المنشورات

حديث أبي شجرة السلمي مع عمر بن الخطاب

قال أبو العباس: وشبيه بقوله ما حدثنا به عن أبي شجرة السلمي وكان من فتاك العرب1 فأتى عمر بن الخطاب رحمه الله يستحمله2، فقال له عمر: ومن أنت? فقال: أنا أبو شجرة السلمي، فقال له عمر: أي عدي نفسه، ألست القاتل حيث ارتددت:
ورويت رمحي من كتيبة خالدٍ ... وإني لأرجو بعدها أن أعمرا3
وعارضتها شهباء تخطر بالقنا ... ترى البيض في حافاتها والسنورا4
ثم انحنى عليه عمر بالدرة، فسعى إلى ناقته فحل عقالها وأقبلها حرة بني سليم بأحث السير هرباٌ من الدرة، وهو يقول:
قد ضن عنها أبو حفص بنائله ... وكل مختبط يوماٌ له ورق
مازال يضربني حتى خذ يت له ... وحال من دون بعض الرغبة الشفق5
ثم التفت إليها وهي حانية ... مثل الرتاج إذا ما لزه الغلق1
أقبلتها الخل من شوران مجتهداٌ ... إني لأزري عليها وهي تنطلق2
ويروى أنه كان يرمي المسلمين يوم الردة فلا يغني شيئاٌ، فجعل يقول:
ها إن رميي عنهم لمعبول ... فلا صريح اليوم إلا المصقول
وقوله:
وكل مختبط يوماٌ له ورق
أصل هذا في الشجرة أن يختبطها الراعي.، وهو أن يضربها حتى يسقط ورقها، فضرب ذلك مثلاً لمن يطلب فضله، وقال زهير:
وليس مانع قربى وذي نسبٍ ... يوماً ولا معدم من خابط ورقا3
وقوله: "حتى خذيت له". يقول: خضعت له، وأكثر ما تستعمل العامة هذه اللفظة بالزيادة، تقول: استحذيت له. وزعم الأصمعي أنه شك فيها، وأنه أحب أن يستثبت، أهي مهموزة أم غير مهموزة? قال: فقلت لأعرابي: أتقول: استحذيت4 أم استحذأت? قال: لاأقولهما، قلت: ولم فقال: لأن العرب لاتستخذي. وهذا غير مهموز5. واشتقاقه من قولهم: أذن خذواء وينمة خذواء، أي مسترخية.
قال أبو الحسن: الينمة: نبت مسترخٍ على وجه الأرض تأكله الإبل فتكثر عنه ألبانها.
قال الأصمعي: وقلت لأعرابي: أتهمز الفارة! قال: تهمزها الهرة.
وقوله: "إني لأزري عليها"، يقول: أستحثها، يقال: زرى عليه: أي عاب عليه، وأزرى به أي قصر به، فيقول: إنها لمجتهدة، وإني لأزري عليها، أي أعيب عليها لطلبي النجاء والسرعة، وقال الأخطل:
فظل يفديها وظلت كأنها ... عقاب دعاها جنح ليلٍ إلى وكر
وقوله: "ها إن رميي عنهم لمعبول"، يقول: مخبول مردود. والصريح: المحض الخالص، يقال ذلك للبن إذا لم يشبه ماء، ويقال عربي صريح ومولى صريح، أي خالص.













مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید