المنشورات

ما بي عن أحساب قومي من شغل

البحر: طويل
بلغ نساء بني مجاشع فحش جرير بهن فأتين الفرزدق مقيدًا فقلن: قبح الله قيدك فقد هتك جرير عورات نسائك فلحيت شاعر قوم! فأحفظته ففض قيده وقد كان قيد نفسه قبل ذلك وحلف أن لا يطلق قيده حتى يجمع القرآن فقال:
(أَلا اِستَهزَأَت مِنّي هُنَيدَةُ أَن رَأَت ** أَسيراً يُداني خَطوَهُ حَلَقُ الحِجلِ)
(وَلَو عَلِمَت أَنَّ الوَثاقَ أَشَدُّهُ ** إِلى النارِ قالَت لي مَقالَةَ ذي عَقلِ)
(لَعَمري لَئِن قَيَّدتُ نَفسي لَطالَما ** سَعَيتُ وَأَوضَعتُ المَطِيَّةَ لِلجَهلِ)
(ثَلاثينَ عاماً لا أَرى مِن عَمايَةٍ ** إِذا بَرَقَت إِلّا شَدَدتُ لَها رَحلي)
(أَتَتني أَحاديثُ البَعيثِ وَدونَهُ ** زَرودٌ فَشاماتُ الشَقيقِ إِلى الرَملِ)
(فَقُلتُ أَظَنَّ اِبنُ الخَبيثَةِ أَنَّني ** شُغِلتُ عَنِ الرامي الكِنانَةَ بِالنَبلِ)
(فَإِن يَكُ قَيدي كانَ نَذراً نَذَرتُهُ ** فَما بِيَ عَن أَحسابِ قَومِيَ مِن شُغلِ)
(أَنا الضامِنُ الراعي عَلَيهِم وَإِنَّما ** يُدافِعُ عَن أَحسابِهِم أَنا أَو مِثلي)
(وَلَو ضاعَ ما قالوا اِرعَ مِنّا وَجَدتَهُم ** شِحاحاً عَلى الغالي مِنَ الحَسَبِ الجَزلِ)
(إِذا ما رَضوا مِنّي إِذا كُنتُ ضامِناً ** بِأَحسابِ قَومي في الجِبالِ وَفي السَهلِ)
(فَمَهما أَعِش لا يُضمِنوني وَلا أَضَع ** لَهُم حَسَباً ما حَرَّكَت قَدَمي نَعلي)
(وَلَستُ إِذا ثارَ الغُبارُ عَلى اِمرِئٍ ** غَداةَ الرِهانِ بِالبَطيءِ وَلا الوَغلِ)
(وَلَكِن تَرى لي غايَةُ المَجدِ سابِقاً ** إِذا الخَيلُ قادَتها الجِيادُ مَعَ الفَحلِ)
(وَحَولَكَ أَقوامٌ رَدَدتَ عُقولَهُم ** عَلَيهِم لَكانوا كَالفَراشِ مِنَ الجَهلِ)
(رَفَعتُ لَهُم صَوتَ المُنادي فَأَبصَروا ** عَلى خَدِباتٍ في كَواهِلِهِم جُزلِ)
(وَلَولا حَياءٌ زِدتَ رَأسَكَ هَزمَةً ** إِذا سُبِرَت ظَلَّت جَوانِبُها تَغلي)
(بَعيدَةُ أَطرافِ الصُدوعِ كَأَنَّها ** رَكِيَّةُ لُقمانَ الشَبيهَةُ بِالذَحلِ)
(إِذا نَظَرَ الآسونَ فيها تَقَلَّبَت ** حَماليقُهُم مِن هَولِ أَنيابِها الثُعلِ)
(إِذا ما رَأَتها الشَمسُ ظَلَّ طَبيبُها ** كَمَن ماتَ حَتّى اللَيلِ مُختَلَسَ العَقلِ)
(يَوَدَّ لَكَ الأَدنَونَ لَو مُتَّ قَبلَها ** يَرَونَ بِها شَرّاً عَلَيكَ مِنَ القَتلِ)
(تَرى في نَواحيها الفِراخَ كَأَنَّما ** جَثَمنَ حَوالي أُمِّ أَربَعَةٍ طُحلِ)
(شَرَنبَثَةٌ شَمطاءُ مَن يَرَ ما بِها ** تُشِبهُ وَلَو بَينَ الخُماسِيُّ وَالطِفلِ)
(إِذا ما سَقوها السَمنَ أَقبَلَ وَجهُها ** بِعَينَي عَجوزٍ مِن عُرَينَةَ أَو عُكلِ)
(جُنادِفَةٍ سَجراءَ تَأخُذُ عَينُها ** إِذا اِكتَحَلَت نِصفَ القَفيزِ مِنَ الكُحلِ)
(وَإِنّي لَمِن قَومٍ يَكونُ غَسولُهُم ** قِرى فَأرَةِ الدارِيِّ تُضرَبُ في الغَسلِ)
(فَما وَجَدَ الشافونَ مِثلَ دِمائِنا ** شِفاءً وَلا الساقونَ مِن عَسَلِ النَحلِ)











مصادر و المراجع :

١- ديوان الفرزدق

المؤلف: أبي فراس همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.

(38 هـ - 658 م) (110 هـ - 728 م)

شرحه وضبطه وقدّم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

الطبعة: الأولى (1407 هـ - 1987 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید