المنشورات

شفت لي فؤادي واشتفى بي غليلها

البحر: طويل
كان من حديث هذه القصيدة أن أعين بن ضبيعة المجاشعي كان علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه وجهه إلى البصرة، أيام الهدنة والحكمين، فلم يخف أمره حتى يستحكم له ما يريد، فقتله الخوارج غيلة، فخطب ابنته النوار رجل من قريش، فبعثت إلى الفرزدق فقالت: أنت ابن عمي وأولى الناس بتزويجي، فزوجني، فقال: إن بالشام من هو أقرب إليك مني، ولا آمن إن قدم قادم منهم أن ينكر ذلك علي، فاشهدي أنك قد جعلت أمرك إلي، ففعلت فخرج بالشهود من عندها فقال: إنها قد جعلت أمرها إلي وإني أشهدكم أني قد تزوجتها على مائة ناقة حمراء سوداء الحدقة، فذثرت من ذلك واستعدت عليه، وخرجت إلى ابن الزبير، والحجاز والعراق يومئذ إليه، فقال الفرزدق:
(لَعَمْرِي لَقَدَ أرْدَى نَوَارَ وَسَاقَها ** إلى الغورِ، وأحلامٌ قليلٌ عقولها)
(مُعارِضَةَ الرّكْبانِ في شَهْرِ نَاجِرٍ، ** على قتبٍ يعدو الفلاةَ دليلها)
(وما خفتها إنْ أنكحتني وأشهدتْ ** على نفسها لي أنْ تبجسَ غولها)
(أبَعْدَ نَوَارٍ آمَنَنّ ظَعِينَةً ** على الغَدْرِ ما نَادَى الحَمامَ هَديلُها)
(ألا ليتَ شعري عن نوارٍ إذا خلتْ ** بحاجتها هلْ تبصرنّ سبيلها)
(أطاعَتْ بَني أمّ النّسَيرِ، فأصْبَحَتْ ** على شارفٍ ورقاءَ صعبٍ ذلولها)
(إذا ارتجلتْ شقتْ عليها، وإنْ تتحْ ** يَكُنّ مِنْ غَرَامِ الله عَنها نُزُولُها)
(وَمَنْسُوبَةُ الأجْدادِ غَيرُ لَئِيمَةٍ، ** شَفَتْ لي فُؤادي وَاشتَفى بي غَليلُها)
(فَلا زَال يَسْقي ما مُفَدّاةُ نَحْوَهُ، ** أهاضيبُ، مستنُّ الصَّبا ومسيلها)
(فَما فَارقَتْنا رَغْبَةً عَنْ جِمَاعِنَا، ** وَلكَنّما غالَتْ مُفَدّاةَ غُولُها)
(تذكرني أروحها نفحةَ الصَّبا، ** وَرِيحُ الخُزَامَى طَلُّها وَبَلِيلُها)
(فإنّ امرأً يسعى يخببُ زوجتي، ** كَساعٍ إلى أُسْدِ الثّرَى يَسْتَبيلُها)
(وَمِنْ دُونِ أبْوَالِ الأسُودِ بَسالَةٌ، ** وصولةُ أيدٍ يمنعُ الضيمَ طولها)
(فَما أنَا بِالنّائي فَتُنْفَى قَرَابَتي، ** على رجلٍ، ما سدّ كفّي، خليلها)
(وَأنْ لمْ تكُنْ لي في الّذي قُلتُ مِرّةٌ ** فَدُلّيتُ في غَبْرَاءَ يَنْهَالُ جُولُها)
(فما أنا بالنائي فتنقى قرابتي، ** ولا باطلٌ حقّي الذي لا أقيلها)
(ولَكِنّني المَوْلى الذي لَيْسَ دُونَهُ ** وليّ، ومولى عقدةٍ منْ يجيلها)
(فَدُونَكَها يا ابن الزّبَيْرِ، فإنّهَا ** مَوَلَّعَةٌ يُوهي الحِجارَةَ قِيلُها)
(إذا قعدتْ عندَ الإمامِ، كأنما ** تَرَى رُفْقَةً مِنْ سَاعَةٍ تَسْتَحيلُها)
(وما خاصمَ الأقوامَ منذي خصومةٍ ** كَوَرْهاء، مَشْنُوءٌ إلَيْهَا حَلِيلُها)
(فَإنّ أبَا بَكْرٍ إمَامكِ عالِمٌ ** بِتَأوِيلِ مَا وَصّى العِبَادِ رَسُولُها)
(وظلماءَ منْ جرّا نوارٍ سريتها، ** وَهَاجِرَةٍ دَوّيّةٍ مَا أُقِيلُها)
(جَعَلْنَا عَلَينَا دُونَها مِنْ ثِيَابِنا ** تَظَالِيلَ حَتى زَالَ عَنْهَا أصِيلُها)
(ترى منْ تلظيها الظّباءَ كأنها ** موقَّفةٌ تغشى القرونَ عولها)
(نصبتُ لها وجهي وحرفاً كأنّها ** أتانُ فلاةٍ خفَ عنها ثميلها)
(إِذا عَسَفَت أَنفاسُها في تَنوفَةٍ ** تَقَطَّعَ دونَ المُحصَناتِ سَحيلُها)
(تُرى مِثلَ أَنضاءِ السُيوفِ مِنَ السُرى ** جَراشِعَةَ الأَجوازِ يَنجو رَعيلُها)












مصادر و المراجع :

١- ديوان الفرزدق

المؤلف: أبي فراس همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.

(38 هـ - 658 م) (110 هـ - 728 م)

شرحه وضبطه وقدّم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

الطبعة: الأولى (1407 هـ - 1987 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید