المنشورات

اللام التي للاستغاثة والتي للإضافة

إذا استغثت بواحد أو بجزاعة فاللام مفتوحة، تقول: يا للرجال، ويا للقوم، ويا لزيد! إذا كنت تدعوهم.
وإنما فتحتها لتفصل بين المدعو والمدعو له، ووجب أن تفتحها لأن أصل اللام الخافضة إنما كان الفتح، فكسرت مع المظهر ليفصل بينها وبين لام التوكيد، تقول: إن هذا لزيد، إذا أردت: إن هذا زيد، وتقول: إن هذا لزيد، إذا أردت أنه في ملكه، ولو فتحت لالتبسا2.
فإن وقعت اللام على مضمر فتحتها على أصلها، فقلت: إن هذا لك، وإن هذا لأنت، إذا أردت لام التوكيد ليس ههنا لبس، وذاك أن الأسماء المضمرة على غير لفظ المظهرة، فلهذا أجريتها على الأرض، والاستغاثة إلى أصلها من أجل اللبس.
والمدعو له في بابه، فاللام معه مكسورة، تقول: يا للرجال للماء! ويا للرجال للعجب ويا لزيد للخطب الجليل! قال الشاعر:
يا للرجال ليوم الأربعاء أما ... ينفك يبعث لي بعد النبي طربا3
وقال آخر:
تكنفني الوشاة فأعجوني ... فيا للناس للواشي المطاع1
وفي الحديث لما طعن العلج - أو العبد - عمر بن الخطاب رضوان الله عليه صاح: يا لله يا للمسلمين!.
وتقول: يا للعجب، إذا كنت تدعو إليه، ويا لغير العجب، كأنك قلت: يا للناس للعجب. وينشد هذا البيت:
يا لعنة الله والأقوام كلهم ... والصالحين على سمعان من جار2
فيا لغير اللعنة، كأنه قال: يا قوم لعنة الله والأقوام كلهم.
وزعم سيبويه أن هذه اللام التي للإستغاثة دليل، بمنزلة الألف التي تبين بالهاء في الوقف إذا أردت أن تسمع بعيداً، فإنما هي للاستغاثة بمنزلة هذه اللام، وذلك قولك: يا قوماه! على غير الندبة، ولكن للاستغاثة ومد الصوت.
والقول كما قال، محلهما عند العرب محل واحد، فإن وصلت حذفت الهاء، لأنها زيدت في الوقف لخفاء الألف، كما تزاد لبيان الحركة، فإذا وصلت أغنى ما بعدها عنها، تقول: يا قوماً تعالوا، ويا زيداً لا تفعل، ولا يجوز أن تقول: يا لزيد وهو مقبل عليك، وكذلك لا يجوز أن تقول: يا زيداه، وهو معك، إنما يقال ذلك للبعيد، أو ينبه به النائم.
فإن قلت: يا لزيد ولعمرو، كسرة اللام في "عمرو" وهو مدعو، لأنك إنما فتحت اللام في "زيد" لتفصل بين المدعو إليه، فلما عطفت على زيد استغنيت عن الفصل، لأنك إذا عطفت عليه شيئاً صار في مثل حاله.
ونظير ذلك الحكاية، يقول الرجل: أرأيت زيداً، فتقول، من "زيداً"? وإنما حكيت قوله ليعلم أنك إنما تستفهمه عن الذي ذكر بعينه، ولا تسأله عن زيد غيره، والموضع موضع رفع، لأنه ابتداء وخبر، فإن قلت: ومن زيد? أو فمن زيد? لم يكن إلا رفعاً، لأنك عطفت على كلامه، فاستغنيت عن الحكاية، لأن العطف لا يكون مستأنفاً.
ونظير هذا الذي ذكرت لك في اللام قول الشاعر:
يبكيك ناء بعيد الدار مغترب ... يا للكهول وللشبان للعجب!
فقد أحكمت كل ما في هذا الباب.














مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید