والروق أخنس ذيال3
ويقال أيضاً للرجل: ذيالٌ إذا كان يجر ذيله اختيالاً، ويقال له: فضفاضٌ في ذلك المعنى.














مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید