المنشورات

دعاني زياد للعطاء

البحر: طويل
لما آمنه سعد وأجاره، وبلغ ذلك زيادًا، فأراد أن يختدعه ليقع في يديه، وكان الفرزدق أجبن من الصافر، فأشاع زياد أن الفرزدق لو أتاه لحباه وأكرمه وآمنه، فبلغ ذلك الفرزدق فقال:
(تَذَكَّرَ هَذا القَلبُ مِن شَوقِهِ ذِكرا ** تَذَكَّرَ شَوقاً لَيسَ ناسِيَهُ عَصرا)
(تَذَكَّرَ ظَمياءَ الَّتي لَيسَ ناسِياً ** وَإِن كانَ أَدنى عَهدِها حِجَجاً عَشرا)
(وَما مُغزِلٌ بِالغَورِ غَورِ تِهامَةٍ ** تَرَعّى أَراكاً مِن مَخارِمِها نَضرا)
(مِنَ العوجِ حَوّاءَ المَدامِعِ تَرعَوي ** إِلى رَشَإٍ طِفلٍ تَخالُ بِهِ فَترا)
(أَصابَت بِأَعلى الوَلوَلانِ حِبالَةً ** فَما اِستَمسَكَت حَتّى حَسِبنَ بِها نَفرا)
(بِأَحسَنَ مِن ظَمياءَ يَومَ لَقيتُها ** وَلا مُزنَةٌ راحَت غَمامَتَها قَصرا)
(وَكَم دونَها مِن عَطِفٍ في صَريمَةٍ ** وَأَعداءِ قَومٍ يَنذُرونَ دَمي نَذرا)
(إِذا أَوعَدوني عِندَ ظَمياءَ ساءَها ** وَعيدي وَقالَت لا تَقولوا لَهُ هُجرا)
(دَعاني زِيادٌ لِلعَطاءِ وَلَم أَكُن ** لِأَقرَبَهُ ما ساقَ ذو حَسَبٍ وَفرا)
(وَعِندَ زِيادٍ لَو يُريدُ عَطاءَهُم ** رِجالٌ كَثيرٌ قَد يَرى بِهِمُ فَقرا)
(قُعودٌ لَدى الأَبوابِ طُلّابُ حاجَةٍ ** عَوانٍ مِنَ الحاجاتِ أَو حاجَةٍ بِكرا)
(فَلَمّا خَشيتُ أَن يَكونَ عَطاؤُهُ ** أَداهِمَ سوداً أَو مُحَدرَجَةً سُمرا)
(فَزِعتَ إِلى حَرفٍ أَضَرَّ بَنِيَّها ** سُرى اللَيلِ وَاِستِعراضُها البَلَدَ القَفرا)
(تَنَفَّسُ مِن بَهوٍ مِنَ الجَوفِ واسِعٍ ** إِذا مَدَّ حَيزوماً شَراسيفَها الضَفرا)
(تَراها إِذا صَمَ النَهارُ كَأَنَّما ** تُسامي فَنيقَن أَو تُخالِسُهُ خَطرا)
(تَخوضُ إِذا صاحَ الصَدى بَعدَ هَجعَةٍ ** مِنَ اللَيلِ مُلتَجّاً غَياطِلُهُ خُضرا)
(وَإِن أَعرَضَت زَوراءَ أَو شَمَّرَت بِها ** فَلاةٌ تَرى مِنها مَخارِمَها غُبرا)
(تَعادَينَ عَن صُهبِ الحَصى وَكَأَنَّما ** طَحَنَّ بِهِ مِن كُلِّ رَضراضَةٍ جَمرا)
(عَلى ظَهرِ عادِيٍّ كَأَنَّ مُتونَهُ ** ظُهورُ لَأىً تُضحي قَياقِيُّهُ حُمرا)
(وَكَم مِن عَدُوٍّ كاشِحٍ قَد تَجاوَزَت ** مَخافَتَهُ حَتّى يَكونَ لَها جَسرا)
(يَؤُمُّ بِها المَوماةَ مِن لَن تَرى لَهُ ** إِلى اِبنِ أَبي سُفيانَ جاهاً وَلا عُذرا)
(وَحِضنَينِ مِن ظَلماءِ لَيلٍ سَرَيتُهُ ** بِأَغيَدَ قَد كانَ النُعاسُ لَهُ سُكرا)
(رَماهُ الكَرى في الرَأسِ حَتّى كَأَنَّهُ ** أَميمُ جَلاميدٍ تَرَكنَ بِهِ وَقرا)
(جَرَرنا وَفَدَّيناهُ حَتّى كَأَنَّما ** يَرى بِهَوادي الصُبحَ قَنبَلَةً شُقرا)
(مِنَ السَيرِ وَالإِسآدِ حَتّى كَأَنَّما ** سَقاهُ الكَرى في كُلِّ مَنزِلَةٍ خَمرا)
(فَلا تُعجِلاني صاحِبَيَّ فَرُبَّما ** سَبَقتُ بِوِردِ الماءِ غادِيَةً كُدرا)












مصادر و المراجع :

١- ديوان الفرزدق

المؤلف: أبي فراس همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.

(38 هـ - 658 م) (110 هـ - 728 م)

شرحه وضبطه وقدّم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

الطبعة: الأولى (1407 هـ - 1987 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید