المنشورات

يا رب اغفر لنا

البحر: طويل
قال يصف إحدى مغامراته الغرامية:
(أَلا مَن لِشَوقٍ أَنتَ بِاللَيلِ ذاكِرُه ** وَإِنسانِ عَينٍ ما يُغَمِّضُ عائِرُه)
(وَرَبعٍ كَجُثمانِ الحَمامَةِ أَدرَجَت ** عَلَيهِ الصَبا حَتّى تَنَكَّرَ داثِرُه)
(بِهِ كُلُّ ذَيّالِ العَشِيِّ كَأَنَّهُ ** هِجانٌ دَعَتهُ لِلجُفورِ فَوادِرُه)
(خَلا بَعدَ حَيٍّ صالِحينَ وَحَلَّهُ ** نَعامُ الحِمى بَعدَ الجَميعِ وَباقِرُه)
(بِما قَد نَرى لَيلى وَلَيلى مُقيمَةٌ ** بِهِ في خَليطٍ لا تَناثى حَرائِرُه)
(فَغَيَّرَ لَيلى الكاشِحونَ فَأَصبَحَت ** لَها نَظَرٌ دوني مُريبٌ تَشازُرُه)
(أَراني إِذا ما زُرتُ لَيلى وَبَعلَها ** تَلَوّى مِنَ البَغضاءِ دوني مَشافِرُه)
(وَإِن زُرتُها يَوماً فَلَيسَ بِمُخلِفي ** رَقيبٌ يَراني أَو عَدُوٌّ أُحاذِرُه)
(كَأَنَّ عَلى ذي الطِنءِ عَيناً بَصيرَةً ** بِمَقعَدِهِ أَو مَنظَرٌ هُوَ ناظِرُه)
(يُحاذِرُ حَتّى يَحسِبَ الناسَ كُلَّهُم ** مِنَ الخَوفِ لا تَخفى عَلَيهِم سَرائِرُه)
(غَدا الحَيُّ مِن بَينِ الأُعَيلامِ بَعدَما ** جَرى حَدَبُ البُهمى وَهاجَت أَعاصِرُه)
(دَعاهُم لِسَيفِ البَحرِ أَو بَطنِ حائِلٍ ** هَوىً مِن نَوى حَيٍّ أُمِرَّت مَرايِرُه)
(غَدَونَ بِرَهنٍ مِن فُؤادي وَقَد غَدَت ** بِهِ قَبلَ أَترابِ الجَنوبِ تُماضِرُه)
(تَذَكَّرتُ أَترابَ الجَنوبِ وَدونَها ** مَقاطِعُ أَنهارٍ دَنَت وَقَناطِرُه)
(حَوارِيَّةٌ بَينَ الفُراتَينِ دارُها ** لَها مَقعَدٌ عالٍ بَرودٌ هَواجِرُه)
(تَساقَطُ نَفسي إِثرَهُنَّ وَقَد بَدا ** مِنَ الوَجدِ ما أُخفي وَصَدري مُخامِرُه)
(إِذا عَبرَةٌ وَرَّعتُها فَتَكَفكَفَت ** قَليلاً جَرَت أُخرى بِدَمعٍ تُبادِرُه)
(فَلَو أَنَّ عَيناً مِن بُكاءٍ تَحَدَّرَت ** دَماً كانَ دَمعي إِذ رِدائِيَ ساتِرُه)
(مَتى ما يَمُت عانيكِ يا لَيلِ تَعلَمي ** مُصابَةَ ما يُسدي لِعانيكِ نائِرُه)
(تَرَي خَطَأً مِمّا اِئتَمَرتِ وَتَضمَني ** جَريرَةُ مَولى لا يُغَمِّضُ ثائِرُه)
(فَلَم يَبقَ مِن عانيكِ إِلّا بَقِيَّةٌ ** شَفاً كَجَناحِ النِسرِ مُرِّطَ سائِرُه)
(أَلا هَل لِلَيلى في الفِداءِ فَإِنَّني ** أَرى رَهنَ لَيلى لا تُبالي أَواصِرُه)
(لَعَمري لَئِن أَصبَحتُ في السَيرِ قاصِداً ** لَقَد كانَ يَحلو لي لِعَينِيَ جائِرُه)
(وَجَونٍ عَلَيهِ الجَصُّ فيهِ مَريضَةٌ ** تَطَلَّعُ مِنهُ النَفسُ وَالمَوتُ حاضِرُه)
(حَليلَةُ ذي أَلفَينِ شَيخٍ يَرى لَها ** كَثيرَ الَّذي يُعطى قَليلاً يُحاقِرُه)
(نَهى أَهلَهُ عَنها الَّذي يَعلَمونَهُ ** إِلَيها وَزالَت عَن رَجاها ضَرائِرُه)
(أَتَيتُ لَها مِن مُختِلٍ كُنتُ أَدَّري ** بِهِ الوَحشَ ما يُخشى عَلَيَّ عَواثِرُه)
(فَما زِلتُ حَتّى أَصعَدَتني حِبالُها ** إِلَيها وَلَيلي قَد تَخامَصَ آخِرُه)
(فَلَمّا اِجتَمَعنا في العَلالِيَّ بَينَنا ** ذَكِيٌّ أَتى مِن أَهلِ دارينَ تاجِرُه)
(نَقَعتُ غَليلَ النَفسِ إِلّا لُبانَةً ** أَبَت مِن فُؤادي لَم تَرِمها ضَمائِرُه)
(فَلَم أَرَ مَنزولاً بِهِ بَعدَ هَجعَةٍ ** أَلَذَّ قِرىً لَولا الَّذي قَد نُحاذِرُه)
(أُحاذِرُ بَوّابَينِ قَد وُكِّلا بِها ** وَأَسمَرَ مِن ساجٍ تَإِطُّ مَسامِرُه)
(فَقُلتُ لَها كَيفَ النُزولِ فَإِنَّني ** أَرى اللَيلَ قَد وَلّى وَصَوَّتَ طائِرُه)
(فَقالَت أَقاليدُ الرِتاجَينِ عِندَهُ ** وَطَهمانُ بِالأَبوابِ كَيفَ تُساوِرُه)
(أَبِالسَيفِ أَم كَيفَ التَسَنّي لِموثَقٍ ** عَلَيهِ رَقيبٌ دائِبُ اللَيلِ ساهِرُه)
(فَقُلتُ اِبتَغي مِن غَيرِ ذاكَ مَحالَةً ** وَلِلأَمرِ هَيئاتٌ تُصابُ مَصادِرُه)
(لَعَلَّ الَّذي أَصعَدتِني أَن يَرُدَّني ** إِلى الأَرضِ إِن لَم يَقدِرِ الحَينَ قادِرُه)
(فَجاءَت بِأَسبابٍ طِوالٍ وَأَشرَفَت ** قَسيمَةُ ذي زَورٍ مَخوفٍ تَراتِرُه)
(أَخَذتُ بِأَطرافِ الحِبالِ وَإِنَّما ** عَلى اللَهِ مِن عَوصِ الأُمورِ مَياسِرُه)
(فَقُلتُ: اِقعُدا إِنَّ القِيامَ مَزَلَّةٌ ** وَشُدّا مَعاً بِالحَبلِ إِنّي مُخاطِرُه)
(إِذا قُلتُ قَد نِلتُ البَلاطَ تَذَبذَبَت ** حِبالِيَ في نيقٍ مَخوفٍ مَخاصِرُه)
(مُنيفٍ تَرى العِقبانَ تَقصُرُ دونَهُ ** وَدونَ كُبَيداتِ السَماءِ مَناظِرُه)
(فَلَمّا اِستَوَت رِجلايَ في الأَرضِ نادَتا ** أَحَيٌّ يُرَجّى أَم قَتيلٍ نُحاذِرُه)
(فَقُلتُ اِرفَعا الأَسبابَ لا يَشعُروا بِنا ** وَوَلَّيتُ في أَعجازِ لَيلٍ أُبادِرُه)
(هُما دَلَّتاني مِن ثَمانينَ قامَةً ** كَما اِنقَضَّ بازٍ أَقتَمُ الريشِ كاسِرُه)
(فَأَصبَحتُ في القَومِ الجُلوسِ وَأَصبَحَت ** مُغَلَّقَةً دوني عَلَيها دَساكِرُه)
(وَباتَت كَدَوداةِ الجَواري وَبَعلُها ** كَثيرٌ دَواعي بَطنِهِ وَقَراقِرُه)
(وَيَحسَبُها باتَت حَصاناً وَقَد جَرَت ** لَنا بُرَتاها بِالَّذي أَنا شاكِرُه)
(فَيا رَبِّ إِن تَغفِر لَنا لَيلَةَ النَقا ** فَكُلُّ ذُنوبي أَنتَ يا رَبِّ غافِرُه)













مصادر و المراجع :

١- ديوان الفرزدق

المؤلف: أبي فراس همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.

(38 هـ - 658 م) (110 هـ - 728 م)

شرحه وضبطه وقدّم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

الطبعة: الأولى (1407 هـ - 1987 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید