المنشورات

أبيات للحطيئة حين ارتد بعض العرب

وكان ارتداد من ارتد من العرب أن قالوا: نقيم الصلاة ولا نؤتي الزكاة، فمن ذلك قول الحطيئة:
ألا كل أرماح قصارٍ أذلةٍ ... فداء لأرماحٍ نصبن على الغمر1
فباست بني عبس وأستاه طيئٍ ... وباست بني دودان حاشا بني نصر
أبوا غير ضربٍ يجثم الهام وقعه ... وطعن كأفواه المزفتة الحمر2
أطعنا رسول الله إذ كان بيننا ... فيا لهفتا، ما بال دين أبي بكر!
أيورثها بكراً إذا مات بعده ... فتلك وبيت الله قاصمة الظهر!
فقوموا ولا تعطوا اللئام مقادةً ... وقوموا ولو كان القيام على الجمر
فدى لبني نصرٍ طريفي وتالدي ... عشية ذادوا بالرماح أبا بكر1
قوله: "يجثم الهام وقعه"، إنما هو مثلٌ، يقال: جثم الطائر، كما يقال: برك الجمل، وربض البعير.
وكان قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقرٍ عاملاً على صدقات بني سعدٍ، فقسم ما كان في يده من أموال الصدقات على بني منقرٍ، وقال:
فمن مبلغ عني قريشاً رسالةً ... إذا ما أتتها محكمات الودائع
حبوت بما صدقت في العام منقراً ... وأيأست منها كل أطلس طامع
قوله: "فأجمع رأينا كلنا أصحاب محمد"، فإنما خفض"كلا" على أنه توكيد لأسمائهم المضمرة، والظاهرة لا تكون بدلاً من المضمر الذي يعني به المتكلم نفسه، أو يعني به المخاطب.
لايجوز أن تقول مررت بي زيدٍ، لأن هذه الياء لا يشركه فيها شريك فتحتاج إلى التبيين، وكذلك لا يجوز: ضربتك زيداً، لأن المخاطب منفرد بهذه الكاف، فأما الهاء نحو مررت به عبد الله، فيجوز لأنا نحتاج إلى أن يعرفنا مبيناً: من صاحب الهاء? لأنها ليست للذي يخاطبه فلا ينكر نفسه، وإنما يحدث به عن غائب فيحتاج إلى البيان.
وقوله: "أصحاب محمد" اختصاص: وينتصب بفعل مضمر، وهو "أعني" ليبين من هؤلاء الجماعة، كما ينشد:
نحن بني ضبة أصحاب الجمل
أراد: نحن أصحاب الجمل، ثم عين من هم، لأن هذا قد كان يقع على من دون بني ضبة معه، وعلى من فوقها إلى مضر ونزار ومعد ومن بعدهم، وكذلك: نحن العرب أقرى الناس لضيف، ونحن الصعاليك لا طاقة لنا على المروءة.
ويختار من الشعر1:
إنا بني منقر ذوو حسبٍ ... فينا سراة بني سعد وناديها
وقليل هذا يدل عل جميع هذا الباب، فافهم.













مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید