المنشورات

وقت جعفرًا حد السيوف ظهورها

البحر: طويل
يهجو بني جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة
(عَرَفتُ بِأَعلى رائِسِ الفَأوَ بَعدَما ** مَضَت سَنَةٌ أَيّامُها وَشُهورُها)
(مَنازِلُ أَعرَتها جُبَيرَةُ وَاِلتَقَت ** بِها الريحُ شَرقِيّاتُها وَدَبورُها)
(كَأَن لَم يُحَوِّض أَهلُها الثَورَ يَجتَني ** بِحافاتِها الخَطمِيَّ غَضّاً نَضيرُها)
(أَناةٌ كَرِئمِ الرَملِ نَوّامَةُ الضُحى ** بَطيءٌ عَلى لَوثِ النِطاقِ بُكورُها)
(إِذا حُسِرَت عَنها الجَلابيبُ وَاِرتَدَت ** إِلى الزَوجِ مَيّالاً يَكادُ يَصورُها)
(وَمُرتَجَّةُ الأَردافِ مِن آلِ جَعفَرٍ ** مُخَضَّبَةُ الأَطرافِ بيضُ نُحورُها)
(تَعِجُّ إِلى القَتلى عَلَيها تَساقَطَت ** عَجيجَ لِقاحٍ قَد تَجاوَبَ خورُها)
(كَأَنَّ نَقاً مِن عالِجٍ أَزَّرَت بِهِ ** بِحَيثُ اِلتَقَت أَوراكُها وَخُصورُها)
(فَقَد خِفتُ مِن تَذرافِ عَينَيَّ إِثرَها ** عَلى بَصَري وَالعَينُ يَعمى بَصيرُها)
(تَفَجَّرَ ماءُ العَينِ كُلَّ عَشِيَّةٍ ** وَلِلشَوقِ ساعاتٌ تَهيجُ ذُكورُها)
(وَما خِفتُ وَشكَ البَينِ حَتّى رَأَيتُها ** يُساقُ عَلى ذاتِ الجَلاميدِ عيرُها)
(وَما زِلتُ أُزجي الطَرفَ مِن حَيثُ يَمَّمَت ** مِنَ الأَرضِ حَتّى رَدَّ عَيني حَسيرُها)
(فَرَدَّ عَلَيَّ العَينَ وَهيَ مَريضَةٌ ** هَذاليلُ بَطنَ الراحَتَينِ وَقورُها)
(تَحَيَّرَ ذاويها إِذِ اِضطَرَدَ السَفا ** وَهاجَت لِأَيّامِ الثُرَيّا حَرورُها)
(أَتَصرِفُ أَجمالَ النَوى شاجِنِيَّةٌ ** أَمِ الحَفَرُ الأَعلى بِفَلجٍ مَصيرُها)
(وَما مِنهُما إِلّا بِهِ مِن دِيارِها ** مَنازِلُ أَمسَت ماتَبيدُ سُطورُها)
(وَكائِن بِها مِن عَينِ باكٍ وَعَبرَةٍ ** إِذا اِمتُرِيَت كانَت سَريعاً دُرورُها)
(تَرى قَطَنٌ أَهلَ الأَصاريمِ إِنَّهُ ** غَنِيٌّ إِذا ما كَلَّمَتهُ فَقيرُها)
(تَهادى إِلى بَيتِ الصَلاةِ كَأَنَّها ** عَلى الوَعثِ ذو ساقٍ مَهيضٍ كَسيرُها)
(كَدُرَّةِ غَوّاصٍ رَمى في مَهيبَةٍ ** بِأَجرامِهِ وَالنَفسُ يَخشى ضَميرُها)
(مُوَكَّلَةً بِالدُرِّ خَرساءَ قَد بَكى ** إِلَيهِ مِنَ الغَواصِ مِنها نَذيرُها)
(فَقالَ أُلاقي المَوتَ أَو أُدرِكُ الغِنى ** لِنَفسِيَ وَالآجالُ جاءٍ دُهورُها)
(وَلَمّا رَأى ما دونَها خاطَرَت بِهِ ** عَلى المَوتِ نَفسٌ لا يَنامُ فَقيرُها)
(فَأَهوى وَناباها حَوالَي يَتيمَةٍ ** هِيَ المَوتُ أَو دُنيا يُنادي بَشيرُها)
(فَأَلقَت بِكَفَّيهِ المَنِيَّةُ إِذ دَنا ** بِعَضَّةِ أَنيابٍ سَريعٍ سُؤورُها)
(فَحَرَّكَ أَعلى حَبلِهِ بِحُشاشَةٍ ** وَمِن فَوقِهِ خَضراءُ طامٍ بُحورُها)
(فَما جاءَ حَتّى مَجَّ وَالماءُ دونَهُ ** مِنَ النَفسِ أَلواناً عَبيطاً بُحورُها)
(إِذا ما أَرادوا أَن يُحيرَ مَدوفَةً ** أَبى مِن تَقَضّي نَفسِهِ لا يَحورُها)
(فَلَمّا أَرَوها أُمَّهُ هانَ وَجدُها ** رَجاةَ الغِنى لَمّا أَضاءَ مُنيرُها)
(وَظَلَّت تَغالاها التِجارُ وَلا تُرى ** لَها سيمَةٌ إِلّا قَليلاً كَثيرُها)
(فَرُبَّ رَبيعٍ بِالبَلاليقِ قَد رَعَت ** بِمُستَنِّ أَغياثٍ بِعاقَ ذُكورُها)
(تَحَدَّرَ قَبلَ النَجمِ مِمّا أَمامَهُ ** مِنَ الدَلوِ وَالأَشراطِ يَجري غَضيرُها)
(أَلَم تَعلَمي أَنّي إِذا القِدرُ حُجِّلَت ** وَأُلقِيَ عَن وَجهِ الفَتاةِ سُتورُها)
(وَراحَت تَشِلُّ الشَولَ وَالفَحلُ خَلفَها ** زَفيفاً إِلى نيرانِها زَمهَريرُها)
(شَآمِيَةٌ تُفشي الخَفائِرَ نارُها ** وَنَبحُ كِلابِ الحَيِّ فيها هَريرُها)
(إِذا الأُفُقُ الغَربِيُّ أَمسى كَأَنَّهُ ** سَدى أُرجُوانٍ وَاِستَقَلَّت عَبورُها)
(تَرى النيبَ مِن ضَيفي إِذا ما رَأَينَهُ ** ضُموزاً عَلى جَرّاتِها ما تُحيرُها)
(يُحاذِرنَ مِن سَيفي إِذا ما رَأَينَهُ ** مَعي قائِماً حَتّى يَكوسَ عَقيرُها)
(وَقَد عَلِمَت أَنَّ القِرى لِاِبنِ غالِبٍ ** ذُراها إِذا لَم يَقرِ ضَيفاً دَرورُها)
(شَقَقنا عَنِ الأَولادِ بِالسَيفِ بَطنَها ** وَلَمّا تُجَلَّد وَهيَ يَحبو بَقيرُها)
(وَنُبِّئتُ ذا الأَهدامِ يَعوي وَدونَهُ ** مِنَ الشَأمِ ذَرّاعاتُها وَقُصورُها)
(إِلَيَّ وَلَم أَترُك عَلى الأَرضِ حَيَّةً ** وَلا نابِحاً إِلّا اِستَسَرَّ عَقورُها)
(كِلاباً نَبَحنَ اللَيثَ مِن كُلِّ جانِبٍ ** فَعادَ عُواءً بَعدَ نَبحٍ هَريرُها)
(عَوى بِشَقاً لِاِبنَي بُحَيرٍ وَدونَنا ** نِضادٌ فَأَعلامُ السِتارِ فَنيرُها)
(وَنُبِّئتُ كَلبَ اِبنَي حُمَيضَةَ قَد عَوى ** إِلَيَّ وَنارُ الحَربِ تَغلي قُدورُها)
(وَوَدَّت مَكانَ الأَنفِ لَو كانَ نافِعٌ ** لَها حَيضَةٌ أَو أَعجَلَتها شُهورُها)
(مَكانَ اِبنِها إِذ هاجَني بِعُوائِهِ ** عَلَيها وَكانَت مُطمَئِنّاً ضَميرُها)
(لَكانَ اِبنُها خَيراً وَأَهوَنَ رَوعَةً ** عَلَيها مِنَ الجُربِ البَطيءِ طُرورُها)
(دَوامِعَ قَد يُعدي الصِحاحَ قِرافُها ** إِذا هُنِئَت يَزدادُ عَرّاً نُشورُها)
(وَكانَ نُفَيعٌ إِذ هَجاني لِأُمِّهِ ** كَباحِثَةٍ عَن مُديَةٍ تَستَثيرُها)
(عَجوزٌ تُصَلّي الخَمسَ عاذَت بِغالِبٍ ** فَلا وَالَّذي عاذَت بِهِ لا أُضيرُها)
(فَإِنّي عَلى إِشفاقِها مِن مَخافَتي ** وَإِن عَقَّها بي نافِعٌ لَمُجيرُها)
(وَلَم تَأتِ عيرٌ أَهلَها بِالَّذي أَتَت ** بِهِ جَعفَراً يَومَ الهُضَيباتِ عيرُها)
(أَتَتهُم بِعيرٍ لَم تَكُن هِجَرِيَّةً ** وَلا حِنطَةَ الشَأمِ المَزيتِ خَميرُها)
(وَلَم تُرَ سَوّاقينَ عيراً كَساقَةٍ ** يَسوقونَ أَعدالاً يَدِبُّ بَعيرُها)
(إِذا ذَكَرَت زَوجاً لَها جَعفَرِيَّةٌ ** وَمَصرَعَ قَتلى لَم تُقَتَّل ثُؤورُها)
(تَبَيَّنُ أَن لَم يَبقَ مِن آلِ جَعفَرٍ ** مُحامٍ وَلا دونَ النِساءِ غَيورُها)
(وَقَد أَنكَرَت أَزواجَها إِذ رَأَتهُمُ ** عُراةً نِساءٌ قَد أُحِرَّت صُدورُها)
(إِذا ذُكِرَت أَيّامُهُم يَومَ لَم يَقُم ** لِسَلَّةِ أَسيافِ الضَبابِ نَفيرُها)
(عَشِيَّةَ يَحدوهُم هُرَيمٌ كَأَنَّهُم ** رِئالُ نَعامٍ مُستَخَفٌّ نَفورُها)
(عَشِيَّةَ لاقَتهُم بِآجالِ جَعفَرٍ ** صَوارِمُ في أَيدي الضَبابِ ذُكورُها)
(كَأَنَّهُمُ لِلخَيلِ يَومَ لَقيتَهُم ** بِطِخفَةَ خِربانٌ عَلَتها صُقورُها)
(وَلَم تَكُ تَخشى جَعفَرٌ أَن يُصيبَها ** بِأَعظَمَ مِنّي مِن شَقاها فُجورُها)
(وَلا يَومَ بِريانٌ تُكَسِّعُ بِالقَنا ** وَلا النارَ لَو يُلقى عَلَيهِم سَعيرُها)
(وَقَد عَلِمَت أَعداؤُها أَنَّ جَعفَراً ** يَقي جَعفَراً حَدَّ السُيوفِ ظُهورُها)
(أَتَصبِرُ لِلعادي ضَغابيثُ جَعفَرٍ ** وَثَورَةِ ذي الأَشبالِ حينَ يَثورُها)
(سَيَبلُغُ ما لاقَت مِنَ الشَرِّ جَعفَرٌ ** تِهامَةَ مِن رُكبانِها مَن يَغورُها)
(إِذا جَعفَرٌ مَرَّت عَلى هَضبَةِ الحِمى ** تَقَنَّعُ إِذ صاحَت إِلَيها قُبورُها)
(لَنا مَسجِدا اللَهِ الحَرامانِ وَالهُدى ** وَأَصبَحَتِ الأَسماءُ مِنّا كَبيرُها)
(سِوى اللَهِ إِنَّ اللَهَ لا شَيءَ مِثلَهُ ** لَهُ الأُمَمُ الأولى يَقومُ نُشورُها)
(إِمامُ الهُدى كَم مِن أَبٍ أَو أَخٍ لَهُ ** وَقَد كانَ لِلأَرضِ العَريضَةِ نورُها)
(إِذا اِجتَمَعَ الآفاقُ مِن كُلِّ جانِبٍ ** إِلى مَنسِكٍ كانَت إِلَيها أُمورُها)
(رَمى الناسُ عَن قَوسٍ تَميماً فَما أَرى ** مُعاداةَ مَن عادى تَميماً تَضيرُها)
(وَلَو أَنَّ أُمَّ الناسِ حَوّاءَ حارَبَت ** تَميمَ بنَ مَرٍّ لَم تَجِد مَن يُجيرُها)
(بَنى بَيتَنا باني السَماءِ فَنالَها ** وَفي الأَرضِ مِن بَحري تَفيضُ بُحورُها)
(وَنُبِّئتُ أَشقى جَعفَرٍ هاجَ شِقوَةً ** عَلَيها كَما أَشقى ثَمودَ مُبيرُها)
(يَصيحونَ يَستَسقونَهُ حينَ أَنضَجَت ** عَلَيهِم مِنَ الشِعرى التُرابَ حَرورُها)
(تَصُدُّ عَنِ الأَزواجِ إِذ عَدَلَتهُمُ ** عُيونٌ حَزيناتٌ سَريعٌ دُرورُها)
(وَلَكِنَّ خِرباناً تَنوسُ لِحاهُمُ ** عَلى قُصُبٍ جوفٍ تَناوَحَ خورُها)
(مُنِعنَ وَيَستَحيِينَ بَعدَ فِرارِهِم ** إِلى حَيثُ لِلأَولادِ يُطوى صَغيرُها)
(لَعَمري لَقَد لاقَت مِنَ الشَرِّ جَعفَرٌ ** بِطِخفَةَ أَيّاماً طَويلاً قَصيرُها)
(بِطِخفَةَ وَالرَيّانِ حَيثُ تَصَوَّبَت ** عَلى جَعفَرٍ عِقبانُها وَنُسورُها)
(وَقَد عَلِمَت أَفناءُ جَعفَرَ أَنَّهُ ** يَقي جَعفَراً وَقعُ العَوالي ظُهورُها)
(تَضاغى وَقَد ضَمَّت ضَغابيثُ جَعفَرٍ ** شَباً بَينَ أَشداقٍ رِحابٍ شُجورُها)
(شَقا شَقَّتَيهِ جَعفَرٌ بي وَقَد أَتَت ** عَلَيَّ لَهُم سَبعونَ تَمَّت شُهورُها)
(بَني جَعفَرٍ هَل تَذكُرونَ وَأَنتُمُ ** تُساقونَ إِذ يَعلو القَليلَ كَثيرُها)
(وَإِذ لا طَعامٌ غَيرَ ما أَطعَمَتكُمُ ** بُطونُ جَواري جَعفَرٍ وَظُهورُها)
(وَقَد عَلِمَت مَيسونُ أَنَّ رِماحَكُم ** تَهابُ أَبا بَكرٍ جِهاراً صُدورُها)
(عَشِيَّةَ أَعطَيتُم سَوادَةَ جَحوَشاً ** وَلَمّا يُفَرَّق بِالعَوالي نَصيرُها)
(أَقامَت عَلى الأَجبابِ حاضِرَةً بِهِ ** ضَبينَةُ لَم تُهتَك لِظَعنٍ كُسورُها)
(تُريحُ المَخازي جَعفَرٌ كُلَّ لَيلَةٍ ** عَلَيها وَتَغدو حينَ تَغدو بُكورُها)
(فَإِن تَكُ قَيسٌ قَدَّمَتكَ لِنَصرِها ** فَقَد خَزِيَت قَيسٌ وَذَلَّ نَصيرُها)












مصادر و المراجع :

١- ديوان الفرزدق

المؤلف: أبي فراس همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.

(38 هـ - 658 م) (110 هـ - 728 م)

شرحه وضبطه وقدّم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

الطبعة: الأولى (1407 هـ - 1987 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید