المنشورات

نور البلاد

البحر: كامل
يمدح سليمان بن عبدالملك
(طَرَقَت نَوارُ وَدونَ مَطرَقِها ** جَذبُ البُرى لِنَواحِلٍ صُعرِ)
(وَرَواحُ مُعصِفَةٍ وَغَدوَتُها ** شَهراً تُواصِلُهُ إِلى شَهرِ)
(أَدنى مَنازِلِها لِطالِبِها ** خِمسُ المُؤَوِّبِ لِلقَطا الكُدرِ)
(وَإِذا أَنامُ أَلَمَّ طائِفُها ** حَتّى يُنَبِّهَ أَعيُنَ السَفرِ)
(إِنّي يُهَيِّجُني إِذا ذُكِرَت ** ريحُ الجَنوبِ لَها عَلى الذِكرِ)
(وَكَأَنَّما اِلتَبَسَت بِأَرحُلِنا ** بَعدَ المَنامِ ذَكِيَّةُ التَجرِ)
(وَكَأَنَّ ذُرَّعَها بِأَرحُلِنا ** يُرقِلنَ مِثلَ نَعائِمٍ زُعرِ)
(أَو عانَةٍ يَبِسَت مَراتِعُها ** خَبَطَت سَفا القُريانِ وَالظَهرِ)
(وَكَأَنَّ حَيّاتٍ مُعَلَّقَةً ** تَثني أَزِمَّتَها إِلى الصُفرِ)
(لِلعَوهَجِيَّةِ مِن نَجائِبِها ** وَالداعِرِيِّ لِأَفحُلٍ صُحرِ)
(وَإِلى سُلَيمانَ الَّذي سَكَنَت ** أَروى الهِضابِ بِهِ مِنَ الذُعرِ)
(وَتَراجَعَ الطُرَداءُ إِذ وَثِقوا ** بِالأَمنِ مِن رَتبيلَ وَالشَحرِ)
(أَو كُلِّ دايِرَةٍ كَأَنَّ بِها ** قاراً وَلَيسَ سَفينُها يَجري)
(أَو كُلِّ صادِقَةٍ إِذا طُلِبَت ** مِن دونِها الريحُ الَّتي تُذري)
(تُمسي الرِياحُ بِها وَقَد لَغِبَت ** أَو كُلِّ صادِقَةٍ عَلى الفَترِ)
(كُنّا نُنادي اللَهَ نَسأَلَهُ ** في الصُبحِ وَالأَسحارِ وَالعَصرِ)
(أَن لا يُميتَكَ أَو تَكونَ لَنا ** أَنتَ الإِمامَ وَوالِيَ الأَمرِ)
(فَأَجابَ دَعوَتَنا وَأَنقَذَنا ** بِخِلافَةِ المَهدِيِّ مِن ضِرِّ)
(يا اِبنَ الخَلائِفِ لَم نَجِد أَحَداً ** يَبقى لِحَزِّ نَوائِبِ الدَهرِ)
(إِلّا الرَواسي وَهيَ كائِنَةٌ ** كَالعُهنِ وَهيَ سَريعَةُ المَرِّ)
(فَقَدِ اِبتُليتَ بِما زَعَمتَ لَنا ** إِن أَنتَ كُنتَ لَنا عَلى أَمرِ)
(كَم فيكَ إِن مَلَكَت يَداكَ لَنا ** يَوماً نَواصينا مِنَ النَذرِ)
(مِن حَجِّ حافِيَةٍ وَصائِمَةٍ ** سَنَتَينِ أُمِّ أُفَيرَخٍ زُعرِ)
(لَم يَبقَ مِنهُم غَيرُ أَلسِنَةٍ ** وَأُعَيظَمٍ وَحَواصِلٍ حُمرِ)
(وَيُجَمِّرونَ بِغَيرِ أَعطِيَةٍ ** في البَرِّ مَن بَعَثوا وَفي البَحرِ)
(وَيُكَلِّفونَ أَباعِراً ذَهَبَت ** جِيَفاً بَلينَ تَقادُمَ العَصرِ)
(حَتّى غَبَطنا كُلَّ مُحتَمَلٍ ** يُمشى بِأَعظُمِهِ إِلى القَبرِ)
(وَتَمَنَّتِ الأَحياءُ أَنَّهُمُ ** تَحتَ التُرابِ وَجيءَ بِالحَشرِ)
(وَالراقِصاتِ بِكُلِّ مُبتَهَلٍ ** مِن فَجِّ كُلِّ عَمايِقٍ غُبرِ)
(ما قُلتُ إِلّا الحَقَّ تَعرِفُهُ ** في القَولِ مُرتَجِلاً وَفي الشِعرِ)
(ما أَصبَحَت أَرضُ العِراقِ بِها ** وَرَقٌ لِمُختَبِطٍ وَلا قِشرِ)
(إِن نَحنُ لَم نَمنَع بِطاعَتِنا ** وَالحُبِّ لِلمَهدِيِّ وَالشُكرِ)
(فَغَدَت عَلَينا في مَنازِلِنا ** رُسلُ العَذابِ بِرَغوَةِ البَكرِ)
(أَشقى ثَمودَ حينَ وَلَّهَهُ ** عَن أُمِّهِ المَشؤومُ بِالعَقرِ)
(لَمّا رَغا هَمَدوا كَأَنَّهُمُ ** هابي رَمادِ مُؤَثَّفِ القِدرِ)
(أَنتَ الَّذي نَعَتَ الكِتابُ لَنا ** في ناطِقِ التَوراةِ وَالزُبرِ)
(كَم كانَ مِن قِسٍّ يُخَبِّرُنا ** بِخِلافَةِ المَهدِيِّ أَو حَبرِ)
(جَعَلَ الإِلَهُ لَنا خِلافَتَهُ ** بُرءَ القُروحِ وَعِصمَةَ الجَبرِ)
(كَم حَلَّ عَنّا عَدلُ سُنَّتِهِ ** مِن مَغرَمٍ ثِقلٍ وَمِن إِصرِ)
(كُنّا كَزَرعٍ ماتَ كانَ لَهُ ** ساقٍ لَهُ حَدَبٌ مِنَ النَهرِ)
(عَدَلوهُ عَنهُ في مُغَوِّلَةٍ ** لِلماءِ بَعدَ جِنانِهِ الخُضرِ)
(أَحيَيتَهُ بِعُبابِ مُنثَلِمٍ ** وَعَلاهُ مِنكَ مُغَرِّقُ الدَبرِ)
(أَحيَيتَ أَنفُسَنا وَقَد بَلَغَت ** مِنّا الفَناءَ وَنَحنُ في دُبرِ)
(فَلَقَد عَزَزنا بَعدَ ذِلَّتِنا ** بِكَ بَعدَما نَأبى عَنِ القَسرِ)
(أَصبَحتَ قَد بَخَعَت نَصيحَتُنا ** لَكَ وَالمَقامِ وَأَيمَنِ السِترِ)
(أَحيَيتَ أَنفُسَنا وَقَد هَلَكَت ** وَجَبَرتَ مِنّا واهِيَ الكَسرِ)
(بَل ما رَأَيتُ وَلا سَمِعتُ بِهِ ** يَوماً كَيَومِ صَواحِبَ القَصرِ)
(يَوماً سَيُؤمِنُ كُلَّ مُندَفِنٍ ** أَو لاحِقٍ بِأَئِمَّةِ الكُفرِ)
(فَاِذكَر أَرامِلَ لا عَطاءَ لَها ** وَمُسَجَّنينَ لِمَوضِعَ الأَجرِ)
(لَو يُبتَلونَ بِغَيرِ سِجنِهِمِ ** صَبَروا وَلَو حُبِسوا عَلى الجَمرِ)
(وَلَقَد هَدى بِكَ كُلَّ مُلتَبَسٍ ** وَشَفى بِعَدلِكَ كُلَّ ذي غِمرِ)
(حَتّى اِستَقامَ لِوَجهِ سُنَّتِهِ ** وَدَرى وَلَم يَكُ قَبلَها يَدري)
(وَأَخَذتَ عَدلاً مِن أَبيكَ لَنا ** وَقَلَعتَ عَنّا كُلَّ ذي كِبرِ)
(عاتٍ إِذا المَظلومُ ذَكَّرَهُ ** أَغضى عَلى عِظَمٍ مِنَ الذِكرِ)
(إِنّا لَنَرجو أَن تُعيدَ لَنا ** سُنَنَ الخَلائِفِ مِن بَني فِهرِ)
(عُثمانَ إِذ ظَلَموهُ وَاِنتَهَكوا ** دَمَهُ صَبيحَةَ لَيلَةِ النَحرِ)
(وَدِعامَةِ الدينِ الَّتي اِعتَدَلَت ** عُمَراً وَصاحِبَهُ أَبا بَكرِ)
(وَاِبنَي أَبي سُفيانَ إِذ طَلَبا ** عُثمانَ ما باتا عَلى وِترِ)
(وَأَبا أَبيكَ لِكُلِّ جائِحَةٍ ** مَروانَ سَيفَ الدينِ ذا الأُثرِ)
(وَأَباكَ إِذ كَشَفَ الإِلَهُ بِهِ ** عَنّا العَمى وَأَضاءَ كَالفَجرِ)
(وَأَخاكَ إِذ فَتَحَ الإِلَهُ بِهِ ** وَأَعَزَّهُ بِاليُمنِ وَالنَصرِ)
(خُلَفاءَ قَد تَرَكوا فَرائِضَهُم ** فينا وَسُنَّةَ طَيِّبي الذِكرِ)
(تَبِعوا رَسولَهُمُ بِسُنَّتِهِ ** حَتّى لَقوهُ وَهُم عَلى قَدرِ)
(رُفَقاءَ مُتَّكِئينَ في غُرَفٍ ** فَرِحينَ فَوقَ أَسِرَّةٍ خُضرِ)
(في ظِلِّ مَن عَنَتِ الوُجوهُ لَهُ ** حَكَمِ الحُكومِ وَمالِكِ القَهرِ)
(وَلَقَد خَصَمتُ بِها مُخاصِمَكُم ** وَشَفَيتُ أَنفُسَكُم مِنَ الخُبرِ)
(ما قُلتُ إِلّا الحَقَّ أُخبِرُهُ ** عَن أَهلِ بادِيَةٍ وَلا مِصرِ)
(فَاليَومَ يَنفَعُ كُلَّ مُعتَذِرٍ ** عِندَ الإِمامِ صَوادِقَ العُذرِ)
(أَنتَ الَّذي كانَت تُوَطِّنُنا ** تَرجوهُ أَنفُسُنا عَلى الصَبرِ)
(ماتَ المَظالِمُ حينَ كُنتَ لَها ** حَكَماً وَجِئتَ لَنا عَلى فَقرِ)
(مِنّا إِلَيكَ كَفَقرِ مُمحِلَةٍ ** تَرجو الرَبيعَ لِرُزَّمٍ عَشرِ)
(ذَهَبَ الزَمانُ بِخَيرِ والِدِها ** عَنها وَما لِبَنيهِ مِن دَثرِ)
(قَد خَنَّقَت تِسعينَ أَو كَرَبَت ** تَدنو لِآخِرِ أَرذَلِ العُمرِ)
(تُرِكَت تُبَكّي في مَنازِلِهِم ** لَيسَت إِلى وَلَدٍ وَلا وَفرِ)
(بَعَثَ الإِلَهُ لَها وَقَد هَلَكَت ** نورَ البِلادِ وَماطِرِ القَطرِ)
(يَرجونَ سَيبَكَ أَن يَكونَ لَهُم ** كَالنيلِ فاضَ عَلى قُرى مِصرِ)
(فَلَئِن نَعَشتَهُم فَقَد هَلَكوا ** وَاليُسرُ يَفرُجُ لَزبَةَ العُسرِ)
(لا جارَ إِلّا اللَهُ مِن أَحَدٍ ** أَوفى وَأَبعَدُ مِنكَ مِن غَدرِ)
(تِعطي حِبالاً مَن عَقَدتَ لَهُ ** لَيسَت بِأَرمامٍ وَلا بُترِ)
(أَصبَحتَ أَعلى الناسِ مَنزِلَةً ** وَأَحَقَّهُم بِمَكارِمِ الفَخرِ)
(وَوَلِيَّ أَمرِهِمِ وَأَعدَلَهُم ** وَنَهارَهُم وَضِياءَ مَن يَسري)
(يا لَيتَ أَنفُسَنا تُقاسِمُها ** أَعمارُنا لَكَ وافِيَ الشَطرِ)
(لَم تَعدُ مُذ أَدرَكتَ أَربَعَةً ** إِلّا بِسابِقِ غايَةٍ تَجري)
(وَنَمَتكَ مِن غَطَفانَ مُنجِبَةٌ ** شَمسُ النَهارِ لِكامِلِ البَدرِ)
(لِأَبي الوَليدِ فَبَشَّروهُ بِهِ ** بِالسَعدِ وافَقَ لَيلَةَ القَدرِ)
(أَنتَ اِبنُ مُعتَرِكِ البِطاحِ وَمِن ** أَعياصِها في طَيِّبٍ نَضرِ)
(قَد يَعلَمُ النَفرُ الَّذينَ مَشَوا ** مُتَعَلِّقينَ وَهُم عَلى الجِسرِ)
(بَذَلوا نُفوسَهُمُ مُخاطَرَةً ** وَهُمُ وَراءَ خَنادِقِ الحَفرِ)
(أَنَّ الأَمانَ لَهُم إِذا خَرَجوا ** بَحراكَ مِن فَرَقٍ مِنَ الدَهرِ)
(لَمّا أَتوكَ كَأَنَّما عَقَلوا ** بِذُرى مُشَمِّرَةٍ مِنَ الغُبرِ)
(دونَ السَماءِ ذُرى مَعاقِلِها ** عَنها تَزِلُّ قَوائِمُ العُفرِ)
(خَرَجوا وَدونَهُمُ مُدَجَّجَةٌ ** وَمُخَندَقٌ مُتَصَوِّبُ القَعرِ)
(بَل ما رَأَيتَ ثَلاثَةً خَرَجوا ** مِن مِثلِ مَخرَجِهِم عَلى الخَطرِ)
(أَبَني المُهَلَّبِ قَد وَفى لَكُمُ ** جارٌ أَمَرَّ لَكُم عَلى شَزرِ)
(حَبلاً بِهِ رَجَعَت نُفوسُكُمُ ** وَلَقَد بَلَغنَ تَراقِيَ النَحرِ)
(إِنّي أَرى الحَجّاجَ أَدرَكَهُ ** ما أَدرَكَ الأَروى عَلى الوَعرِ)
(وَأَخاهُ وَاِبنَيهِ الَّذينِ هُما ** كانا يَدَيهِ وَخالِصَ الصَدرِ)
(ذَهَبوا وَمالُهُمُ الَّذي جَمَعوا ** تَرَكوهُ مِثلَ مُنَضَّدِ الصَخرِ)
(دَخَلوا قُبورَهُمُ إِذا اِضطَجَعوا ** فيها بِأَوعِيَةٍ لَهُم صِفرِ)













مصادر و المراجع :

١- ديوان الفرزدق

المؤلف: أبي فراس همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.

(38 هـ - 658 م) (110 هـ - 728 م)

شرحه وضبطه وقدّم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

الطبعة: الأولى (1407 هـ - 1987 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید