المنشورات

أتأكل ميراث الحتات؟

البحر: طويل
وفد الأحنف بن قيس والحتات بن يزيد أحد بني حوي ابن سفيان على معاوية، فأمر للأحنف بأربعين ألفًا، واستكتمه، وأمر للحتات بعشرة آلاف. وكان الأحنف علويًا، والحتات عثمانيًا، فلما صارا بالغوطة متوجهين إلى العراق سأل الحتات الأحنف عن صلته، فأخبره، فرجع أدراجه إلى معاوية، فقال: يا أمير المؤمنين تعطي الأحنف، ورأيه رأيه، أربعين ألفًا، وتعطيني عشرة آلاف؟ فقال: يا حتات إنما اشتريت بها دين الأحنف، فقال اشتر ديني أيضًا! فأمر له بثلاثين ألفًا تمم الأربعين، فلم يخرج من دمشق حتى مات، فرد المال إلى بيت المال، فبلغ ذلك الفرزدق فأتى معاوية قائلاً:
(أَبوكَ وَعَمّي يا مُعاوِيَ أَورَثا ** تُراثاً فَأَولى بِالتُراثِ أَقارِبُه)
(فَما بالُ ميراثِ الحُتاتِ أَكَلتَهُ ** وَميراثُ حَربٍ جامِدٌ لَكَ ذائِبُه)
(فَلَو كانَ هَذا الحُكمُ في جاهِلِيَّةٍ ** عَرَفتَ مَنِ المَولى القَليلُ حَلائِبُه)
(وَلَو كانَ هَذا الأَمرُ في غَيرِ مِلكِكُم ** لَأَدَّيتَهُ أَو غَصَّ بِالماءِ شارِبُه)
(وَلَو كانَ إِذ كُنّا وَلِلكَفِّ بَسطَةٌ ** لَصَمَّمَ عَضبٌ فيكَ ماضٍ مَضارِبُه)
(وَقَد رُمتَ أَمراً يا مُعاوِيَ دونَهُ ** خَياطِفُ عِلوَدٍّ صِعابٌ مَراتِبُه)
(وَما كُنتُ أُعطي النِصفَ مِن غَيرِ قُدرَةٍ ** سِواكَ وَلَو مالَت عَلَيَّ كَتايِبُه)
(أَلَستَ أَعَزَّ الناسِ قَوماً وَأُسرَةً ** وَأَمنَعَهُم جاراً إِذا ضيمَ جانِبُه)
(وَما وَلَدَت بَعدَ النَبِيِّ وَأَهلِهِ ** كَمِثلي حِصانٌ في الرِجالِ يُقارِبُه)
(أَبي غالِبٌ وَالمَرءُ صَعصَعَةُ الَّذي ** إِلى دارِمٍ يَنمي فَمَن ذا يُناسِبُه)
(أَنا اِبنُ الجِبالِ الشُمِّ في عَدَدِ الحَصى ** وَعِرقُ الثَرى عِرقي فَمَن ذا يُحاسِبُه)
(وَبَيتي إِلى جَنبٍ رَحيبٍ فِناؤُهُ ** وَمِن دونِهِ البَدرُ المُضيءُ كَواكِبُه)
(وَكَم مِن أَبٍ لي يا مُعاوِيَ لَم يَزَل ** أَغَرَّ يُباري الريحَ ما اِزوَرَّ جانِبُه)
(نَمَتهُ فُروعُ المالِكينِ وَلَم يَكُن ** أَبوكَ الَّذي مِن عَبدِ شَمسٍ يُخاطِبُه)
(تَراهُ كَنَصلِ السَيفِ يَهتَزُّ لِلنَدى ** جَواداً تَلاقى المَجدَ مُذ طَرَّ شارِبُه)
(طَويلِ نِجادِ السَيفِ مُذ كانَ لَم يَكُن ** قُصَيٌّ وَعَبدُ الشَمسِ مِمَّن يُخاطِبُه)














مصادر و المراجع :

١- ديوان الفرزدق

المؤلف: أبي فراس همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.

(38 هـ - 658 م) (110 هـ - 728 م)

شرحه وضبطه وقدّم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

الطبعة: الأولى (1407 هـ - 1987 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید