المنشورات

إلى خير من حلت له عقد الرحل

البحر: طويل
يمدح الوليد بن عبدالملك
(سَلَوتُ عَنِ الدَهرِ الَّذي كانَ مُعجِباً ** وَمِثلُ الَّذي قَد كانَ مِن دَهرِنا يُسلي)
(وَأَيقَنتُ أَنّي لا مَحالَةُ مَيِّتٌ ** فَمُتَّبِعٌ آثارَ مَن قَد خَلا قَبلي)
(وَأَنّي الَّذي لا بَدَّ أَن سَيُصيبُهُ ** حِمامُ المَنايا مِن وَفاةٍ وَمِن قَتلِ)
(فَما أَنا بِالباقي وَلا الدَهرُ فَاِعلَمي ** بِراضٍ بِما قَد كانَ أَذهَبَ مِن عَقلي)
(وَلا مُنصِفي يَوماً فَأُدرِكَ عِندَهُ ** مَظالِمَهُ عِندي وَلا تارِكاً أَكلي)
(وَأَينَ أَخِلّائي الَّذينَ عَهِدتُهُم ** وَكُلُّهُمُ قَد كانَ في غِبطَةٍ مِثلي)
(دَعَتهُم مَقاديرٌ فَأَصبَحتُ بَعدَهُم ** بَقِيَّةُ دَهرٍ لَيسَ يُسبَقُ بِالذَحلِ)
(بَلَوتُ مِنَ الدَهرِ الَّذي فيهِ واعِظٌ ** وَجارَيتُ بِالنُعمى وَطالَبتُ بِالتَبلِ)
(وَجُرِّبتُ عِندَ المُضلِعاتِ فَلَم أَكُن ** ضَريعَ زَمانٍ لا أُمِرَّ وَلا أُحلي)
(وَبَيداءُ تَغتالُ المَطِيَّ قَطَعتُها ** بِرَكّابِ هَولٍ لَيسَ بِالعاجِزِ الوَغلِ)
(إِذا الأَرضُ سَدَّتها الهَواجِرُ وَاِرتَدَت ** مُلاءَ سَمومٍ لَم يُسَدَّينَ بِالغَزلِ)
(وَكانَ الَّذي يَبدو لَنا مِن سَرابِها ** فُضولُ سُيولِ البَحرِ مِن مائِهِ الضَحلِ)
(وَيَدعو القَطا فيها القَطا فَيُجيبُهُ ** تَوائِمُ أَطفالٍ مِنَ السَبسَبِ المَحلِ)
(دَوارِجُ أَخلَفنَ الشَكيرَ كَأَنَّما ** جَرى في مَآقيها مَراوِدُ مِن كُحلِ)
(يُسَقّينَ بِالمَوماةِ زُغباً نَواهِضاً ** بَقايا نِطافٍ في حَواصِلِها تَغلي)
(تَمُجُّ أَداوى في أَداوى بِها اِستَقَت ** كَما اِستَفرَغَ الساقي مِنَ السَجلِ بِالسَجلِ)
(وَقَد أَقطَعَ الخَرقَ البَعيدَ نِياطُهُ ** بِمائِرَةِ الضَبعَينِ وَجناءَ كَالهِقلِ)
(تَزَيَّدُ في فَضلِ الزِمامِ كَأَنَّها ** تُحاذِرُ وَقعاً مِن زَنابيرَ أَو نَحلِ)
(كَأَنَّ يَدَيها في مَراتِبَ سُلَّمٍ ** إِذا غاوَلَت أَوبَ الذِراعَينِ بِالرِجلِ)
(تَأَوَّهَ مِن طولِ الكَلالِ وَتَشتَكي ** تَأَوُّهَ مَفجوعٍ بِثُكلِ عَلى ثُكلِ)
(إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ أَنَختُها ** إِلى خيرِ مَن حُلَّت لَهُ عُقَدُ الرَحلِ)
(إِلى خَيرِهِم فيهِم قَديماً وَحادِثاً ** مَعَ الحِلمِ وَالإيمانِ وَالنائِلِ الجَزلِ)
(وَرِثتَ أَباكَ المُلكَ تَجري بِسَمتِهِ ** كَذَلِكَ خوطُ النَبعِ يَنبُتُ في الأَصلِ)
(كَداوُدَ إِذ وَلّى سُلَيمانَ بَعدَهُ ** خِلافَتَهُ نِحلاً مِنَ اللَهِ ذي الفَضلِ)
(يَسوسُ مِنَ الحِلمِ الَّذي كانَ راجِحاً ** بِأَجبالِ سَلمى مِن وَفاءٍ وَمِن عَدلِ)
(هُوَ القَمَرُ البَدرُ الَّذي يُهتَدى بِهِ ** إِذا ما ذَوُو الأَضغانِ جاروا عَنِ السُبلِ)
(أَغَرَّ تَرى نوراً لِبَهجَةِ مُلكِهِ ** عَفُوّاً طَلوباً في أَناةٍ وَفي رِسلِ)
(يَفيضُ السِجالَ الناقِعاتِ مِنَ النَدى ** كَما فاضَ ذو مَوجٍ يُقَمِّصُ بِالجَفلِ)
(وَكَم مِن أُناسٍ قَد أُصيبَت بِنِعمَةٍ ** وَمِن مُثقَلٍ خَفَّفتَ عَنهُ مِنَ الثِقلِ)
(وَمِن أَمرِ حَزمٍ قَد وَلَيتَ نَجِيَّهُ ** بِرَأيٍ جَميعٍ مُستَمِرٍّ قُوى الحَبلِ)
(قَضَيتَ قَضاءً في الخِلافَةِ ثابِتاً ** مِبيناً فَقَد أَسمَعتَ مَن كانَ ذا عَقلِ)
(فَمَن ذا الَّذي يَرجو الخِلافَةَ مِنهُمُ ** وَقَد قُمتَ فيهِم بِالبَيانِ وَبِالفَصلِ)
(وَبَيَّنتَ أَن لا حَقَّ فيها لِخاذِلٍ ** تَرَبَّصَ في شَكٍّ وَأَشفَقَ مِن مَثلِ)
(وَلا لِاِمرِئٍ آتى المُضِلّينَ بَيعَةً ** رَأى الحَربَ أَبدَت عَن نَواجِذِها العُصلِ)
(وَمَدَّ يَداً مِنهُ لِبَيعَةِ خاسِرٍ ** وَما المُكسِدُ المَغبونُ كَالرابِحِ المُغلي)
(وَعانَدَ لَمّا أَن رَأى الحَربَ شَمَّرَت ** عِنادَ الخَصِيِّ الجَونِ صَدَّ عَنِ الفَحلِ)
(فَما بالُ أَقوامٍ بَدا الغِشُّ مِنهُمُ ** وَهُم كُشُفٌ عِندَ الشَدائِدِ وَالأَزلِ)
(يُداوُونَ مِن قَرحٍ أَدانيهِ قَد عَتا ** عَلى الداءِ لَم تُدرَك أَقاصيهِ بِالفُتلِ)
(وَقَد كانَ مِمّا قَد تَلَوا مِن حَديثِهِم ** شِفاءٌ وَكانَ الحِلمُ يَشفي مِنَ الجَهلِ)
(وَإِلّا فَإِنَّ المَشرِفِيَّةَ حَدُّها ** دَواءٌ لَهُم غَيرَ الدَبيبِ وَلا الخَتلِ)
(أَوِ النَفيُ حَتّى عَرضُ أَرضٍ وَطولُها ** عَلَيهِم كَبَيتِ القَينِ أُغلِقَ بِالقَفلِ)
(وَقَد خَذَلوا مَروانَ في الحَربِ وَاِبنَهُ ** أَباكَ وَأَدلَوا فيهِما مَعَ مَن يُدلي)
(وَكانا إِذا ما كانَ يَومُ عَظيمَةٍ ** حَمولَينِ لِلأَثقالِ في الأَمرِ ذي البَزلِ)
(فَصَلّى عَلى قَبرَيهِما اللَهُ إِنَّما ** خَلائِقُهُ مِنها عَلى سُنَّةِ الرُسلِ)
(فَفُزتَ بِما فازا بِهِ مِن خِلافَةٍ ** وَزِدتَ عَلى مَن كانَ قَبلَكَ بِالحَصلِ)
(بِعافِيَةٍ كانَت مِنَ اللَهِ جَلَّلَت ** مَشارِقَها أَمناً إِلى مَغرِبِ الأُملِ)
(وَكُنتَ المُصَفّى مِن قُرَيشٍ وَلَم يَكُن ** لِوَطئِكَ فيهِم زَيغُ كَعبٍ وَلا نَعلِ)
(أَشاروا بِها في الأَمرِ غَيرَكَ مِنهُمُ ** وَوَلّاكَها ذو العَرشِ نَحلاً مِنَ النُحلِ)
(حَباكَ بِها اللَهُ الَّذي هُوَ ساقَها ** إِلَيكَ فَقَد أَبلاكَ أَفضَلَ ما يُبلي)
(وَسيقَت إِلى مَن كانَ في الحَربِ أَهلَها ** إِلى واضِحٍ بادٍ مَعالِمُهُ سَهلِ)
(وَما أَصلَتوا فيها بِسَيفٍ عَلِمتُهُ ** وَلا بِسِلاحٍ مِن رِماحٍ وَلا نَبلِ)
(فَنُصحي لَكُم قادَ الهَوى مِن بِلادِهِ ** إِلى مَنبِتِ الزَيتونِ مِن مَنبِتِ النَخلِ)














مصادر و المراجع :

١- ديوان الفرزدق

المؤلف: أبي فراس همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.

(38 هـ - 658 م) (110 هـ - 728 م)

شرحه وضبطه وقدّم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

الطبعة: الأولى (1407 هـ - 1987 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید