المنشورات

أبي الحزن أن أسلى

البحر: طويل
قال يرثي ابنيه:
(أبى الحزنُ أنْ أسلى بنيّ وسورةٌ ** أرَاهَا إذا الأيْدِي تَلاقَتْ غِضَابُهَا)
(وَما ابْنَايَ إلاّ مِثْلُ مَنْ قَد أصَابَهُ ** حِبَالُ المَنَايَا مَرُّهَا واشْتِعَابُهَا)
(ثَوَى ابْنَايَ في بَيْتيْ مُقَامٍ كِلاهُمَا ** أخِلّتُهُ عَنّي بَطِيءٌ ذَهَابُهَا)
(وَمَحْفُورَة لا مَاءَ فيهَا مَهيبَة ** يغطّى بأعوادِ المنيّةِ نابها)
(أنَاخَ إلَيْهَا ابْنايَ ضَيْفَيْ مَقامَةٍ، ** إلى عصبةٍ ما تستعارُ ثيابها)
(فلمْ أرَ حياً قدْ أتى دونَ نفسهِ ** منَ الأرضِ جولا هوةٍ وترابها)
(منَ النّاسِ إلأاّ أنّ نفسي تعلقتْ ** إلى أجَلٍ حَتى يَجِيءَ مُصَابُهَا)
(وَكانُوا همُ المالَ الذي لا أبِيعُهُ، ** وَدِرْعي إذا ما الحَرْبُ هَرّتْ كلابُهَا)
(وكمْ قاتلٍ للجوعِ قدَ كانَ منهمُ، ** ومنمْ حيةٍ قدْ كانَ سماً لعابهم)
(إذا ذُكِرَتْ أسْمَاؤهُمْ أوْ دُعُوا بها ** تَكَادُ حَيَازِيمي تفَرّى صِلابُهَا)
(وَكنتُ بِهمْ كاللّيثِ في خِيسِ غابةٍ ** أبَى ضَارَعاتٍ كانَ يُرْجَى نُشابُهَا)
(وكنتُ وإشرافي عليهمْ وما أرى ** لنفسي إذْ همْ في فؤادي لبابها)
(كراكزِ أرماحٍ تجزَّعنْ بعدما ** أقيمتْ حوانيها وسنتْ حرابها)
(إذا ذَكَرَتْ عَيْني الّذِينَ هُمُ لهَا ** قَذىً هيجَ منها للبكاءِ انْسِكابُهَا)
(بَني الأرْضِ قد كانُوا بَنيّ فعَزّني ** عليهمْ، لآجالِ المنايا كتابها)
(وَلوْلا الّذِي للأرْضِ ما ذَهَبَتْ بهم ** وَلمّا تَفَلّلْ بِالسّيُوفِ حِرَابُهَا)
(وَكَائِنْ أصَابَتْ مُؤمِناً مِنْ مُصِيبةٍ ** على اللهِ عقباها، ومنهُ ثوابها)
(هَجَرْنَا بُيُوتاً، أنْ تُزارَ، وَأهْلُها ** عَزِيزٌ عَلَيْنا، يا نَوارُ، اجْتِنَابُهَا)
(وداعٍ عليّ الله لوْ متُّ قدْ رأى ** بدعوتهِ ما يتقي لوْ يجابها)
(ومنْ متمنٍّ أنْ أموتَ وقد بنتْ ** حياتي لهُ شماً عظاماً قبابها)
(سيبلغُ عني الأخطلينِ ابن غالبٍ ** وَأخطَلَ بَكْرٍ حِينَ عَبّ عُبَابُهَا)
(أخي وخليلي التغلبي، ودونه** سَخاوِيُّ تَنْضَى في الفَيافي رِكابُهَا)
(وخنسٌ تسوقُ السَّخلَ كلَّ عشيّة ** بِداوِيّةٍ غَبْرَاءَ دُرْمٍ حِدابُهَا)
(فَلا تَحْسِبَا أني تَضَعْضعَ جَانِبي، ** ولا أنّ نارَ الجربِ يخئو شهابها)
(بقيتُ وأبقتْ منْ قناتي مصابتي ** عَشَوْزَنَةً زوْرَاءَ صُمّاً كِعَابُهَا)
(على حدثٍ لوْ أنّ سلمى أصابها ** بمِثْلِ بَنيّ ارْفَضّ مِنْهَا هِضَابُهَا)
(وما زلتُ أرمي الحربَ حتى تركتها ** كسيرَ الجناحِ ما تدفّ عقابها)
(إذا ما امترها الحالبونَ عصبتها ** على الجَمْرِ حتى مَا يَدِرُّ عِصَابُهَا)
(وَأقْعَتْ على الأذْنابِ كُلُّ قَبِيلَةٍ، ** على مضضٍ مني، وذلتْ رقابها)
(أخٌ لكُما إنْ عَضّ بالحرْبِ أصْبحتْ ** ذلولاً، وإنْ عضتْ بهِ فلَّ نابها)












مصادر و المراجع :

١- ديوان الفرزدق

المؤلف: أبي فراس همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.

(38 هـ - 658 م) (110 هـ - 728 م)

شرحه وضبطه وقدّم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

الطبعة: الأولى (1407 هـ - 1987 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید