المنشورات

وقائله والدمع يحدر كحلها

البحر: طويل
لما مات زياد بن أبيه وفد بنو زياد إلى معاوية فقال لهم معاوية: والله ما رأيت أباكم حرك رجلاً منكم، ولا ولاه شيئًا من عمله، والرجل أعلم بولده. فأنصت القوم وتكلم عبيد الله بن مرجانة عليه لعنة الله، فقال: يا أمير المؤمنين لا يقولنها لنا قائل بعدك. فيقول: لم يولهم أبوهم ولا عمهم. فاختبأها معاوية في عقله، فوجهه إلى خراسان ليخبره فكان عليها سنة فضبطها وافتتح مدائن بها، ثم قدم على معاوية بالجابية، ومعه البخارية، فاستعمله معاوية على البصرة، فكان على شرطة هبيرة بن ضمضم المجاشعي، فأصاب القعقاع ابن عوف بن القعقاع بن معبد بن زرارة دمًا في بني سعد بن زيد مناة، فخرج القعقاع هاربًا حتى نزل ماء يقال له كنهل، فاستعدت بنو سعد عبيد الله على القعقاع، فبعث هبيرة بن ضمضم في خيل وقال له: لئن لم تأتني به لأقتلنك فظفر به هبيرة فامتنع عليه فبوأ له هبيرة الرمح ليستأسر، وهو لا يريد قتله، فأصابه الرمح فهجم على جوفه، فمات من تلك الطعنة مكانه، فرجع هبيرة خائبًا فقال الفرزدق:
(وَقائِلَةٍ وَالدَمعُ يَحدُرُ كُحلَها ** لَبِئسَ المَدى أَجرى إِلَيهِ اِبنُ ضَمضَمِ)
(غَزا مِن أُصولِ النَخلِ حَتّى إِذا اِنتَهى ** بِكِنهِلَ أَدّى رُمحُهُ شَرَّ مَغنَمِ)
(فَلَو كُنتَ صُلبَ العودِ أَو ذا حَفيظَةٍ ** لَوَرَّيتَ عَن مَولاكَ في لَيلِ مُظلِمِ)
(لَجُرتَ بِهادٍ أَو لَقُلتَ لِمُدلِجٍ ** مِنَ القَومِ لَمّا يَقضِ نَعسَتَهُ نَمِ)
(وَكُنتَ كَذِئبِ السوءِ لَمّا رَأى دَماً ** بِصاحِبِهِ يَوماً أَحالَ عَلى الدَمِ)
(لَقَد خُنتَ قَوماً لَو لَجَأتَ إِلَيهِمِ ** طَريدَ دَمٍ أَو حامِلاً ثِقلَ مَغرَمِ)
(لَأَلفَيتَ فيهِم مُطعِماً وَمُطاعِناً ** وَراءَكَ شَزراً بِالوَشيجِ المُقَوَّمِ)
(لَكانوا كَرُكنٍ مِن عَمايَةَ مِنهُمُ ** مَنيعِ الذُرى صَعبٍ عَلى المُتَظَلِّمِ)
(فَلا شَرِبوا إِلّا بِمِلحٍ مُزَلَّجٍ ** وَلا نَسَكوا الإِسلامَ إِن لَم تَنَدَّمِ)













مصادر و المراجع :

١- ديوان الفرزدق

المؤلف: أبي فراس همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.

(38 هـ - 658 م) (110 هـ - 728 م)

شرحه وضبطه وقدّم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

الطبعة: الأولى (1407 هـ - 1987 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید