المنشورات

يداك هما الغيث المغيث

البحر: طويل
يمدح سليمان بن عبد الملك ويهجو الحجاج بن يوسف.
(وَكَيفَ بِنَفسٍ كُلَّما قُلتُ أَشرَفَت ** عَلى البُرءِ مِن حَوصاءِ هَيضَ اِندِمالُها)
(تُهاضُ بِدارٍ قَد تَقادَمَ عَهدُها ** وَإِمّا بِأَمواتٍ أَلَمَّ خَيالُها)
(وَما كُنتُ ما دامَت لِأَهلي حَمولَةٌ ** وَما حَمَلَتهُم يَومَ ظَعنٍ جِمالِها)
(وَما سَكَنَت عَنّي نَوارٌ فَلَم تَقُل ** عَلامَ اِبنُ لَيلى وَهيَ غُبرٌ عِيالُها)
(تُقيمُ بِدارٍ قَد تَغَيَّرَ جِلدُها ** وَطالَ وَنيرانُ العَذابِ اِشتِعالُها)
(لِأَقرَبَ أَرضَ الشَأمِ وَالناسُ لِم يَقُم ** لَهُم خَيرُهُم ما بَلَّ عَيناً بِلالُها)
(أَلَستَ تَرى مِن حَولَ بَيتِكَ عائِذاً ** بِقَدرِكَ قَد أَعيا عَلَيها اِحتِيالُها)
(فَكَيفَ تُريدُ الخَفضَ بَعدَ الَّذي تَرى ** نِساءٌ بِنَجدٍ عُيَّلٌ وَرِجالُها)
(وَسَوداءَ في أَهدامِ كَلّينَ أَقبَلَت ** إِلَينا بِهِم تَمشي وَعَنّا سُؤالُها)
(عَلى عاتِقَيها اِثنانِ مِنهُم وَإِنَّها ** لَتُرعَدُ قَد كادَت يُقَصُّ هُزالُها)
(وَمِن خَلفِها ثِنتانِ كِلتاهُما لَها ** تَعَلَّقَ بِالأَهدامِ وَالشَرُّ حالُها)
(وَفي حَجرُها مَخزومَةٌ مِن وَرائِها ** شُعَيثاءُ لَم يَتمِم لِحَولٍ فِصالُها)
(فَخَرَّت وَأَلقَتهُم إِلَينا كَأَنَّها ** نَعامَةُ مَحلٍ جانَبَتها رِئالُها)
(إِلى حُجرَةٍ كَم مِن خِباءٍ وَقُبَّةٍ ** إِلَيها وَهُلّاكٍ كَثيرٌ عِيالُها)
(وَبِالمَسجِدِ الأَقصى الإِمامُ الَّذي اِهتَدى ** بِهِ مِن قُلوبِ المُمتَرينِ ضَلالُها)
(بِهِ كَشَفَ اللَهُ البَلاءَ وَأَشرَقَت ** لَهُ الأَرضُ وَالآفاقُ نَحسٌ هِلالُها)
(فَلَمّا اِستَهَلَّ الغَيثُ لِلناسِ وَاِنجَلَت ** عَنِ الناسِ أَزمانٌ كَواسِفُ بالُها)
(شَدَدنا رِحالَ المَيسِ وَهيَ شَجٍ بِها ** كَواهِلُها ما تَطمَئِنُّ رِحالُها)
(فَأَصبَحَتِ الحاجاتُ عِندَكَ تَنتَهي ** وَكُلُّ عَفَرناةٍ إِلَيكَ كَلالُها)
(حَلَفتُ لَئِن لَم أَشتَعِب عَن ظُهورِها ** لِيَنتَقِيَن مُخَّ العِظامِ اِنتِقالُها)
(إِلى مُطلِقِ الأَسرى سُلَيمانَ تَلتَقي ** خَذاريفُ بَينَ الراجِعاتِ نِعالُها)
(كَأَنَّ نَعاماتٍ يُنَتَّفنَ خُضرَةً ** بِصَحراءَ مِمراحٍ كَثيرٌ مَجالُها)
(يُبادِرنَ جُنحَ اللَيلِ بيضاً وَغُبرَةً ** ذُعِرنَ بِها وَالعيسُ يُخشى كَلالُها)
(كَأَنَّ أَخا الهَمِّ الَّذي قَد أَصابَهُ ** بِهِ مِن عَقابيلِ القَطيفِ مُلالُها)
(وَقُلتُ لِأَهلِ المَشرِقَينِ أَلَم تَكُن ** عَلَيكُم غُيومٌ وَهيَ حُمرٌ ظِلالُها)
(فَبَدَّلتُمُ جَودَ الرَبيعِ وَحُوِّلَت ** رَحىً عَنكُمُ كانَت مُلِحّاً ثِفالُها)
(أَلا تَشكُرونَ اللَهَ إِذ فَكَّ عَنكُمُ ** أَداهِمَ بِالمَهدِيِّ صُمّاً ثِقالُها)
(هَنَأناهُمُ حَتّى أَعانَ عَلَيهِمُ ** مِنَ الدَلوِ أَو عَوّا السِماكِ سِجالُها)
(إِذا ما العَذارى بِالدُخانِ تَلَفَّعَت ** وَلَم يَنتَظِر نَصبَ القُدورِ اِمتِلالُها)
(نَحَرنا وَأَبرَزنا القُدورَ وَضُمِّنَت ** عَبيطَ المَتالي الكومِ غُرّاً مَحالُها)
(إِذا اِعتَرَكَت في راحَتَي كُلِّ مُجمِدٍ ** مُسَوَّمَةً لا رِزقَ إِلّا خِصالُها)
(مَرَينا لَهُم بِالقَضبِ مِن قَمَعِ الذُرى ** إِذا الشَولُ لَم تُرزِم لِدَرٍّ فِصالُها)
(بَقَرنا عَنِ الأَفلاذِ بِالسَيفِ بَطنَها ** وَبِالساقِ مِن دونِ القِيامِ خِبالُها)
(عَجِلنا عَنِ الغَليِ القِرى مِن سَنامِها ** لِأَضيافِنا وَالنابُ وَردٌ عِقالُها)
(لَهُم أَو تَموتَ الريحُ وَهيَ ذَميمَةٌ ** إِذا اِعتَزَّ أَرواحَ الشِتاءِ شَمالُها)
(وَصارِخَةٍ يَسعى بَنوها وَراءَها ** عَلى ظَهرِ عُريٍ زَلَّ عَنهُ جِلالُها)
(تُلَوّي بِكَفَّيها عَناصِيَ ذِروَةٍ ** وَقَد لَحِقَت خَيلٌ تَثوبُ رِعالُها)
(مُقاتِلَةٌ في الحَيِّ مِن أَكرَميهِمُ ** أَبوها هُوَ اِبنُ العَمِّ لَحّاً وَخالُها)
(إِذا اِلتَفَتَت سَدَّ السَماءَ وَرائَها ** عَبيطٌ وَجُمهورٌ تَعادى فِحالُها)
(أَناخَت بِها وَسطَ البُيوتِ نِساؤُنا ** وَقَد أُعجِلَت شَدَّ الرِحالِ اِكتِفالُها)
(أَنَخنا فَأَقبَلنا الرِماحَ وَراءَها ** رِماحاً تُساقي بِالمَنايا نِهالُها)
(بَنو دارِمٍ قَومي تَرى حُجُزاتِهِم ** عِتاقاً حَواشيها رِقاقاً نِعالُها)
(يَجُرّونَ هُدّابَ اليَماني كَأَنَّهُم ** سُيوفٌ جَلا الأَطباعَ عَنها صِقالُها)
(وَشيمَت بِهِ عَنكُم سُيوفٌ عَلَيكُمُ ** صَباحَ مَساءَ بِالعِراقِ اِستِلالُها)
(وَإِذ أَنتُمُ مَن لَم يَقُل أَنا كافِرٌ ** تَرَدّى نَهاراً عَثرَةً لا يُقالُها)
(وَفارَقَ أُمَّ الرَأسِ مِنهُ بِضَربَةٍ ** سَريعٍ لِبَينِ المَنكَبَينِ زِيالُها)
(وَإِن كانَ قَد صَلّى ثَمانينَ حِجَّةً ** وَصامَ وَأَهدى البُدنَ بيضاً خِلالُها)
(لَئِن نَفَرُ الحَجّاجِ آلُ مُعَتِّبٍ ** لَقوا دَولَةً كانَ العَدُوُّ يُدالُها)
(لَقَد أَصبَحَ الأَحياءُ مِنهُم أَذِلَّةً ** وَفي النارِ مَثواهُم كُلوحاً سِبالُها)
(وَكانوا يَرَونَ الدائِراتِ بِغَيرِهِم ** فَصارَ عَلَيهِم بِالعَذابِ اِنفِتالُها)
(وَكانَ إِذا قيلَ اِتَّقي اللَهَ شَمَّرَت ** بِهِ عِزَّةٌ لا يُستَطاعُ جِدالُها)
(أَلِكني إِلى مَن كانَ بِالصينِ إِذ رَمَت ** بِهِ الهِندَ أَلواحٌ عَلَيها جِدلالُها)
(هَلُمَّ إِلى الإِسلامِ وَالعَدلُ عِندَنا ** فَقَد ماتَ عَن أَرضِ العِراقِ خِبالُها)
(فَما أَصبَحَت في الأَرضِ نَفسٌ فَقيرَةٌ ** وَلا غَيرُها إِلّا سُلَيمانُ مالُها)
(يَمينَكَ في الأَيمانِ فاصِلَةٌ لَها ** وَخَيرُ شِمالٍ عِندَ خَيرٍ شِمالُها)
(فَأَصبَحتَ خَيرَ الناسِ وَالمُهتَدى بِهِ ** إِلى القَصدِ وَالوُثقى الشَديدِ حِبالُها)
(يَداكَ يَدُ الأَسرى الَّتي أَطلَقَتهُمُ ** وَأُخرى هِيَ الغَيثُ المُغيثُ نَوالُها)
(وَكَم أَطلَقَت كَفّاكَ مِن قَيدِ بائِسٍ ** وَمِن عُقدَةٍ ما كانَ يُرجى اِنحِلالُها)
(كَثيراً مِنَ الأَسرى الَّتي قَد تَكَنَّعَت ** فَكَكتَ وَأَعناقاً عَلَيها غِلالُها)
(وَجَدنا بَني مَروانَ أَوتادَ دينِنا ** كَما الأَرضُ أَوتادٌ عَلَيها جِبالُها)
(وَأَنتُم لِهَذا الدينِ كَالقِبلَةِ الَّتي ** بِها إِن يَضِلَّ الناسُ يَهدي ضَلالُها)












مصادر و المراجع :

١- ديوان الفرزدق

المؤلف: أبي فراس همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.

(38 هـ - 658 م) (110 هـ - 728 م)

شرحه وضبطه وقدّم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

الطبعة: الأولى (1407 هـ - 1987 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید