المنشورات

سيري إلى أسد

البحر: طويل
يمدح أسد بن عبدالله القري البجلي، وهو من الأجواد الشجعان، ولد ونشأ في دمشق. ولاه أخوه (خالد) خراسان سنة 108هـ، فأقام فيها زمنًا، وفي أيامه جاشت الترك بخراسان وأغاروا حتى أتوا مرو الروذ فسار إليهم أسد، فكانت له معهم وقائع انتهت بهزيمتهم. توفي في بلح 120هـ/738م.
(وَطارِقِ لَيلٍ مِن عُلَيَّةَ زارَنا ** وَقَد كادَ عَنّي اللَيلُ يَنفَدُ آخِرُه)
(فَقُلتُ لَهُ هَذا مَبيتٌ وَعِندَنا ** قِرى طارِقٍ مِنّا قَريبٍ أَواصِرُه)
(كَريمٍ عَلَينا زارَنا عَن حَنابَةٍ ** بِهِ اللَيلُ إِذ حَلَّت عَلَينا عَساكِرُه)
(فَباتَ وَبِتنا نَحسِبُ اللَيلَ مُصبِحاً ** بِها عِندَنا حَتّى تَجَرَّمَ غابِرُه)
(فَلَو لَم تَكُن رُؤياً لَأَصبَحَ عِندَنا ** كَريمٌ مِنَ الأَضيافِ عَفٌّ سَرائِرُه)
(فَيا لِعِبادِ اللَهِ كَيفَ تَخَيَّلَت ** لَنا باطِلاً لَمّا جَلا اللَيلَ نائِرُه)
(إِلى أَسَدٍ سيري فَإِنَّ لِقاءَهُ ** حَيا الغَيثِ يُحيِي مَيِّتَ الأَرضِ ماطِرُه)
(إِلَيكَ أَبا الأَشبالِ سارَت وَخاطَرَت ** عَوادِيَ لَيلٍ كانَ تُخشى بَوادِرُه)
(لِتَلقى أَبا الأَشبالِ وَالمُستَغيثُهُ ** مِنَ الفَقرِ أَوخَوفٍ تُخافُ جَرائِرُه)
(كَفاهُ الَّذي تَخشى مِنَ الخَوفِ نَفسُهُ ** وَسُدَّت بِإِعطاءِ الأُلوفِ مَفاقِرُه)
(دَعاني أَبو الأَشبالِ وَالنيلُ دونَهُ ** وَأَيُّ مُجيبٍ إِذ دَعاني وَزائِرُه)
(وَما زالَ مُذ كانَ الخُماسِيَّ يَشتَري ** غَوالِيَ مِن مَجدٍ عِظامٍ مَآثِرُه)
(يَعودُ عَلى المَولى نَداهُ وَمالُهُ ** وَقَد عَزَّ وَسطَ القَومِ مَن هُوَ ناصِرُه)
(عَلَت كَفُّكَ اليُمنى طِعاناً وَنائِلاً ** يَدَي كُلِّ مِعطاءٍ وَقِرنٍ تُساوِرُه)
(وَأَنتَ الَّذي تُستَهزَمُ الخَيلُ بِاِسمِهِ ** إِذا لَحِقَت وَالطَعنُ حُمرٌ بَصائِرُه)
(وَداعٍ حَجَزتَ الخَيلَ عَنهُ بِطَعنَةٍ ** لَها عانِدٌ لا تَطمَئِنَّ مَسابِرُه)
(وَقَد عَلِمَ الداعيكَ أَن سَتُجيبُهُ ** بِحاجِزَةٍ وَالنَقعُ أَكدَرَ ثائِرُه)
(عَطَفتَ عَلَيهِ الخَيلَ مِن خَلفِ ظَهرِهِ ** وَقَد جاءَ بِالمَوتِ المُظِلِّ مَقادِرُه)
(رَدَدتَ لَهُ الروحَ الَّذي هُوَ قَد دَنا ** إِلى فيهِ مِن مَجرٍ إِلَيهِ يُبادِرُه)
(وَأَنتَ اِمرُؤٌ يَبتاعُ بِالسَيفِ ما غَلا ** وَبِالرُمحِ لَمّا أَكسَدَ الطَعنَ تاجِرُه)
(مَكارِمَ يُغليها الطِعانُ إِذا اِلتَقَت ** عَوالٍ مِنَ الخَطِّيِّ صُمٌّ مَكاسِرُه)
(وَأَنتَ اِبنُ أَملاكٍ وَكانَت إِذا دَعا ** إِلَيها نِساءُ الحَيِّ تَسعى حَرائِرُه)
(يَداكَ يَدٌ إِحداهُما النيلُ وَالنَدى ** وَراحَتُها الأُخرى طِعانٌ تُعاوِرُه)
(وَلَو كانَ لاقاهُ اِبنُ مامَةَ لَاِنتَهى ** وَجودُ أَبي الأَشبالِ يَعلوهُ زاخِرُه)
(فَما أَحيَ لا أَجعَل لِساني لِغَيرِكُم ** وَلا مِدَحي ما حَيَّ لِلزَيتِ عاصِرُه)
(فَلَولا أَبو الأَشبالِ أَصبَحتُ نائِياً ** وَأَصبَحَ في رِجلَيَّ قَيدٌ أُحاذِرُه)
(تَدارَكَني مِن هُوَّةٍ كانَ قَعرُها ** بَعيداً وَأَعلاها كَؤودٌ مَصادِرُه)
(فَأَصبَحتُ مِثلَ الظَبيِ أَفلَتَ بَعدَما ** مِنَ الحَبلِ كانَت أَعلَقَتهُ مَرائِرُه)
(طَليقاً لِرَبِّ العالَمينَ وَلِلَّذي ** يَمُنُّ عَلى الأَسرى وَجارٍ يُجاوِرُه)
(طَليقَ أَبي الأَشبالِ أَصبَحَ جارُهُ ** عَلى حَيثُ لا يَدنو مِنَ الطَودِ طائِرُه)
(فَما أَنا إِلّا مِنكُمُ ما تَعَلَّقَت ** حَياتي إِلى اليَومِ الَّذي أَنا صائِرُه)
(وَما لِيَ شَيءٌ كانَ يوفي بِنِعمَةٍ ** عَلَيَّ لَكُم مِن فَضلِ ما أَنا شاكِرُه)
(وَلَو أَنَّ نَفساً لي تَمَنَّت سِوى الَّذي ** لَقيتُ لَكانَ الدَهرُ بي ذَلَّ عاثِرُه)










مصادر و المراجع :

١- ديوان الفرزدق

المؤلف: أبي فراس همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.

(38 هـ - 658 م) (110 هـ - 728 م)

شرحه وضبطه وقدّم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

الطبعة: الأولى (1407 هـ - 1987 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید