المنشورات

الأوس بن حجر يرثي فضالة بن شريك

ومن أقدم ما قيل في هذا المعنى قول أوس بن حجر الأسيدي، من بني أسيد بن عمرو بن تميم، يرثي فضالة بن كلدة، أحد بني أسد بن خزيمة:
أيتها النفس أجملي جزعا ... إن الذي تحذرين قد وقعا
إن الذي جمع السماحـ ... ـة والنجدة والحزم والقوى جمعا
أودى فما تنفع الإشاحة من ... شيء لمن قد يحاول [البدعا] 1
الألمعي الذي يظن بك الظن ... كأن قد رأى وقد سمعا
المخلف المتلف المرزأ لم ... يمتع بضعف ولم يمت طبعا
والحافظ الناس في تحوط إذا ... لم يرسلوا خلف عاتئذ ربعا
وعزت الشمأل الرياح وقد ... أمس كميع الفتاة ملتفعا
وشبه الهيدب العبام من ... الأقوام سقباً ملبساً فرعا
وكانت الكاعب الممنعة ... الحسناء في زاد أهلها سبعا
ليبكك الشرب والمدامة والفتيان ... طراً وطامع طمعا
وذات هدم عار نواشرها ... تصمت بالماء تولباً جدعا
وفيها زيادة. لكنا اخترنا.
قوله: الألمعي: الحديد اللسان والقلب، وقد أبانه بقوله: الذي يظن بك الظن كأن قد رأى وقد سمعا.
وقوله المخلف المتلف أراد أنه يتلف ماله كرماً ويخلفه نجدة، كما قال:
ناقته ترقل في النقال1 ... متلف مال ومفيد مال
وقال آخر:
فاتلف ذاك متلاف كسوب
والمرزأ: الذي تناله الرزيئات في ماله لما يعطي ويسأل. والإمتاع: الإقامة، فيقول: لم يقم وهو ضعيف.
والطبع: أسوأ الطمع، وأصله أن القلب يعتاد الخلة الدنيئة فتركبه كالحائل بينه وبين الفهم لقبح ما يظهر منه، وهذا مثل وأصله في السيف وما أشبه، يقال: طبع السيف، إذا ركبه صدأ يستر حديده و {طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} 2 من ذا.
وتحوط وقحوط: اسمان للسنة الجدبة، كما يقال: حجرة وكحل.
وقوله:
لم يرسلوا خلف عائذ ربعا
فالعائذ الحديثة النتاج، والربع: الذي ينتج في الربيع، ومن شأنهم في سنة الجدب أن ينحروا الفصال، لئلا ترضع فتضر بالأمهات.
وقوله: وعزت الشمأل الرياح يقول: غلبتها، وتلك علامة الجدب وذهاب الأمطار، ومن ذلك قولهم: من عز بز أي من غلب استلب، وفي القرآن: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} 1، أي غلبني في المخاطبة.
وقوله: وقد أمسى كميع الفتاة فالكميع الضجيع، وهو الكمع، قال الشاعر2:
ومشحوذ الغرار يبيت كمعي
يعني السيف، أي يبيت مضاجعي.
ملتفعاً، يقال: تلفع في مطرفه وفي كسائه، إذا تلفف وتزمل فيه، فيقول: من شدة الصر يلتفع به دون ضجيعه.
والكاعب: التي كعب ثديها، يقول: تصير كالسبع في زاد أهلها بعد أن كانت تعاف طيب الطعام.
وقوله: وذات هدم، يعني امرأة ضعيفة، والهدم: الكساء الخلق الرث. وقوله: عار نواشرها، النواشر: عروق الساعد. والتولب: الصغير. والجدع: السيئ الغذاء، وهو الجحن والقتين.













مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید