المنشورات

حارث بن حلزة اليشكري في الجود

وقال الحارث بن حلزة اليشكري في هذا المعنى:
قلت لعمرو حين أرسلته ... وقد خبا من دوننا عالج
لا تكسع الشول بأغبارها ... إنك لا تدري من الناتج
واصبب لأضيافك ألبانها ... فإن شر اللبن الوالج
قوله:
لاتكسع الشول بأغبارها
فإن العرب كانت تنضح على ضروعها الماء البارد ليكون أسمن لأولادها التي في بطونها. والغبر: بقية اللبن في الضرع، فيقول: لاتبق ذلك اللبن لسمن الأولاد، فإنك لاتدري من ينتجها، فلعلك تموت، فتكون للوارث أو يغار عليها.
وروي عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "يقول ابن آدم مالي مالي، وما من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت". 
ويرى عن بعضهم أنه قال: إني أحب البقاء، وكالبقاء عندي حسن الثناء. وأنشد أبو عثمان عمرو بن الجاحظ:
فإذا بلغتم أرضكم فتحدثوا ... ومن الحديث متالف وخلود
وأنشد:
فأثنوا علينا لاأبا لأبيكم ... بأفعالنا، إن الثناء هو الخلد
وقال معاوية لابن الأشعث بن قيس: ما كان قيس بن معد يكرب أعطى الأعشى? فقال: أعطاه مالاٌ، وظهراٌ، ورقيقاً، وأشياء أنسيتها، فقال معاوية: لكن ما أعطاكم الأعشى لا ينسى.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابنة هرم بن سنان المري: ما وهب أبوك لزهير? فقالت: أعطاه مالاٌ وأثاثاٌ أفناه الدهر. فقال عمر: لكن ما أعطاكموه لا يفنيه الدهر.
وقال المفسرون في قول الله عز وجل عن ابراهيم صلوات الله عليه: {َاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} 1 أي ثناء حسناٌ، وفي قوله تعالى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ، سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} 2 أي يقال له هذا في الآخرين. والعرب تحذف هذا الفعل من "قال" ويقول "استغناءٌ عنه، قال الله عز وجل: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} 3، أي فيقال لهم. ومثله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} 4 أي يقولون، وكذلك: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ} 5












مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید